سقطت كل الحلول لودريان يتردد في العودة والازمات الداخلية الى تصعيد

يتمدد الشغور الرئاسي الى امد غير منظور. فالمجلس النيابي غير مستعجل، خصوصاً وان النواب هم اليوم في عطلة صيفية يستمتعون باوقاتهم. فقد تعبوا من كثرة ما انجزوا بعد سنة ونيف على انتخابهم. كما ان الوضع اللبناني في احسن حالاته ويحتمل التأجيل. فبعد شهر ذهب هباء، دون ان يتحقق خلاله اي شيء، رغم ان الظروف لا تسمح باضاعة دقيقة واحدة، وفيما كان الجميع ينتظرون عودة الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان، حاملاً المن والسلوى معه، فقد اعلن ان زيارته الى بيروت تأجلت الى النصف الثاني من ايلول وربما الى ابعد من ذلك، وهذا دليل واضح على فشله بسبب انحياز الموقف الفرنسي، الذي يبحث عن مصالحه قبل المصلحة اللبنانية. لذلك لم يعد الانفراج في هذا الوضع المتأزم وارداً، على الاقل في الوقت الراهن، ولم يعد منتظراً اي تحرك خارجي بعدما يئس الكل من هذه المجموعة السياسية اللاهثة وراء مصالحها الخاصة.
وطبيعي ان تكثر الازمات في مثل هذه الاجواء الملبدة، وتتنوع، وتتنقل بين الامن والحياة اليومية والسياسات الخاطئة التي تزيد الامور تعقيداً، وتصعّب حياة المواطنين وتجعلها شبه مستحيلة. وحده الجيش يبقى صمام الامان لهذا الوطن المعذب. فقد استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون وفداً من اهالي الكحالة، وجرى نقاش حول الحادث الاليم الذي وقع قبل ايام. وتولى القائد شرح الحادثة بتفاصيلها والتدابير المتخذة فخرج الوفد وهو يشيد بموقف الجيش. وتقرر ان يمثل امام المحققين اربعة من سكان البلدة كشهود في الحادثة. كما استقبل العماد عون وفداً نيابياً للغاية عينها وكذلك خرج الوفد وهو يثمن موقف الجيش وحكمة قيادته.
وعلى الصعيد المعيشي، ووسط موجة غلاء تصاعدية سجلت ارتفاعاً بنسبة اكثر من 6 بالمئة عن الشهر السابق، انفجر الخلاف بين وزيري الطاقة وليد فياض من جهة، ورئىيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل، حول باخرة الفيول التي استقدمها فياض وطلب تسديد ثمنها، الامر الذي رفضه ميقاتي وخليل باعتبار ان الخزانات ملأى. ولهذه الغاية عقد اجتماع في السرايا برئاسة ميقاتي، تقرر بنتيجته الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تحديد كمية مخزونها من الغاز اويل، ومدى توافر الاموال لديها لفتح الاعتمادات المطلوبة من قبل وزارة الطاقة والمياه، ليصار في ضوء ذلك الى بحث الموضوع في الاجتماع المقبل للجنة لاتخاذ القرار المناسب، وفقاً للالية التي تقررت في الاجتماع السابق للجنة. واكدت اللجنة ان ما تقدم لا يعتبر وباي شكل من الاشكال بمثابة موافقة من قبلها على طلب فتح الاعتمادات المطلوبة، لا سيما في ضوء عدم التزام الوزارة بقرار اللجنة، لناحية وجوب الاستحصال منها على قرار مسبق وواضح في هذا السياق، ويبقى الوزير في مطلق الاحوال، وتداركاً لاي ضرر لا تسأل عنه الدولة، حرية التصرف بالباخرة وفقاً لما يراه مناسباً. وهكذا بقيت الازمة قائمة تبحث عن حلول غير موجودة، في ظل هذا الكباش الذي له طابع سياسي اكثر منه مالي. وبات يخشى اذا تأزمت الامور اكثر ان تنعكس على التغذية بالتيار، فتقطع الكهرباء عن المنازل، ويعود المواطنون الى العتمة. مع العلم ان سعر كيلوواط ساعة في كهرباء الدولة اصبح يحتسب على دولار بـ 103 الاف ليرة لبنانية. وبذلك تعدت فاتورة الدولة فاتورة المولد. فكأن الجانبين اتفقا على نهب المواطن. والمثير في الامر ان احداً لا في الداخل ولا في الخارج لم يعد يهتم بما يعاني منه المواطنون، الذين تخلوا عن حقوقهم وسكتوا على الظلم اللاحق بهم. فاصبحوا بتقاعسهم نسخة عن الطبقة السياسية عنوانهما اللامبالاة والخضوع والتسليم باوامر الزعماء. فالشعوب في كل الدول تنتفض لحقوقها حتى في الدول الديكتاتورية، الا الشعب اللبناني الذي تدجن وخضع راكعاً. فهل بعد ذلك من امل لاي خلاص من هذه الحياة الجهنمية التي رسموها لنا؟