اليوم تعرض الحلقة الاخيرة لهذا العام من مسرحية انتخاب رئيس والى العام المقبل
نقابتا المحامين في بيروت والشمال تدعوان القضاة لفك اعتكافهم او تقديم استقالاتهم
سقط الحوار واستأنف المجلس النيابي عرض الحلقة الاخيرة لهذا العام من المسلسل الاسبوعي الهزلي لانتخاب رئيس للجمهورية. اما العروض التالية فمرحّلة الى العام المقبل. ماذا ينتظر النواب، ومتى يتقيدون بالدستور وينتخبون رئيساً للبلاد؟ الحوار هو الطريقة السليمة في هذه الاجواء السياسية الانقسامية ولكن طاولات الحوار السابقة ابعدت حتى الساعة هذا الحل، اذ ما نفع الحوار اذا كان غير ملزم، ويستطيع اي طرف نقضه، وهذا ما حصل في السابق ولذلك تقف معظم الكتل النيابية مترقبة حلاً ما يأتي من الخارج. فنواب الامة ولم تمض شهور على انتخابهم اثبتوا انهم ليسوا اهلاً لتحمل هذه المسؤولية. ويقول نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب ان الامور لن تبقى على هذه الحالة. فالرئيس بري اعطى الكتل متسعاً من الوقت للاتفاق وهو في العام الجديد سيعتمد اسلوباً اكثر جدية في العمل لانهاء الازمة. ويمكن القول ان الرهان على المجلس النيابي سقط وكان كثيرون يعولون عليه للخروج من الازمة، باعتبار انه المؤسسة الرسمية الوحيدة الباقية ولكنها مع الاسف لا تعمل. فلا انتخاب لرئيس ولا اقرار لقانون الكابيتال كونترول ولا غيره من القوانين الاصلاحية المتبقية. وما تم اقراره جاء مبتوراً وفارغاً من اي معنى.
هذا بالنسبة الى المجلس النيابي، اما الحكومة غير مكتملة الصلاحيات فحدث ولا حرج. وبعض وزرائها يتصرفون وفق مرجعياتهم لا وفق المصلحة العامة. فوزير الطاقة مثلاً، وتحت الضغوط التي مورست، اقتنع بانه اصبح من الضروري تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، فاعلن عن ذلك، ولكنه في مخالفة صريحة للقانون الصادر بهذا الشأن. وحدد ستة اعضاء للهيئة فيما القانون ينص على خمسة. ثم انه وفقاً لطلب البنك الدولي كان يجب نشر اعلان في صحف عالمية عن ذلك وهذا ايضاً لم يتم، وكيف لا تقع المخالفات طالما ان رئيس الحكومة هو الذي باشر بها، فعقد جلسة لمجلس الوزراء ووقع مراسيم خلافاً للدستور حتى ان مجلس المطارنة الموارنة انتقد هذا التصرف وجاء في البيان الذي صدر عنه: «ان الاباء يرون انه كان بالامكان تحاشي اجتماع الحكومة لو ان المسؤولين عالجوا الامر بروية وتشاور وبالحوار البناء، بعيداً عن الكيد السياسي ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصاً وروحاً، ومعلوم ان امور المواطنين الاساسية يمكن معالجتها باساليب دستورية شتى، من دون انعقاد الحكومة المستقيلة والبلاد في حال الشغور الرئاسي…». وعلى هذا الاساس وكي لا تتكرر الاخطاء، دعا الرئيس نجيب ميقاتي الوزراء الى جلسة تشاور تعقد غداً الجمعة للبحث في كيفية تسيير الامور في المرحلة المقبلة. كذلك اجتمع ميقاتي بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام واطلعهما على نتائج لقاءاته في السعودية ولقائه مع البطريرك الراعي.
وهكذا تطل الاعياد المباركة والبلد في اسوأ مرحلة من تاريخه الحديث. انهيار سياسي، واقتصادي ومالي واجتماعي ومعيشي، وفراغ وتعطيل في سائر قطاعات الدولة. فبعد الشغور في رئاسة الجمهورية وفي السلطة التنفيذية جاء دور السلطة القضائية. اشهر عدة والقضاة الذين يفترض فيهم نشر العدل بين الناس، وحل خلافاتهم وقضاياهم الملحة، معتكفون ولا يعملون، واقفلوا المحاكم بوجه المواطنين الذين اصبحوا متروكين من جميع السلطات التي يفترض فيها رعاية مصالحهم. هذا الوضع الذي ينذر بخطورة جدية انعكس سلباً على المواطنين والحق خسارة فادحة بالمحامين الذين توقفت اعمالهم ونضب دخلهم. فالقاضي سواء عمل ام لم يعمل يقبض راتبه في اخر الشهر. اما المحامي فانه لا تدخل ليرة واحدة الى جيبه اذا لم يعمل. لذلك اجتمعت نقابتا المحامين في بيروت والشمال وناقشتا الوضع من جميع جوانبه، ودعتا القضاة الى فك اعتكافهم والعودة الى العمل والا فليقدموا استقالاتهم. فالوضع لم يعد مقبولاً. وهددت النقابتان بالتصعيد وطالبتا بوقف صرف رواتب القضاة المعتكفين، وابقتا جلساتهما مفتوحة لمتابعة الوضع… فعن اي حل يمكن الحديث بعد كل هذا؟ مجلس نيابي معطل، حكومة فاقدة الصلاحيات، قضاء معتكلف، وشعب متروك لمصيره يضربه الفقر والجوع والغلاء المستفحل الذي بلغ حداً لا يمكن تصوره.
وما يدمي القلب اكثر هذه اللامبالاة من قبل المسؤولين غير المسؤولين فكأن الشعب ليس شعبهم وكأنهم غير معنيين بتأمين حاجاته، وهم يحتلون كراسيهم باسمه. ولكن ما هو اغرب واسوأ هو هذا الصمت القاتل الذي يلتزم به المواطنون رغم كل الضربات النازلة على رؤوسهم. فهل يأتي يوم يستفيقون من هذا السبات العميق فيهبون لاسترجاع حقوقهم المسلوبة بعدما سلبت اموالهم في المصارف؟