رفع سعر الدولار الجمركي الى 90 الف ليرة هدية الحكومة الى العمال في عيدهم
عاملان اساسيان وراء تصلب قوى الممانعة الدعم الفرنسي وتشرذم المعارضة
تستمر التحركات الايجابية في المنطقة متأثرة بالتقارب السعودي الايراني، فيما الوضع في لبنان يسير من سيء الى اسوأ، بسبب عناد القوى السياسية والتشبث في مراكزها، غير عابئة بما وصلت اليه الحالة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، الذين يقفون طوال الليالي امام ابواب الامن العام، للحصول على جواز سفر يخولهم مغادرة البلد الذي تنكر حكامه لشعبهم، فاثر السفر الى بلدان يُحترم فيها الانسان، وتُؤمن لهم حياة كريمة افتقروا اليها في وطنهم. ورغم هذا الانهيار القاتل لا يزال الرئيس بري مصراً على عدم دعوة النواب الى جلسة مفتوحة، يتم فيها انتخاب رئيس للجمهورية، يكون البداية في عودة الحياة الى المؤسسات. ويشجع قوى الممانعة على هذا الموقف المتصلب عاملان اساسيان، اولهما الاندفاعة الفرنسية في دعم مرشح هذه الفئة، رغم معارضة الداخل والخارج. ذلك ان فرنسا تبحث عن مصالحها وهي تراها مؤمنة بالسير مع خط حزب الله، لانه يملك القوة وهو متحكم بكل مفاصل السلطة. اما العامل الثاني فهو تفكك المعارضة وتشرذمها وعجزها عن الاتفاق على مرشح واحد، تدفع به الى المجلس النيابي في مواجهة مرشح الممانعة. لقد بذلت محاولات كثيرة لجمع الكلمة، الا انها باءت كلها بالفشل، ولا يزال كل طرف متمسكاً برأيه. موقف واحد اثار الاهتمام تمثل بالتصريح الذي ادلى به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية محمد رعد، الذي قال ان حزب الله رشح النائب السابق سليمان فرنجية ودعمه، الا انه لم يقفل الباب. كما تحدث عن ضرورة تقديم التنازلات. هذا الموقف رأى فيه المراقبون ليونة، فسروا اسبابها بأنها قد تكون مرتبطة بالزيارة التي قام بها الى لبنان، وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان، وبالتقارب السعودي الايراني. فهل بدأ هذا التقارب يترك انعكاساته على الوضع في لبنان؟ من المبكر الاندفاع في هذا الاتجاه . فهناك ملفات في المنطقة امام الفريقين تتقدم على الملف اللبناني.
حيال هذا الواقع السياسي المأزوم، صدر عن البنك الدولي تقرير صنف لبنان في المرتبة الاولى في العالم، في ارتفاع نسبة التضخم التي بلغت 261 بالمئة اي ضعف ما هي عليه في زيمبابوي التي حلت في المرتبة الثانية وبلغت 128 بالمئة. فماذا تعني هذه الارقام؟ انها اولاً تبعد المستثمر عن لبنان، وتقفل الابواب امام دخول العملة الصعبة اليه. وثانياً انها تدمر الاقتصاد لاجيال عديدة. اما كيف كانت ردة فعل المنظومة المتحكمة، اللامبالاة وعدم الاهتمام، وكأن الامر لا يعنيها. ولو حصل ذلك في اي دولة من دول العالم لاقدم الحكام على تقديم استقالاتهم، فالمنظومة التي ترى الوضع المعيشي ينهار الى اقصى الحدود، والجوع يتمدد ويطاول المزيد من المواطنين، لا تبالي ولا تواجه، بل على العكس اقدمت على رفع سعر الدولار الجمركي الى 90 الف ليرة ابتداء من يوم امس عيد العمال، مما سيساهم في رفع اسعار المواد الغذائية بنسب عالية ويفاقم الوضع المنهار اصلاً الى اقصى الحدود. ويتوقع المراقبون والخبراء الاقتصاديون ان يشمل ارتفاع الاسعار جميع المواد الغذائية والسلع الاخرى، اذ ان المافيات والمتلاعبين بلقمة الفقير، لا يردعهم ضمير، خصوصاً وان الرقابة شبه معدومة، اللهم الا بالتصاريح التي لا مفعول لها لا داخل السوبرماركت ولا في المحلات التجارية الاخرى.
كيف قضى عمال لبنان عيدهم الذي بدل ان يحمل لهم الفرحة والتقديمات لاعانتهم على اجتياز هذه المرحلة الكارثية، عاد عليهم بالمزيد من الويلات والاعباء التي اصبح حملها مستحيلاً. ولذلك استقبلوا العيد بالاضرابات والاعتصامات والتظاهرات احتجاجاً على الظلم اللاحق بهم جراء سياسات خاطئة دمرت البلد وافقرته.
ازاء هذه الانهيار الحاصل ما هو الحل؟
ان الحل يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تضع البلاد على السكة الصحيحة وتبدأ فوراً بتنفيذ الاصلاحات مهما كانت قاسية، لانها تعيد الامل الى النفوس والثقة الى الداخل والخارج، فينتعش الوضع ويبدأ المستثمرون بالعودة. وما عدا ذلك عبثاً نفتش عن حلول.