سياسة لبنانيةلبنانيات

هل ينجح ميقاتي في تعيين حاكم لمصرف لبنان خلافاً للدستور ولارادة القوى المسيحية؟

هل تتحول الكوة التي تحدث عنها بري الى باب واسع يدخل منه الرئيس ومعه لبنان الى بر الامان؟

عندما يغيب الرأس تتعطل كل ادارات الدولة وتعم الفوضى، ويصبح كل صاحب مركز يعتقد نفسه انه هو الرأس المدبر. هذه هي الفوضى العارمة التي يعيشها اللبنانيون حالياً مع طبقة سياسية لا تلتزم لا بدستور ولا بقوانين، وعندما تضطر تفسرها وفق مصالحها.
خمسة ايام وتنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد حكم دام ثلاثين سنة وانتهت نتائجه امام المحاكم اللبنانية والاوروبية. غير ان المهم الان هو التخبط الذي تعيش فيه الطبقة الحاكمة. رغم ان الامور لا تستوجب كل هذه الفوضى. فالقانون ينص على ان يتولى نائب الحاكم الاول المسؤولية، الى ان يتم تعيين حاكم جديد، لا يمكن لحكومة تصريف اعمال تعيينه بغياب رئيس الجمهورية. ولكن القوانين عندنا وجهة نظر، فبعد اجتماعات ومداولات ومحاولة نواب الحاكم الاربعة التنصل من المسؤولية وهددوا بالاستقالة، استعان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي برئيس مجلس النواب الذي اوعز اليه بعقد جلسة لمجلس الوزراء، وتعيين حاكم جديد خلافاً للصلاحيات المعطاة لحكومته. ولكن لا يهم فالدستور مطواع ويمكن استخدامه لخدمة المتحكمين بالبلد. ولم يخالف ميقاتي الطلب فدعي مجلس الوزراء الى جلسة عاجلة غداً الخميس جدول اعمالها بند واحد هو الشؤون المالية. هل ينجح بري وميقاتي في هذا التعيين؟ وهناك اسماء مرشحة لخلافة سلامة، ولكن الامر ليس بهذه السهولة. فالكتل المسيحية تعارض هذا التوجه، وقد هدد التيار الوطني الحر بعظائم الامور اذا سارت الحكومة بهذا التوجه. كذلك فان حزب الله يعارض التعيين في غياب رئيس الجمهورية، وسبق له وسلم بذهاب مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، ولم يوافق على تعيين خلف له كما لم يوافق على التمديد. لذلك فان الامور ليست بالسهولة التي يتصورها البعض ولننتظر الغد لمعرفة كيف ستتطور هذه القضية، مع العلم ان الوقت داهم ولم يعد يسمح بالترف السياسي.
على الصعيد السياسي وبالتحديد انتخاب رئيس للجمهورية، ينهي الشغور الذي ختم شهره التاسع، وصل الى بيروت الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان في زيارة ثانية، لا يبدو ان نتائجها ستختلف كثيراً عن الاولى. انه يحمل معه توصيات اللجنة الخماسية التي ابتعدت عن المبادرة الفرنسية.. فلم يعد متمسكاً بترشيح سليمان فرنجية، وكذلك سقطت ايضاً طاولة الحوار التي كانت فرنسا تعمل لها. ولذلك يعتقد ان لودريان سيعتمد الحوارات المصغرة مع كل كتلة او كتلتين على حدى. وهذا ما بدأه امس فور وصوله. فقد زار عين التينة واجتمع مطولاً الى الرئيس نبيه بري الذي جدد تمسكه بترشيح سليمان فرنجية وكأنه اراد ان يقطع الطريق على اي طرح اخر يصدر عن لودريان.
الموفد الفرنسي خرج من هذا اللقاء دون الادلاء باي تصريح، الا ان الرئيس بري وصفه بانه كان ايجابياً، وقال انه فتح كوة في جدار ملف انتخابات الرئاسة. وقد استغربت الاوساط المراقبة هذا الكلام، فالرئيس بري وبدلاً من ان ينتظر الموفد الفرنسي ليشير الى كوة صغيرة في جدار الازمة، فهو يملك فتح باب واسع في هذا الجدار والدخول بامان وانتخاب رئيس ينهي الشغور وليس مطلوباً منه اكثر من تطبيق الدستور، فلا يقفل المجلس النيابي، فيدعو الى جلسة ذات دورات متعددة وبذلك يتم انتخاب الرئيس وتنتهي الازمة. ولكن الدستور الذي كان السياسيون القدامى يؤمنون به ويحترمونه، وقد سماه الرئيس فؤاد شهاب «الكتاب»، اصبح اليوم غب الطلب يستخدمه كل طرف سياسي لتحقيق مآربه.
هذه الفوضى ستبقى مسيطرة وتقود البلد الى مزيد من التدهور والانهيار، الى ان يعود اللبنانيون الى لبنانيتهم الصحيحة، فيلتزموا بالقوانين المعمول بها، ويقدموا مصلحة البلد والشعب على ما عداها. اما اذا بقيت المصالح الخاصة هي التي تتحكم، فلن نصل ابداً الى شط الامان. وعلى فريق الممانعة الذي يعطل الانتخاب، ان يراجع حساباته. هل من المعقول ان ينتخب رئيس وهو يحتل المركز المسيحي الاول، بعيداً عن الكتل المسيحية؟ الحل بسيط ويقضي بالعودة الى الاصول وسرعان ما تحل كل المشاكل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق