الشغور الرئاسي يتمدد والمجلس النيابي يرفض انتخاب رئيس ويتطلع الى «تشريع الضرورة»
من قال ان التجار والسوبرماركت وغيرهما لن يرفعوا الاسعار حتى ولو كانت بالدولار؟
اسبوع جديد يبدأ والاجواء السياسية مقفلة تماماً، والشغور الرئاسي يتمدد وينذر بانه سيطول.. وسط اجواء ملبدة وانقسامات حادة تشل مجلس النواب، وتمنعه من القيام بواجبه وانتخاب رئيس للجمهورية. ذلك ان بعض النواب غير مرتبطين بمصلحة الوطن وناخبيهم، بل بمصالح زعمائهم، وهذه السياسة والتخلي عن المسؤولية وضرب الوعود التي قطعوها هي التي ادت الى تدمير البلد والى الانهيار الشامل الذي نعاني منه اليوم.
الرئيس بري وجه دعوة الى هيئة مكتب المجلس للاجتماع اليوم برئاسته. وتردد ان الهدف من هذه الدعوة هي اعداد جدول اعمال لجلسة «تشريع الضرورة» ينوي عقدها تحت شعار التمديد لقادة القوى الامنية، ولكن في الحقيقة هي من اجل اقرار قانون الكابيتال كونترول الجائر، والذي يضرب مصالح المواطنين وخصوصاً المودعين، ويبرىء الدولة والمصارف ويحميها من القضاء، ويمنع عنها المحاسبة. هذا القانون المطروح اليوم على الهيئة العامة، لم يبق طرف الا وانتقده وطالب بتعديله. وكان حري بالرئيس بري ان يدعو الى جلسة انتخاب رئيس للبلاد لكي ينتظم العمل في المؤسسات، ولكن القوى المعطلة تمنع ذلك. امام هذا الواقع وقع 46 نائباً من المعارضة والمستقلين والتغييريين اتفاقاً يرفض المشاركة في الجلسة، باعتبار ان المجلس النيابي هو اليوم هيئة انتخابية، ولا يحق له التشريع قبل انتخاب رئيس. وهنا ايضاً يختلف المعنيون حول تفسير المادة المتعلقة بهذا الاستحقاق، وكل طرف يفسرها وفق مصالحه. والتيار الوطني الحر الذي كانت قد راجت اخبار عن انه سيشارك في الجلسة، لان فيها مصالح خاصة به، تعرض لحملة انتقادات واسعة، فاضطر رئيسه الى نفي عزمه على المشاركة الا بشروط الضرورة. فهو يعارض بشدة عقد جلسات لمجلس الوزراء والحكومة فاقدة ثقة مجلس النواب، وهي تصرف الاعمال بالمجال الضيق. فكيف يقبل بعقد جلسة نيابية قبل انتخاب رئيس الا اذا كانت للضرورة؟ المهم انه امام هذه العقبات اصبح من الصعب عقد الجلسة النيابية.
على صعيد التحركات والضغوط التي تمارس لانتخاب رئيس للجمهورية، عقد الاجتماع الخماسي في باريس وقد اشرنا اليه في حينه. وعلم ان سفراء الدول الخمس التي شاركت في الاجتماع وهي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، سيجولون هذا الاسبوع على المسؤولين اللبنانيين لاطلاعهم على نتائج الاجتماع. لقد كثرت التسريبات حوله وتناقضت في بعض الاحيان، وان كانت قد التقت حول نقطة واحدة، وهي ان الاجواء كانت ايجابية. وتردد ايضاً انه على عكس ما روج البعض بانه لم تطرح اسماء، بل تركز البحث حول مواصفات الرئيس، يقول البعض الاخر انه تم طرح اسمين واحد مدني والاخر عسكري. وان حظوظ الثاني متقدمة على الاول الذي يواجه ترشيحه عقبات. تحول دون وصوله الى قصر بعبدا. ويضيف اصحاب هذا الكلام انه لم يتخذ قرار نهائي بهذا الشأن. كما تردد ان اجتماعاً ثانياً سيعقد في وقت لاحق وقد يحضره وزراء خارجية الدول المشاركة. التسريبات كثيرة ولكن اللبنانيين ينتظرون النتائج لعلها تسرّع في انتخاب رئيس.
هذه الاجواء السلبية الضاغطة تعطل كل القطاعات، وخصوصاً الاقتصاد، الذي يترافق مع تعطيل المدارس الرسمية والقضاء والادارات الرسمية وغيرها، وتضغط على المواطنين حتى تكاد تخنقهم. اما المسؤولون غير المسؤولين فغائبون تماماً عن المعالجات، وخصوصاً تفلت الدولار الذي وصل الى 67 الف ليرة، وهو مستمر في الصعود، فانعكس على اسعار جميع المواد والسلع الاخرى وزاد من معاناة الناس، الذين اصبحت حياتهم غاية في الصعوبة. وجاء وزير الاقتصاد يطبق الدولرة في السوبرماركت، بحجة منع استغلال الوضع ورفع الاسعار بنسب خيالية ولكن من يقول انه لن يجري التلاعب بالاسعار، حتى في ظل التسعير بالدولار؟ فاين الرقابة التي تضبط الوضع. لقد فشلت الوزارة حتى اليوم في فرض رقابة كاملة وفعالة بسبب النقص في المراقبين، وحدهم الموردون يرحبون بقرار وزير الاقتصاد ويقولون انه يخدم المستهلك لان السوبرماركت تزيد الاسعار بنسبة 10 بالمئة (وربما 20 و30 و40 بالمئة) لتجنب تداعيات عدم ثبات الدولار. فهل من المؤكد انهم لن يزيدوا الاسعار بالدولار؟
باختصار، لبنان يسير بسرعة الى مزيد من الانهيار، والنواب يرفضون انتخاب رئيس والمواطنون يدفعون الثمن الباهظ في ظل عجز رسمي قاتل عن الحد من صعود سعر الدولار.