سباق بين محاولات تبريد الجبهة اللبنانية والتصعيد المؤشر الى الحرب
لا مساعي لوقف اطلاق النار بل العمل على تأمين معابر آمنة لادخال المساعدات الى غزة
عشرة ايام والحرب على وتيرتها المتصاعدة بين حماس والجيش الاسرائيلي الذي سقط بالضربة القاضية مهما حاول ان يقصف ويدمر اليوم مستقوياً بالدعم الاميركي والاوروبي، محاولاً جر الغرب الى اشتباكات مع القوى العربية التي تقف بوجهه. كان مقرراً كما قيل ان يبدأ العدو معركته البرية مع قطاع غزة امس الاحد ولكنه تراجع معلناً تأجيلها الى ايام، معتمداً القصف العشوائي على سكان غزة باطفالها ونسائها مرتكباً في كل لحظة جريمة حرب يحاسب عليها القانون الدولي، مانعاً وصول المياه والمواد الغذائية والكهرباء والادوية وكل مقومات الحياة الى السكان المدنيين وقد فتحت مصر معبر رفح وانتظرت اشارة من الامم المتحدة والاونروا لادخال المساعدات، ولكن الطريق بقيت محفوفة بالاخطار نتيجة القصف الاسرائيلي المتواصل. ويهدف العدو من وراء هذه الاعتداءات المدمرة الى دفع سكان غزة نحو سيناء، الامر الذي رفضته مصر بشدة. كما رفضته حماس.
ويبدو ان ما يجري مؤامرة كبرى ضد المنطقة باسرها، بدليل انه لم تجر محاولة واحدة لوقف اطلاق النار ووقف آلة الحرب المدمرة، وكل ما يتم تداوله هو تأمين ممرات آمنة لادخال المساعدات دون ان تكون هناك محاولات جدية لوقف القتال. بل على العكس فان المعركة سائرة نحو التصعيد، والدليل على ذلك ما اعلن عن ان حاملة طائرات اميركية ثانية في طريقها الى المنطقة لتنضم الى حاملة الطائرات الاكبر في الولايات المتحدة التي وصلت في بداية هجوم طوفان الاقصى لتحمي اسرائيل من السقوط.
في غضون ذلك بدأت الانظار تتجه اكثر فاكثر نحو الحدود اللبنانية، وهي الجبهة العربية الوحيدة التي تم تحريكها، بعيداً عن ارادة السلطة اللبنانية والشعب اللبناني بمعظمه، ليس لانه ضد القضية الفلسطينية، وهو الذي قدم لها على مر العقود الطويلة وفي جميع المناسبات، ما لم يقدمه اي طرف عربي آخر. الا ان وضعه اليوم وهو على ابواب الانهيار الكامل غير قادر، بل مستحيل عليه ان يتحمل اعباء حرب جديدة. لذلك فان القلق يتزايد جراء المناوشات التي تحصل يومياً وقد بدأت تشتد وتتصاعد اكثر فاكثر. ويزداد القلق عندما يعلن المسؤولون ان القرار ليس بيدهم، بل هو بيد حزب الله. فهل ان الحزب مستعد لادخال لبنان في حرب اكبر من طاقته على التحمل. يقولون ان الامور تحت السيطرة والمناوشات التي تجري تبقى عند الحدود المرسومة لها. وهذا الكلام لا يبعث على الثقة، لان الاشتباكات قد تتحول فجأة الى عنيفة وقد تنقلب الى حرب مدمرة، حتى وان كانت الاطراف المعنية لا ترغب في ذلك. وامس توسعت رقعة القصف الذي انطلق من الجنوب اللبناني، واستهدف مراكز عسكرية عدة للعدو الاسرائيلي واوقع فيها اصابات مباشرة وسقط قتلى وجرحى وقد ردت آلة الحرب الاسرائيلية بقصف عنيف على البلدات والقرى القريبة من خطوط التماس مستخدمة القنابل الفوسفورية، فاصابت المنازل المأهولة وسقط بنتيجتها قتيلان مسنان هما رجل وزوجته. وهناك مؤشرات تدل على انزلاق لبنان الى حرب ليس مستبعداً. فقد وجهت السلطات الالمانية تحذيراً الى مواطنيها طالبة منهم عدم زيارة لبنان واسرائيل. وكذلك فعلت الولايات المتحدة التي ستجلي اليوم رعاياها من اسرائيل بحراً الى قبرص. وانشأ الجيش الاسرائيلي منطقة عازلة تمتد من الحدود الى اربعة كيلومترات، اعلنتها منطقة عسكرية يحذر على المستوطنين دخولها. كما طلبت من السكان الذين لا يزالون في منازلهم على بعد كيلومترين من الخط الازرق البقاء الى جانب الملاجىء. انها كلها مؤشرات توحي باحتمال التصعيد الخطر وتبقي مرتبطة بتطورات المنطقة.
في هذا الوقت تستمر النداءات الدبلوماسية لوقف التوتير، والعمل بقوة على ابعاد لبنان عن الحرب. وكانت لافتة الزيارة التي قامت بها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى اللواء عباس ابراهيم، دون الافصاح عما دار خلال المحادثات، اللبنانيون يرفضون الحرب، قدموا الكثير واليوم جاء دور الجميع ليقفوا سداً منيعاً دون وصول الدمار الى بلدهم.
هذا وتصل اليوم الى بيروت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا قادمة من اسرائيل في اطار جولة على المنطقة وستعمل على اقناع المعنيين اللبنانيين بالتهدئة وعدم زج لبنان في حرب لا قدرة له على تحملها. كذلك طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من ايران عدم العمل على فتح جبهات جديدة وابعاد لبنان عن القتال. كذلك يزور المنطقة خلال ايام مبعوث صيني عاملاً على التهدئة.