الحديث عن حزيران موعداً لانتخاب رئيس هل يعني تبدلاً في المواقف ام مناورة سياسية؟

رياح خماسينية بدأت تهب على الاستحقاق الرئاسي، لتوقظه من شغور قاتل طال امده، حتى نسي البعض ان عليهم واجبات وطنية يجب القيام بها. فهل هناك تغيير في المواقف، وما هي الاسباب؟ هل هي نتيجة اقتناع شخصي ام سببها ضغوط اقليمية ودولية تعيب على السياسييين اللبنانيين هذا التقاعس؟ وهل بدأ هؤلاء ينزلون عن الشجرة؟ في اليومين الماضيين تردد حديث حول تحديد حزيران موعداً لانتخاب رئيس للجمهورية. فالسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا طالبت بان يكون هذا الشهر موعداً نهائياً للانتخاب. ويوم امس لاقاها رئيس مجلس النواب نبيه بري، محدداً 15 حزيران كحد اقصى لانتخاب رئيس للجمهورية، بعدما وصل الانهيار الى الخطوط الحمر، واصبح البلد كله في خطر التفكك والانحلال. فماذا يعني هذا الكلام؟ هل هو تبدل في المواقف نتج عن قناعة شخصية، ام انه جاء نتيجة ضغوط خارجية لا بد منها لانجاز الاستحقاق الرئاسي؟ ام انه دعوة للفريق الاخر للتراجع عن مواقفه، وانتخاب مرشح الممانعة سليمان فرنجية، مع العلم ان الرئيس بري هو اول من رشحه. لا بد من الانتظار لايام حتى تنجلي الاهداف الرئيسية لهذا الموقف.
اياً تكن الاسباب فانها تؤشر الى احتمال قرب موعد انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما وصلت الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية الى نقطة خطيرة للغاية. فهناك استحقاقات داهمة تنتظر الاستحقاق الرئاسي لينتظم عمل المؤسسات، وتعود الحياة الى طبيعتها، واهمها تعيين حاكم لمصرف لبنان يخلف رياض سلامة، الذي تنتهي ولايته الممددة في تموز المقبل. وقد اعلن رئيس المجلس نبيه بري بانه يرفض تعيين خلف لسلامة، في ظل الشغور الرئاسي. وبعد اشهر يشغر ايضاً منصب قائد الجيش، ومن الطبيعي لمعالجة كل هذه الامور لا بد من وجود شخص على رأس السلطة.
ماذا عن موقف المعارضة حيال كل هذه التحركات؟ يقول رئيس حزب الكتائب ان شريحة واسعة من قوى المعارضة هي على موقف واحد رافض لاي مرشح لحزب الله. فمعارضة فرنجية ليست شخصية، بل لان الاحداث تؤكد ان انتخاب مرشح للممانعة يعني التمديد للانهيار ست سنوات جديدة، فهل يستطيع البلد ان يتحمل ذلك؟ وتمسك المعارضة في مواقفها قد يكون اثّر على الاندفاعة الفرنسية باتجاه مرشح حزب الله، فبدأت بالتراجع، خصوصاً وانها تعرضت لانتقادات من الداخل الفرنسي عينه. كذلك فان رفض المملكة العربية السعودية التدخل في الانتخابات الرئاسية لانها تعتبرها شأناً داخلياً، اربك قوى الممانعة التي كانت تنتظر منها موقفاً مؤيداً لمرشحها.
باختصار هناك بوادر تبدل في المواقف فهل تنتج رئيساً في حزيران المقبل كما يتوقع الكثيرون، ام ان الامور ستبقى على حالها والاطراف على تصلبها والبلد الى الانهيار الكامل، خصوصاً وانه بدأ يخسر موقعه بين الدول، حتى مع الدول العربية، وقد رأينا كيف عقد الاجتماع الخماسي في الاردن لبحث قضية سوريا، وكان النازحون السوريون بنداً على جدول الاعمال، ولم يدع لبنان الى الاجتماع رغم انه المعني الاكبر بحركة النزوح السورية. فهل استفاق الضمير لدى الاطراف الداخلية كلها فبدأت بالتراجع، ام ان ما يجري مجرد مناورة سياسية لن تؤدي الى اي نتيجة. الجواب ينتظر مرور بعض الوقت حتى يمكن الحكم على التطورات.