أبرز الأخبارتحقيق

سياحة عيد الفطر… رزق الله!

المغتربون اقفلوا الحجوزات والخليجيون تخطوا هاجس الإرهاب

على الأرض المشهد كالآتي: عجقة سير لم يشهدها لبنان من زمان. تدابير سير إستثنائية وبيانات لغرفة التحكم المروري التابعة لمديرية قوى الأمن الداخلي تفيد المواطنين عن الطرقات المقفلة بسبب عجقة السير. المطاعم شبه ممتلئة وأخرى ينتظر روادها بالصف في انتظار شغور طاولة أو قل طاولتين او اكثر. اما الفنادق فامتلأت بأفواج الخليجيين والسياح الأوروبيين.
مشهد ليس بعادي. لكنه ليس مستنسخاً من العام 2008 او 2009 ولا هو سيناريو او مقدمة لفيلم ترويجي عن السياحة في لبنان. إنها ايام عيد الفطر في لبنان 2014.
كل هذا ولم ندخل في الأرقام والأحصاءات.
إنتهى عيد الفطر؟ عاد المشهد إلى ما كان عليه… فراغ، شغور، سياحة بلا سياح. سموه ما شئتم. المهم أن السياحة في لبنان عاشت احلى ايامها ولو لأيام معدودة!

منذ البداية كان لا بد من الإعتراف بأن التناقض في الحركة السياحية هو سيد الموقف. من جهة كان الأمل بموسم سياحي مفعم بالحركة الخليجية بعد القرار الذي اصدرته حكومات الخليج بالسماح لرعاياها في المجيء إلى لبنان. اللبنانيون استبشروا خيراً. فجأة دخلت اسطوانة الإرهابيين والإنتحاريين على الخط. القصة ليست مزحة خصوصاً ان اول 3 تفجيرات ارهابية وقعت في فنادق في وسط العاصمة.والأهم أن الإرهابيين الذين تم الكشف عن هوياتهم ينزلون في الفنادق. صيف وإرهاب؟ معادلة لا تصح. نكسة جديدة؟ هكذا بدا المشهد منذ بداية شهر حزيران (يونيو).
لكن على ضفة أخرى كانت نار المهرجانات الدولية وحتى المناطقية مشتعلة. في الأمس افتتح عاصي الحلاني ليالي مهرجانات بعلبك. من كان يقول؟ «الحلم» غنى ورقص وأطرب. لا شيء تغير على رغم كل التوقعات، باستثناء عرض الفنانة أنجيلا جورجيو. الحفل لم يلغ لكنه انتقل من بعلبك إلى كازينو لبنان. مسألة فيها وجهة نظر.

خليجيون واوروبيون في ديارنا!

وحده المشهد على طرقات لبنان ايام عيد الفطر كسر كل التوقعات. قد تكون مجرد جرعة مخدر. لكنها على الأقل شكلت إضافة للقطاع السياحي. نبدأ من الحجوزات التي اكتملت منذ منتصف شهر تموز (يوليو) والغالبية من المغتربين. اما الخليجيون فقرروا ان يضعوا كل الحسابات السياسية والهواجس الأمنية على حدى ويأتوا إلى لبنان. فعلها الخليجي لأنه مؤمن بأن لا وجهة سياحية تتلاءم وثقافته وتقاليده اكثر من لبنان. والأرقام الصادرة عن وزارة السياحة تثبت ذلك.
فالسياحة الخليجية ارتفعت بنحو 07،90 في المئة بدءاً من شهر حزيران (يونيو) والأغلبية من السعوديين (7186 وافداً) والكويتيين (4189 وافداً) والإماراتيين 857 وافداً) في حين حقق السياح العراقيون النسبة الأعلى حيث قاربت الـ 16 الفاً و551 وافداً. ماذا عن النازحين الهاربين من مسيحيي الموصل؟ طبعاً ارقام وزارة السياحة لم تأت على ذكرهم.
الأوروبيون ايضا وطئت أقدامهم هذا الصيف لبنان. ومن يدخل قلعة جبيل او يتوجه نحو البترون وإهدن حيث مهرجانات «إهدنيات 2014» أو ينزل إلى العاصمة بيروت ويجول في اسواق سوليدير يدرك حتماً اننا لا نتكلم عن أرقام وهمية. وتشير الإحصاءات إلى أن الفرنسيين تبوأوا المرتبة الأولى في نسبة السياح الأوروبيين اذ وصل العدد إلى 10167 وافداً في شهر حزيران (يونيو) يليهم الألمان بنحو 5041 وافداً والسياح السويديون بنحو 4794 سائحاً.

الفرنسيون تبوأوا المرتبة الأولى في نسبة السياح الأوروبيين يليهم الألمان فالسويديون

كل المقاعد محجوزة
نقيب اصحاب مكاتب السفر جان عبود اكد ان حركة السفر لم تتغير بعد التفجيرات الإرهابية والحجوزات بقيت مكتملة. لكن الذروة في حركة الطيران سجلت في عيد الفطر لا سيما على خط الإمارات والسعودية وكذلك بالنسبة إلى الدول التي يقيم فيها المغترب اللبناني فالمغتربون تخطوا قدرات الطيران الإستيعابية. أما على مستوى السياحة الداخلية فاللبنانيون كانوا اسياد الحركة وليس الخليجيين. هذا إذا اردنا ان نكون واقعيين. وتوقع أن تستمر حركة الطيران على حالها طيلة شهر آب (اغسطس) إذا لم يطرأ اي حدث امني لا سمح الله. عدا ذلك لا الفراغ ولا حتى الكلام عن مخططات إرهابية يؤخران الخليجي عن المجيء الى وطنه الثاني.
ولفت عبود إلى ان دائرة العرض توسعت بين 15 حزيران (يونيو) و15 تموز (يوليو) حيث نظمت شركات عدة رحلات جديدة الى لبنان وبحجوزات مكتملة وسجلت زيادة بنسبة تراوح بين 2 و3 في المئة عن الحركة في العام الماضي.أما النسبة الأعلى فسجلت على الطائرات السياحية التي تنظم رحلات من لبنان إلى تركيا واليونان. وتوقع أن تتعدى حركة مطار رفيق الحريري الدولي الـ 14 الف و15 الف راكب يومياً بين الفترة الممتدة من أول آب (اغسطس) وحتى منتصف شهر أيلول (سبتمبر) المقبل إذ أن هناك 75 طائرة تصل إلى لبنان يومياً بمعدل 150 كرسياً لكل طائرة وكل ا
لمقاعد محجوزة. وهذا مؤشر ايجابي على الواقع السياحي.
كلام كان يمكن ان يبقى وردياً لولا خبر كارثة الطائرة الجزائرية التي كانت تقل 20 راكباً لبنانياً كانوا على متنها بعدما حجزوا لقضاء فترة عيد الفطر وعطلة الصيف مع عائلاتهم في لبنان. لكن العيد تكلل بالسواد في بيوت الضحايا. هي الضريبة التي يدفعها اللبناني المغترب في كل مرة تحل فيها كارثة طيران مماثلة. لكن لولا الإغتراب لما كان للبنان
القدرة على الصمود.

والفنادق فوّلت… لكن لايام
شحنات الحياة التي بثتها حركة عيد الفطر بفضل المغتربين والسياح الخليجيين انعكست نسبياً على قطاع الفنادق. وهذا غير مستغرب. فالقطاع الذي يعيش تحت وطأة الجمود منذ نحو 3 اعوام بسبب الأوضاع الأمنية تارة والسياسية تارة اخرى لا تكفيه حركة عيد ولا حتى موسم في حاله. فكيف إذا كانت هذه الشحنة الإيجابية تقتصر على اسبوع او اسبوعين على ابعد تقدير؟
بيار الأشقر رئيس اتحاد المؤسسات السياحية ونقيب اصحاب الفنادق  اعلنها صراحة: «نسبة الإشغال لم تتعد الـ 60 في المئة في بيروت في أيام العيد مقارنة مع الأعوام الماضية حيث كانت تصل إلى 150 في المئة في العيد. ومن صفر إلى 10 في المئة خارج العاصمة». هذا الكلام قاله قبل عيد الفطر. اما بعده فالمسألة تغيرت. فنسبة الإشغال في فنادق بيروت راوحت بين 80 و100 في المئة. دقوا على الخشب!. اما خارج بيروت فالوضع كان اكثر من جيد مقارنة مع العامين السابقين بحيث وصلت النسبة الى 60 في المئة و40 في المئة في فنادق الجبل.
لكن حتى مع هذه النسب التي تفرح القلب لا شيء يعوض الخسائر التي يعيشها القطاع الفندقي لأن مدة الإقامة في الفنادق لا تتعدى الـ 5 ايام وهي فترة عطلة عيد الفطر، اضف الى ذلك ان اغلبية السياح هم من اللبنانيين المغتربين الذين يأتون الى لبنان لزيارة الأهل مما يعني ان الإقامة مكفولة في المنزل العائلي ولن ننسى غياب مشهد السياح السعوديين الذين لم يحضروا هذه السنة فاقتصر النزلاء على السوريين والأردنيين والعراقيين ولم تتعد فترة زيارتهم لبنان الـ 5 ايام على ابعد تقدير في حين كانت مدة اقامة الخليجيين تتجاوز احياناً الـ 15 يوماً. هذا لا يعني ان النتائج كانت سلبية في المطلق. فالسائح الخليجي ينفق اكثر من سواه وهذه نقطة إيجابية تسجل في الميزان الإقتصادي.

وعجقة سيارات… مستأجرة!
ومن الإيجابيات التي طبعت ايام عيد الفطر على المستوى السياحي عودة مشهد السيارات المستأجرة التي غابت أرقامها عن الطرقات منذ ما يقارب العامين باستثناء ارقام السيارات الآتية من سوريا والتي تملأ شوارع كسروان وبيروت وحتى الجبل. وكما في الأيام العادية كذلك في ايام عيد الفطر حيث فضلت اغلبية العائلات السورية التي جاءت لتمضية العيد في لبنان المجيء بسياراتها. كلفة أقل وعجقة عيد إضافية. في العجقة بركة؟ ربما لكن ليس بالنسبة إلى اللبناني الذي علق في العجقة لساعات.
وتفيد الإحصاءات الصادرة عن وزارة السياحة أن 12 شركة ومكتباً لتأجير السيارات أقفلت ابوابها والغت رخصتها واكثر من 30 شركة باعت اسطولها وابقت على تراخيصها على امل ان تتحسن الأوضاع. والسبب انعدام المواسم السياحية التي كان يعول عليها اصحاب شركات تأجير السيارات. وهذه السنة الوضع لم يختلف على رغم الحركة السياحية التي شهدتها البلاد أيام عيد الفطر لكن هذه الحركة لم تستمر لأكثر من أسبوع و95 في المئة من السيارات المستأجرة كانت من الحجم الصغير، يعني كلفة أقل. أما السيارات الكبيرة فلم تتعد نسبة استئجارها الـ 60 في المئة. ويلفت صاحب احدى شركات تأجير السيارات في منطقة أدونيس في كسروان أن العدد الأكبر من مستأجري السيارات هم من اللبنانيين المغتربين إلى جانب بعض العراقيين والسوريين الذين يحركون القطاع بنسبة 10 في المئة. والباقي على الفراغ.
قلتم فراغ؟ مقولة قد لا تصح في المفهوم الإقتصادي إلا على الأسواق التجارية التي على رغم الحركة السياحية ومجيء سياح خليجيين ولو بأعداد قليلة ولبنانيين مغتربين إلا أن الحركة بقيت من دون بركة. والجولات التي شهدتها الأسواق كانت في غالبيتها بهدف الفرجة على ما اجمع رؤساء جمعيات الأسواق في منطقة جبل لبنان. اما السياح الأوروبيون فكانت اسواق جبيل والبترون وجعيتا محطة ثابتة لهم لشراء التذكارات وليس أكثر.
انتهت ايام العيد؟. لن نردد حتماً شعار عيد بأية حال. فحاله هذه السنة نحسد عليها. لكنه لم يكن اكثر من رافعة سياحية… وإلى أيام فطر السنة المقبلة.

جومانا نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق