سياسة لبنانيةلبنانيات

صفحات سوداء تضاف الى سجل المنظومة والجيش يطوق فتنة في القرنة السوداء

الحكومة تتنكر لابنائها المغيبين قسراً في سوريا وصندوق النقد يدق ناقوس الخطر ويحملها المسؤولية

انتهت العطلة الطويلة وعاد المشهد السياسي يرخي بثقله على الحياة اليومية البائسة للبنانيين، مسجلاً المزيد من الصفحات السوداء في سجل المنظومة التي لم تبق على شيء من مقومات الوطن. فالشغور الرئاسي على حاله تطوقه الانقسامات. فهناك فريق يطالب يومياً بالحوار ولكنه حوار مشروط ينحصر بمرشح واحد لا رجوع عنه، وفريق اخر يرفض هذا الطرح وقد فشلت كل المحاولات حتى الساعة في تقريب وجهات النظر. يضاف الى المشهد الداخلي، انشغال فرنسا باحداثها الامنية، بحيث لم يعد يعول كثيراً على مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان. لقد تراجع الملف اللبناني كثيراً رغم الحديث عن احتمال عقد اجتماع اللجنة الخماسية التي تضم الدول المهتمة بلبنان وهي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر وقد تنضم اليها ايران. فهل هي قادرة على تقديم مبادرة تخرق هذا الضباب الكثيف؟ اما المنظومة السياسية فماضية في سياستها البعيدة كل البعد عن شعبها. فقد اقدمت الحكومة عبر وزير خارجيتها على الامتناع عن التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة على قرار ينص على انشاء «المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا لجلاء مصير ومكان المفقودين» الذين تقدر منظمات غير حكومية عددهم باكثر من مئة الف شخص. القرار تبنته الجمعية العامة باغلبية 83 صوتاً مقابل 11 ضده وامتناع 62 عن التصويت بينها لبنان، متنكراً لعدد من ابنائه فقدوا في سوريا، وفشلت كل الجهود والوساطات في كشف مصيرهم، ولا يزال اهلهم يعيشون على امل جلاء الحقيقة يوماً، فجاء قرار الحكومة يوجه ضربة قاسية جداً اليهم والى اللبنانيين جميعاً.
وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وبعد توالي ردود الفعل المستنكرة لامتناع لبنان عن التصويت معتبرة هذا الموقف بانه طعنة لعائلات نحو 17 الف لبناني مخفيين قسراً، قال ان لبنان تماشى مع شبه الاجماع العربي وعدم تسييس الملف الانساني، وان المحادثات ستتواصل لجلاء الحقيقة مع علمه الاكيد بان هذه المحاولات لم تثمر يوماً ولن تثمر ابداً. انه موقف اثار استغراب العالم لتنكر الحكومة للبنانيين الذين يتوجب عليها ان تكون مسؤولة عن حياتهم وسلامتهم، الا انها فضلت ارضاء سوريا على كل ما عداها. ومن هنا كانت الدعوات الملحة بضرورة استقالة هذه الحكومة وخصوصاً استقالة وزير الخارجية.
والصفحة الاشد سواداً التي اضيفت الى سجل المنظومة الفاشلة كان تقرير صندوق النقد الدولي الذي اعرب عن بالغ قلقه ازاء الازمة العميقة متعددة الابعاد، التي تواجه لبنان منذ اكثر من ثلاث سنوات وادت الى انهيار حاد في الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، محذراً من مخاطر وتكلفة الاستمرار في تأجيل الاصلاحات.
وتوقع التقرير ارتفاع الدين العام الى 550 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول العام 2027، اذا استمر الوضع القائم. وكشف ان تأخير اعادة هيكلة القطاع المالي كلف المودعين نحو عشرة مليارات دولار، وان الاصلاحات كانت دون التوقعات. ودعا الصندوق الى ضرورة التنفيذ الحاسم للاصلاحات الشاملة لحل الازمة وتحقيق التعافي المستدام. واشار الى الدور الحيوي للدعم من قبل المانحين في انعاش الاقتصاد بمجرد البدء بتنفيذ الاصلاحات، والى ضرورة حماية المودعين ما يساهم في دعم اعادة الهيكلة. واخيراً حمل الحكومات المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار.
كيف استقبلت المنظومة هذه الانتقادات والتحذيرات؟ بكل بساطة لقد اعتبرت ان التقرير غير موجه اليها ولا يعنيها، واستمرت في سياستها القاتلة. فلا المجلس النيابي حرك ساكناً وتداعى لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا لاقرار مشاريع الاصلاحات. وكان قد اقر بعضها قوبل بالرفض لانه لم يأت على قدر ما يطلب منه. ولا الحكومة بادرت الى القيام بما يتوجب عليها. باختصار المنظومة بعيدة باشواط عن اللبنانيين الذين يعانون الامرين من الضائقة المالية والمعيشية والتي تستمر الحكومة في تعميقها من خلال فرض ضرائب ورسوم وقرارات عشوائية تفوق باشواط قدرة المواطنين على التحمل. ان هذه الحكومة فقدت كل حس في تحمل المسؤولية، وهي اصلاً لم تتحملها يوماً ويستمر الشعب في تحمل تبعات هذه السياسة الفاشلة. ومن مآثر هذه المنظومة واهمالها، الفتنة التي لاحت بوادرها في القرنة السوداء بين بشري والضنية وذهب ضحتيها قتيلان من ابناء بشري لن ندخل في التفاصيل بانتظار التحقيق الذي يجريه الجيش باشراف القضاء. وقد استطاع الجيش تطويق محاولات اشعال الفتنة وسيطر على الوضع وهو يعمل بجد على جلاء الحقيقة كاملة. وكان يفترض في الحكومات المتعاقبة انهاء المساحة في المنطقة وتحديد الحقوق فلا يعود هناك مجال لا للفتنة ولا للاشتباكات ولكنها لم تعمل على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق