الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ… تصعيد بوجه تعطيل القضاء وتحرك باتجاه الخارج

الاقتراض من المصرف المركزي يوتر العلاقات بين بري وميقاتي: لا رواتب ولا ادوية
تصادف غداً الرابع من آب الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت الذي وصفته الاوساط الدولية بانه رابع تفجير في العالم من حيث القوة، وقد دمر نصف العاصمة واوقع 235 قتيلاً والاف الجرحى الذين لا يزال بعضهم يعاني حتى اليوم وقد اصيبوا بعاهات دائمة. وتأخذ الذكرى هذه السنة طابعاً تصعيدياً بالمقارنة مع الماضي خصوصاً وان التدخلات السياسية نجحت في شل القضاء ومنعه من اكمال مهمته وكشف الحقيقة وتقديم المجرمين الى العدالة، وسط تقاعس دولي الى حد ما والسبب معروف وهو الحرص على ان يكون لجهة خارجية معينة علاقة بالحادث وهذه الدول لا تريد فضحها. الا ان الحركة الدؤوبة التي يقوم بها ذوو الضحايا والاتصالات المكثفة مع المنظمات الدولية والانسانية بدأت تعطي مفعولها وظهرت احكام في بعض الدول الاوروبية تكشف بعض جوانب الجريمة.
وفي الداخل ينظم اهالي الضحايا مسيرة عند الساعة الثالثة من بعد الظهر وحتى السادسة، تنطلق من مركز اطفاء بيروت في الكرنتينا وتصل الى تمثال المغتربين. يشارك فيها عدد كبير من اللبنانيين وبعض الدبلوماسيين، وقد اعلنت ممثلة الامين العام للامم المتحدة يوانا فرنشيسكا مشاركتها في هذه الوقفة تضامناً مع اهالي الضحايا. وكان عدد من السفراء راجعوا وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وطالبوا بكشف الحقيقة.
في زحمة الاحداث المتلاحقة توترت العلاقات بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي على خلفية الاقتراض من المصرف المركزي لتغطية نفقات الحكومة. وكان ميقاتي قد وعد نواب الحاكم باصدار مشروع قانون يرسله الى المجلس النيابي يقضي بالاقتراض. الا انه تراجع عن هذا الوعد وحاول القاء المسؤولية على المجلس النيابي. واقترح ان يقوم عدد من النواب بتقديم اقتراح قانون لهذه الغاية، الا ان الرئيس بري رفض الامر. اما القائم باعمال الحاكم وسيم منصوري فأكد انه لن يوقع على اي صرف دون تشريع يجمع بين المصرف والحكومة والمجلس النيابي.
وهنا تطرح اسئلة عدة هل يقبل النواب مثلاً بتبني هكذا قرار، خصوصاً وان الاقتراض سيكون من اموال المودعين، والنواب جميعاً كانوا دائماً يقولون انهم مع اعادة الحقوق الى اصحابها؟ والسؤال الاخر من يضمن ان الكتل النيابية تستطيع تأمين النصاب اللازم، لاقرار هكذا قانون؟ ان القائمين بالمشروع يعتمدون على التيار الوطني الحر الذي يجري محادثات مع حزب الله وصفت بانها ايجابية جداً، وقد بدأت تظهر تصريحات من بعض اعضاء التيار توحي باستعادة العلاقات السابقة بين التيار والحزب.
ازاء هذه الاوضاع المتأزمة زار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، على رأس وفد وزاري، الديمان مقر البطريركية المارونية الصيفي واجتمعوا الى البطريرك بشاره الراعي وعدد من المطارنة الموارنة، الذين كانوا يعقدون اجتماعهم الشهري. وقد جرى التداول في الامور الراهنة وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو مفتاح الحلول لكل هذه الازمات. انه ليس كل الحل ولكنه البداية ويفتح الطريق لاعادة تحريك المؤسسات. وتقرر عقد اجتماع للوزراء في الديمان يوم الثلاثاء المقبل للتشاور في امور اخلاقية وانسانية وخصوصاً يتعلق ببعض الحركات التي تجتاح الطلاب.
وتطرق ميقاتي في حديثه الى الوضع الصعب الذي تعانيه الحكومة وطالب بانتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت قائلاً: انه لا يطمع بمصادرة صلاحيات احد وان المراسيم التي وقعها هي لخدمة المصلحة العامة وتسيير امور البلاد والناس. وعن الاقتراض من المصرف المركزي اكد ان لا رواتب ولا ادوية في اخر شهر اب الجاري، اذا لم يقر تشريع يسمح بالاقتراض من اموال المودعين وفق شروط محددة ولمدة معينة. الا ان نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي يرفض هذا الامر ويؤكد ان الدولة عاجزة عن رد قيمة القرض، خصوصاً وان كل شيء متوقف ولا دخل للخزينة.
انها صورة واضحة تؤكد السير بالانهيار السريع الى حيث يصبح الخروج منه امراً مستحيلاً. ولكن النواب لا يبالون وهم يقضون عطلتهم الصيفية لا بل السنوية لانهم في عطلة دائمة، فيتواجدون اما على البحر واما في اماكن الاصطياف او خارج البلاد. والناس هنا يموتون جوعاً.