لودريان حمل معه العناد والتصلب والمرحلة المقبلة رئيس وفاقي وحكومة حيادية

على مدى ثلاثة ايام، اجرى موفد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان – ايف لودريان، اتصالات ومشاورات مكثفة مع مختلف الكتل النيابية والاطراف السياسية، تناولت بالدرجة الاولى الشغور الرئاسي الذي يدخل بعد يومين شهره التاسع، والمواقف المتصلبة على حالها، دون اي التفات الى مصلحة الوطن. بالطبع لم يكتشف لودريان جديداً، وقد عرف هذه المواقف وحفظها، وهو طالما انتقدها.
في نهاية اليوم الثالث جمع اوراقه المليئة بالعناد والتصلب والتناقضات، وغادر عائداً الى باريس ليرفع تقريراً عن نتائج زيارته الى الرئيس الفرنسي. وقبل مغادرته اصدر بياناً مقتضباً قال فيه انه سيعود الى بيروت في القريب العاجل، لان الوقت لا يعمل لصالح لبنان. وقال انه سيعمل على تسهيل حوار بناء وجامع بين اللبنانيين للوصول الى حل توافقي وفعال لازمة الشغور الرئاسي، مضيفاً انه يسعى الى تسهيل الحوار بين اللبنانيين بالتنسيق مع الدول الشريكة الاساسية للبنان.. وختم لودريان اجتماعاته بلقاء مع سفراء الدول، التي شاركت في اجتماع حول لبنان في شباط الماضي في باريس، في اطار اللجنة الخماسية التي ضمت الى فرنسا، الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر. وعلم انهم اتفقوا على ضرورة القيام دون ابطاء بانتخاب رئيس للبنان، تمهيداً لمباشرة الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، في اطار برنامج للنهوض لقاء الحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي.
في هذا الوقت بقيت المواقف اللبنانية على تصلبها وعنادها، ولم يتبدل شيء. وعلى كل حال فالموفد الفرنسي لم يطرح افكاراً ولم يقدم اي مبادرة، بل كان مستمعاً اكثر منه متكلماً، على امل ان يعود الى بيروت بافكار وطروحات تساعد على الحل. فهل ينجح في مهمته؟ فالازمة اللبنانية اصبح حلها متعذراً محلياً. وجميع الاطراف يقولون بالحوار، ولكنهم يرفقون دعوتهم بالاعلان عن التمسك بمرشحهم، فعن اي حوار اذاً يتحدثون، وما معنى الحوار اذا كان مغلقاً، بالشروط المسبقة؟ ان هذه المواقف توحي بان الازمة لم تعد متعلقة بانتخاب رئيس وحسب، بل هي ترمي الى ابعد من ذلك، الى اي لبنان نريد، وهذا يتطلب مساعدة خارجية تعمل على تقريب وجهات النظر، على ان يكون الهدف النهائي مصلحة البلد والشعب.
وتفيد الانباء ان اللجنة الخماسية، وبعد الاطلاع على نتائج زيارة لودريان الذي سيرفع تقريره الى الرئيس الفرنسي، ويطلع الدول المعنية عليه، قد تجتمع للخروج بمبادرة تطرح على اللبنانيين اسماً توافقياً يرضي الجميع، ويكون بعيداً عن كل الاصطفافات الحالية، ترافقه حكومة فعالة، اعضاؤها مستقلون وذوو اختصاص ينكبون على انجاز الاصلاحات. فان تحقق ذلك يكون لبنان قد نجا من الانهيار الكامل، وسار في طريق التعافي والنهوض. والا فالخراب المؤكد وعلى القيادات السياسية ان تختار وتتحمل نتائج خياراتها. لقد عملت هذه الطبقة السياسية المتحكمة على مدى سنوات طويلة، على تدمير كل شيء خدمة لمصالحها الخاصة، فهل تسود لغة العقل والمنطق، ويتم التوافق على انقاذ البلد؟ هذا ما ستحمله الايام الطالعة.