مؤشرات اليوم الاول لزيارة لودريان تدل على تمسكه بالحوار والمعارضة ترفض والفشل يتقدم

انهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان اليوم الاول من زيارته الثالثة الى لبنان بجولة على عدد من المسؤولين والاطراف السياسية. المحطة الاولى كانت في السرايا الحكومية، حيث التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. قال وهو يغادر انه يأمل ان تكون مبادرة الرئيس بري بداية الطريق الى الحل. وانتقل الى عين التينة وقد وصف بري اللقاء مع لودريان بالايجابي جداً. وان الحل هو بالحوار الحوار الحوار. المحطة الثالثة كانت في اليرزة حيث التقى قائد الجيش العماد جوزف عون في زيارة لافتة، لها ابعادها على الصعيد السياسي والامني. واطلع لودريان على الصعوبات التي تعترض الجيش في وقف موجة النزوح غير الشرعي، الذي اصبح يهدد لبنان وجودياً. واكد ان فرنسا ستستمر في دعم الجيش اللبناني. بعد ذلك زار الوزير السابق سليمان فرنجية في منزل نجله النائب طوني فرنجة في الاشرفية وكان تشديد على الحوار وفي المساء زار مركز التيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي والتقى النائب جبران باسيل.
يستكمل الموفد الفرنسي جولته اليوم، فيلتقي كتلة الوفاء للمقاومة ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ورئيس حزب القوات اللبنانية في معراب سمير جعجع كما يستقبل عدداً من النواب المستقلين وبعض التغييرين في قصر الصنوبر. والبارز في هذه الجولات دخول السفير السعودي وليد بخاري على الخط فوجه دعوة الى النواب السنة وبعض المستقلين للقاء في منزله في اليرزة مع لودريان بعد ظهر غد الخميس. وهذا يدل على ان الموفد الفرنسي يعمل بالتنسيق مع اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، قطر ومصر). فهل ان هذه اللجنة التي لم تأت في بيانها يوم التقت في الدوحة، على ذكر الحوار اصبحت مؤيدة له؟ فعلى الرغم من ان لودريان اعلن انه لن يفصح عن رأيه الا بعد استكمال جولته على كل القوى والكتل المعنية بانتخاب رئيس للجمهورية، فقد بات واضحاً من خلال كلمات قليلة صدرت عنه بانه لا يزال على طرحه الاول وهو الحوار، الذي رفضته المعارضة وبعض المستقلين لانه مخالف للدستور، الذي ينص على التوجه الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس. واصبح واضحاً انه يتكامل مع مبادرة الرئيس بري، رغم ما حملت من مواقف والذي يدعو فيها مثلاً الى حوار يسبق الانتخاب، وهذا ليس وارداً في النصوص. ثم انه يقول بعقد جلسات متتالية للمجلس النيابي مع ان الدستور يقول بجلسة واحدة مفتوحة على دورات متتالية، الى ان يتم انتخاب رئيس. فاذا جاء طرح لودريان على هذا الاساس، كما قيل ان مبادرته تتطابق مع مبادرة بري، فان الوساطة سائرة حتماً الى الفشل، لان المعارضة وعدداً من النواب المتعددي الاتجاهات يرفضون هذا الطرح، وعندها يغادر لودريان منهياً زيارته ومهمته. اما اذا كان يحمل جديداً، فيصبح من المعقول ان يحقق انجازاً وخطوة باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.
الاوساط المراقبة ليست متفائلة كثيراً، طالما ان موقف فرنسا المؤيد من اللجنة الخماسية كما قال لودريان نفسه، متمسكة بالحوار، وهو الطرح الذي قدمته منذ اللحظة الاولى والذي كان موضع رفض من عدد كبير من الكتل النيابية. لذلك تتجه الانظار الى قطر وهي ايضاً تبدي اهتماماً كبيراً بمساعدة لبنان واخراجه من هذه الازمة المستعصية. وقد تردد ان موفداً قطرياً سيصل الى بيروت للقيام بوساطة تقرب وجهات نظر الاطراف اللبنانية من بعضها. او ان قطر ستدعو عدداً من النواب تباعاً وليس دفعة واحدة الى الدوحة وفتح حوارات معهم للتوصل الى قاسم مشترك. باختصار ان الحركة ناشطة باتجاه لبنان وبقوة هذه المرة، فهل تثمر اخيراً ونصل الى انتخاب رئيس؟
القضية الثانية التي تشغل اللبنانيين مسؤولين ومواطنين هي النزوح السوري غير الشرعي الذي يهدد لبنان في كيانه. واعلنت قيادة الجيش انه تم ضبط 1250 نازحاً غير شرعي خلال هذا الاسبوع. وما يثير القلق اكثر، ان معظم النازحين هم من الشباب وبعضهم من يكونون يحملون افكاراً تكفيرية وثورية وغير ذلك. ومن هنا الخطر الحقيقي الذي يتهدد البلد. حتى الساعة لا تزال المعالجات الحكومية تقتصر على الكلام دون اي افعال ملموسة. الا ان الرئيس ميقاتي قال امس ان وزير الخارجية ورئيس اللجنة التي تشكلت للذهاب الى سوريا والتنسيق معها في قضية اللجوء ابلغه انه طلب موعداً من المسؤولين السوريين وينتظر الجواب. هذه القضية تستوجب موقفاً وطنياً جامعاً. وكان الخطأ الكبير الذي اقترفه البعض هو غياب عدد من الوزراء عن جلسة لمجلس الوزراء كانت مخصصة لبحث قضية النزوح. فعندما تكون هناك قضية تتعلق بمصير البلد تسقط كل الاعتبارات ويتضامن الجميع لمواجهتها. الا ان بعض المسؤولين او اكثرهم هم بعيدون عن حمل المسؤوليات الملقاة على اكتافهم ولذلك سار البلد نحو هذه الهاوية ولا يزال مستمراً في الهبوط. فعلى امل ان ينقذ الله لبنان من اخطاء ابنائه قبل اخطاء الخارج.