السودان: تواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب واستمرار الضربات الجوية وسط هدنة هشة
في اليوم الثاني من بدء سريان وقف إطلاق النار بين الطرفين المتنازعين في السودان، تحدث شهود عيان عن تواصل الضربات الجوية على مواقع قوات الدعم السريع التي ترد باستخدام أسلحة ثقيلة. وتدل الأوضاع الميدانية على هشاشة تلك الهدنة التي توصل إليها الطرفان بوساطة أميركية. وفي سياق متصل، تستمر عمليات إجلاء رعايا الدول الأجنبية بتدخل سعودي، ووصلت سفينة تقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة فرّوا من العنف إلى السعوديّة الأربعاء. فيما اتسع نطاق الاشتباكات قرب الحدود التشادية بعد انضمام عدد من القبائل إلى القتال كما أن «اشتباكات بين مجموعات مختلفة» اندلعت أيضاً في منطقة النيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا.
وسط تقارير لشهود عيان عن المزيد من الضربات الجوية، دخل وقف إطلاق النار المبرم في السودان برعاية أميركية يومه الثاني لكنه لا يزال هشاً فيما تواصلت عمليات إجلاء الرعايا مع وصول سفينة على متنها 1687 مدنياً إلى السعودية الأربعاء.
فالمعارك في محيط «مواقع استراتيجية» في العاصمة الخرطوم بما في ذلك المطار الدولي «استمرت إلى حد كبير أو اشتدت في بعض الحالات» حسبما أوضح رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس متحدثاً من بورتسودان في شرق البلاد إلى حيث نقلت الأمم المتحدة بعض موظفيها.
تواصل المعارك
وبعد 11 يوماً من بدء المعارك التي خلفت أكثر من 459 قتيلاً وما يزيد على 4 آلاف جريح وفقاً للأمم المتحدة، قال بيرتيس إنه «لا يوجد مؤشر واضح حتى الآن على أن أياً من (طرفي النزاع) مستعد للتفاوض حقاً».
واستهدف الجيش السوداني الثلاثاء بطائراته مواقع لقوات الدعم السريع في ضواحي الخرطوم، فردّت الأخيرة باستخدام أسلحة ثقيلة، وفق ما روى شهود لوكالة الأنباء الفرنسية.
واستهدفت غارات جوية جديدة مساءً مركبات لقوات الدعم السريع في شمال الخرطوم حسب شهود آخرين. وقالت قوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو إنها سيطرت على مصفاة ومحطة كهرباء على بعد 70 كيلومتراً شمالي الخرطوم حسب مقطع فيديو نشر الثلاثاء.
وتحدث الجيش السوداني من جهته عبر فايسبوك عن تحرك كبير لقوات الدعم السريع نحو المصفاة من أجل الاستفادة من الهدنة والسيطرة عليها. وتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو الملقّب بحميدتي الاتهامات بخرق وقف النار.
كما يسري منذ أيام عدة وقف محلي لإطلاق النار في منطقة شمال دارفور الشاسعة (غرب) وفقًا للأمم المتحدة. وقد تعذر على الفور التأكد من تراجع حدة القتال العنيف الذي اندلع في إقليم دارفور الشاسع منذ بدء الأعمال العدائية في 15 نيسان (أبريل).
وقال بيرتيس الثلاثاء إن «المعارك استؤنفت قرب الحدود التشاديّة، وإن هناك تقارير متزايدة ومقلقة عن تسلّح قبائل وانضمامها إلى القتال»، مضيفًا أنّ «اشتباكات بين مجموعات مختلفة» اندلعت أيضاً في منطقة النيل الأزرق على الحدود الجنوبيّة الشرقيّة مع إثيوبيا.
كما أفاد شهود وكالة الأنباء الفرنسية باندلاع اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع استُخدمت فيها خصوصاً طائرات مقاتلة في ود بنده في غرب كردفان (جنوب)، وهي منطقة على الحدود مع دارفور.
توازياً، أبدت منظمة الصحة العالمية قلقها من خطر بيولوجي «هائل» بعد استيلاء «أحد الطرفين المتقاتلين» على «المختبر المركزي للصحة العامة» في العاصمة الذي يحوي عينات مسببة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
فرار معتقلين
وفقًا للمحامين، حدثت عملية فرار واحدة على الأقل من سجن في وقت سابق من هذا الأسبوع، مع ورود تقارير أخرى عن عملية فرار أخرى من سجن كوبر الذي يُحتجز فيه الرئيس السابق عمر البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.
وقال المساعد السابق للبشير، أحمد هارون، المطلوب أيضًا لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، في خطاب مسجل للتلفزيون السوداني في وقت متأخر الثلاثاء، إن عددًا من المسؤولين في نظام البشير قد خرجوا من السجن. وأضاف «ظَلَلنا كقيادات لثورة الإنقاذ الوطني بمحبسنا بكوبر تحت تقاطع نيران المعركة الدائرة الآن، لمدّة تسعة أيّام، نتشارك وبقيّة نزلاء السجن وسجّانيه تلك الظروف الأمنيّة الاستثنائيّة». وتابع هارون: «وبانفجار الأوضاع داخل السجن بخروج كل النزلاء يوم الاحد 23 أبريل 2023 عنوةً … حتى خلا تماماً من نزلائه وسجّانيه، وبناءً على طلب القوّة المتبقية من وحدة السجون، تحرّكنا إلى موقع آخر خارج السجن». ولم يكن ممكناً التحقق من مكان وجود البشير من مصدر مستقل.
ومع انخفاض نسبي في حدة القتال في معظم أنحاء مدينة الخرطوم البالغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، نظمت الحكومات الأجنبية عمليات إجلاء عبر قوافل برية وطائرات وسفن لإخراج الآلاف من مواطنيها. وقالت صفاء أبو طاهر التي وصلت مع أسرتها إلى مطار عسكري في الأردن ليل الثلاثاء «أصعب شيء كان أصوات القصف والطائرات المقاتلة وهي تحلق فوق منزلنا. هذا روَّع الأطفال».
وفي إطار عمليات الإجلاء أعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أنّ سفينة تقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة فرّوا من العنف في السودان قد وصلت إلى السعوديّة الأربعاء، في أكبر عمليّة إنقاذ من نوعها تُنفّذها المملكة حتّى الآن. والمجموعة تمّ نقلها «من خلال إحدى السفن التابعة للمملكة»، حسبما قالت وزارة الخارجيّة في بيان، مؤكّدةً حرص المملكة على «توفير كامل الاحتياجات الأساسيّة للرعايا الأجانب تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم». وأضافت الوزارة أنها قامت بإجلاء ما مجموعه 2148 شخصاً من بينهم أكثر من 2000 من الرعايا الأجانب.
كما وصلت طائرة نقل عسكرية بريطانية إلى قبرص.
فرانس24/ أ ف ب