هدأت عاصفة التوقيت وبرزت تحذيرات صندوق النقد الدولي والمسؤولة الاميركية
قلق فرنسي – سعودي من لا مبالاة المسؤولين اللبنانيين تجاه « الخطر الكبير جداً»
لماذا اشتعلت نار التوقيت ومن اطفأها؟ لقد كان واضحاً من خلال الفيديو الذي سرب، ان هناك من يريد توجيه رسائل معينة، والا لما كان قرار بهذه التداعيات، قد اتخذ في دردشة بين شخصين، وقبل ساعات معدودة من بدء تطبيق التوقيت. فاثار الارباك وقسم اللبنانيين وايقظ الطائفية البغيضة، وقد ثبت انها نار تحت الرماد. ولم يكن السياسيون وحدهم المنقسمين، بل والشعب ايضاً وقد ظهر ذلك من خلال الضجة التي اثارها القرار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ماذا كان يقصد الرئيس بري من وراء هذا الطلب؟ هل كان غلطة ام مقصوداً؟ على كل حال لا علاقة للقرار لا بالدين ولا بالصيام المرتبط بشروق الشمس وغيابها، ولا تأثير للساعة عليه. المهم ان النار اطفئت والعاصفة هدأت، وان كانت قد تركت ندوباً في الجسم اللبناني. لقد نجح الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام في اقناع رئيس الحكومة بعقد جلسة لمجلس الوزراء تم خلالها التراجع عن القرار وحدد ليل الاربعاء – الخميس لبدء العمل بالتوقيت الصيفي.
لم يشأ الرئيس ميقاتي الاعتراف بان القرار كان متسرعاً، وان تداعياته اكبر بكثير من كونه قراراً ادارياً، اذ ان انعكاساته شملت الطيران والمدارس والمستشفيات والشركات والمصارف وغيرها وغيرها. ولكن العودة عن الخطأ فضيلة وهذا ما تم. وقد تولى الرئيس ميقاتي الدفاع عن نفسه والقى المسؤولية على الذين يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو مفتاح الحل، ولكنه لم يدلّ مباشرة على المعطلين. فلماذا المجلس النيابي تخلى عن دوره وعن مسؤولياته، وهو غائب تماماً عن الساحة، مع ان مفتاح الحل بيده. فمتى يفرج عنه؟
نعم هدأت عاصفة التوقيت ولكن الخطر لداهم، واضراره اكبر بكثير لانها تقود البلد الى الارتطام، وعبر عنه وحذر منه رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، منتقداً بقسوة السياسيين والمسؤولين الذين لم يحققوا شيئاً من الاصلاح المطلوب وانهم يتركون البلد يغرق دون ان يمدوا يد المساعدة لانتشاله. ولاقته في تحذيره هذا، مساعدة وزير الخارجية الاميركية بربره ليف التي زارت لبنان ليومين وكانت لها لقاءات مع الرئيس بري والرئيس ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب ووجهت دعوة الى المسؤولين لانتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ الاصلاحات قبل فوات الاوان.
كيف كانت ردة فعل المسؤولين حيال هذه التحذيرات؟ يمكن القول ان المنظومة كلها قابلت جرس الانذار هذا باللامبالاة، ولم تتحرك جهة واحدة نحو الحل، فبقيت الاصلاحات ترقد في الادراج، وانتخاب الرئيس بعيد المنال، حتى الدعوة الى النواب للقيام بواجبهم لم توجه وكأن الامر لا يعنيهم.
ازاء هذا الوضع الخطير، وامام تجاهل المسؤولين خطورة الوضع، تحرك بض اصدقاء لبنان الغيارى على مصلحته، فجرى اتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، اللذين ابديا قلقاً على الوضع اللبناني، خصوصاً في ظل غياب المسؤولية. وتردد ان الرئيس الفرنسي قد يزور المملكة العربية السعودية لاستكمال البحث. وعقب هذا الاتصال استأنف السفير السعودي في لبنان وليد بخاري جولته على السياسيين وزار امس رئيس حزب الكتائب سامي الجميل وتناول البحث القضايا الملحة وخصوصاً انتخاب رئيس للجمهورية. وادلى البخاري بتصريح بعد اللقاء قال فيه ان لبنان عود الجميع على قدرته على المواجهة وانه سينهض من جديد. وكذلك تحركت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو وزارت السرايا واجتمعت الى الرئيس ميقاتي داعية السياسيين اللبنانيين الى الحوار للاتفاق على شخص ينتخب لرئاسة الجمهورية بعد خمسة اشهر على الشغور الرئاسي.
الخارج قلق على لبنان ومهتم بانقاذه، والمنظومة في لبنان في نوم عميق، قد يكون مقصوداً، لان هناك من هو مرتاح للوضع القائم. فلماذا الاتيان برئيس يعيد الانتظام الى المؤسسات ويعقبه تشكيل حكومة تتولى الاصلاح. لبنان في العناية الفائقة فهناك من يسعى الى انقاذه واخرون يعملون على ان يلفظ انفاسه الاخيرة فهل ينجو ام انه سائر الى زوال؟