دولياتسياسة عربية

صخب اممي، حول «الاستقرار الغائب» لاوكرانيا الممزقة

التدخلات الاممية، والتقاطعات الدولية بشان الملف الاوكراني ليس لها اي تأثير على مجريات الوضع هناك، وخصوصاً موضوع التقسيم الذي تعيشه البلاد، والذي اصبح امراً واقعاً.

كما يرى احد المحللين لم يبق اي اثر لبعض التدخلات سوى الصخب الذي يأخذ شكل التهديد احياناً، والرفض والشجب والاستنكار احياناً اخرى. اضافة الى بعض العقوبات التي يعتقد البعض انها لم تعد تسمن او تغني عن جوع، او تترك اي اثر واضح على مجريات الامور هناك.
فالولايات المتحدة تواصل التنديد بما يجري في اوكرانيا، وتنسق مع الجانب الاوروبي لهذا الغرض، وتتفق مع فرنسا لتوجيه تهديدات للروس فيما اذا لم تتراجع عن مشروعها الخاص باوكرانيا.
وفي السياق هناك من يعتقد ان كل الدول الخارجية تملك قدراً من التأثير في بعض عناصر الملف باستثناء اوكرانيا ذاتها، التي تتدنى تأثيراتها الى ادنى حد ممكن، والتي دخلت مرحلة التقسيم والتي لم تعد قادرة على التراجع عنه.

وبحسب تقارير غربية يحاول وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير التوصل الى حل تفاوضي للازمة فيما لا تزال روسيا تطالب بشكل مسبق بوقف العملية العسكرية الجارية في الشرق الانفصالي.
وفيما تواجه اوكرانيا مخاطر التقسيم بعد الاستفتاء حول الاستقلال الذي جرى الاحد في دونباس، يعمل الاوروبيون ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا منذ ايام عدة من اجل الدفع في اتجاه عقد اجتماع بين كل الاطراف الضالعة في الازمة.
ورغم انه كان من المرتقب عقد طاولة مستديرة في كييف، المحت موسكو الى ان الشروط من اجل بدء حوار غير متوافرة بعد.
وبعدما اعتبرت انه من المهم جداً اطلاق خريطة الطريق التي اعدتها منظمة الامن والتعاون في اوروبا
في اسرع وقت ممكن، طالبت روسيا مرة جديدة كييف بان توقف عمليتها العسكرية التي اطلقتها في 2 ايار (مايو) في شرق البلاد.

فشل المواجهة
ميدانياً، يرى خبراء متابعون لمجريات الوضع في اوكرانيا ان عملية «مكافحة الارهاب» التي اطلقتها كييف لاستعادة السيطرة على شرق اوكرانيا من ايدي الانفصاليين المسلحين الموالين لروسيا آلت الى فشل بعد شهر على بدءها، ما يشير الى عجز السلطات في مواجهة المتمردين.
وفي السياق، وصف الخبير العسكري ميكولا سونغوروفسكي العملية التي تقوم بها السلطات الاوكرانية بانها «غير مجدية»، وبرر ذلك بان القوات الاوكرانية لم تكن مستعدة لها. وبالتوازي اعتبر آخرون ان السبب في فشل العملية انقسامات في مواقف الشرطة والجيش، وعدم نضوج الخطط التي وضعت لاستعادة السيطرة عليها.
وكانت سلطات كييف قد اطلقت العملية في 13 نيسان (ابريل) لتحقيق اهداف محددة هي نزع اسلحة المجموعات الانفصالية الموالية لموسكو وطردها من المباني التي تحتلها والمتمثلة بمقرات البلديات والادارات المحلية ومراكز الشرطة واجهزة الاستخبارات، واعادة بسط سلطة الدولة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك القريبتين من الحدود الروسية والتي يعيش فيهما حوالي سبعة ملايين نسمة.
وترافقت العملية مع تحذيرات اطلقها الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف، مضمونها ان اوكرانيا لن تسمح لروسيا بتكرار سيناريو القرم في شرق اوكرانيا.
وكانت مجموعات مسلحة موالية لروسيا مدعومة على ما يبدو من عناصر من الوحدات الخاصة في الجيش الروسي سيطرت على القرم ونظمت على وجه السرعة استفتاء افضى في اذار (مارس) الى الحاق شبه الجزيرة الاوكرانية بروسيا.
وبدأت منطقتا دونيتسك ولوغانسك اللتان تشكلان معاً حوض دونباس الخروج من قبضة كييف، حيث تولى الموالون لروسيا السلطة في معظم مدنهما وباتوا يسيطرون على القسم الاكبر من اراضيهما باستثناء المراكز الحدودية مع روسيا والقواعد العسكرية.
ونظمت الجمهوريتان «دونيتسك الشعبية، ولوغانسك الشعبية» المعلنتان بشكل احادي استفتاء حول استقلالهما فطلبت الاولى من الكرملين على الفور ضمها الى روسيا، فيما امتنعت موسكو حتى الان عن الرد على ذلك.

نجاح المعارضة
وتشير التقارير الى ان قوات كييف اظهرت منذ بدء «عملية مكافحة الارهاب» انها غير قادرة على التصدي للمتمردين بشكل فاعل. حيث تمكن الانفصاليون في غضون ايام قليلة من اسقاط مروحيات عسكرية عدة والسيطرة على مدرعات خفيفة ودبابات، بعدما اوقفت حشود معارضة تقدم القوات في احدى القرى في مشاهد مذلة للجيش الاوكراني.
من جهتها، نددت الولايات المتحدة بالاستفتاء الذي وصفته بـ «غير القانوني» الذي نظمه انفصاليون موالون لروسيا الاحد في شرق اوكرانيا، معتبرة انه يؤدي الى «انقسام وفوضى».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي ان هذا الاستفتاء «غير قانوني استناداً الى التشريعات الاوكرانية»، لافتة الى انه يشكل «محاولة لاحداث مزيد من الانقسام والفوضى» في اوكرانيا.
وانتقدت الخارجية الاميركية ايضاً «كيفية» اجراء هذا الاستفتاء، متهمة الانفصاليين الموالين لموسكو باشراك «اطفال» في عملية التصويت اضافة الى «اشخاص كانوا غير موجودين”» في مراكز الاقتراع واخرين في موسكو.
وفي السياق ذاته، أعربت الخارجية الروسية مجدداً عن استيائها إزاء استمرار العمليات العسكرية التي تشنها القوات الاوكرانية في شرقي البلاد. وقالت الخارجية الروسية في بيان إن القوات الاوكرانية حاولت اقتحام مدينة سلافيانسك الواقعة باقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا بعد ان قصفتها بالطائرات والمدافع.
وأشارت إلى أن مباني وأحياء مدنية تعرضت لقصف عنيف ما هدد حياة السكان الذي سجلت اصابات عديدة في صفوفهم. واتهم البيان السلطات الاوكرانية باتخاذ حوار طاولة مستديرة بدأ في كييف قبل يومين «تغطية لنواياها العدوانية ضد الاقاليم الشرقية».
وشكك البيان في امكانية اجراء الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا المقررة في 25 ايار (مايو) الجاري في ظل الانفجارات واصوات القذائف.
وكانت الاحداث في شرق اوكرانيا اتخذت منحى خطيراً منذ نجاح الاستفتاء في اقليمي دونيتسك ولوغانسك واعلان الاستقلال وقيام جمهورية مستقلة وتشكيل السلطات التنفيذية والقضائية فيها.

خسائر بشرية
وعلى صعيد متصل اعلن فيتشسلاف بوناماريوف عمدة مدينة سلافيانسك في تصريح صحفي ان القوات الاوكرانية تكبدت خسائر بشرية 650 شخصاً سقطوا بين قتيل وجريح منذ بداية المواجهات المسلحة في اذار (مارس) الماضي.
إلا أن مصادر عسكرية اوكرانية دحضت هذه المعطيات مشيرة الى مقتل 21 عسكريا واصابة 65 اخرين بجروح خلال الفترة ذاتها .
وكان رئيس الحكومة الأوكرانية ارسيني ياتسينيوك أعرب في وقت سابق عن استعداد السلطات الاوكرانية لإلغاء مركزية السلطة واعطاء اللغة الروسية وضعاً خاصاً ومنح الاقاليم الشرقية هامشاً من الصلاحيات الاقتصادية في محاولة لاحتواء الحركة الانفصالية في شرقي البلاد.
وفي الاثناء، شككت روسيا بالطابع «الديمقراطي» للانتخابات الرئاسية في اوكرانيا الذي قالت انه «على صوت المدافع» منتقدة بشدة العملية العسكرية التي تقوم بها كييف منذ شهر في شرق البلاد الخاضع لسيطرة انفصاليين مسلحين موالين لموسكو.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان قبل ثمانية ايام من موعد اجراء الانتخابات الرئاسية الاوكرانية «يمكن التساؤل ان كان اجراء انتخابات على صوت المدافع متطابقا مع المعايير الديمقراطية لعملية انتخابية».
الى ذلك، حذر الرئيسان الأميركي باراك أوباما، والفرنسي فرانسوا هولاند، روسيا من أنها ستدفع «أثماناً» إضافية إذا استمرت في زعزعة استقرار أوكرانيا، كما أعلن البيت الأبيض، الجمعة، على إثر محادثة هاتفية بين الرئيسين.
وقبل تسعة أيام من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أوكرانيا شدد الرئيسان على أن روسيا قد تواجه أثماناً إضافية كبيرة في حال تمسكت بمواقفها الاستفزازية والمزعزعة للاستقرار في أوكرانيا، حسب ما أضاف البيت الأبيض.
ويأتي هذا الموقف الموحد بمواجهة روسيا بعد أسبوع من الشوائب في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة بشأن الوضع في أوكرانيا. ومعارضةواشنطن تسليم روسيا سفينتين حربيتين فرنسيتين.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق