السرية المصرفية نجم جلسة اليوم التشريعية… والفراغ نجم جلسة الخميس المقبل
تحرك خجول لتشكيل حكومة وثورة 17 تشرين اصبحت ذكرى دون ان تحقق الكثير
يعقد المجلس النيابي اليوم جلستين يتم في الاولى تجديد هيئة المجلس واللجان وفي الثانية بنود تشريعية ابرزها السرية المصرفية التي اقرها المجلس قبل اشهر، وكانت بعيدة عن الهدف الذي وضعت من اجله، فرفضها رئيس الجمهورية، واعادها مع الاقتراحات التي يرى وجوب تعديلها. كما رفضها صندوق النقد الدولي وطلب ادخال تعديلات عليها لتفي بالغرض. لقد عودتنا المجالس النيابية منذ سنوات طويلة على اصدار قوانين بصورة عشوائية، فتأتي اما غير قابلة للتطبيق، كقانون الايجارات مثلاً، الذي مرت السنوات عليه ولم تستطع الحكومة تطبيقه، فاثار الكثير من المشاكل وتراكمت الدعاوى القضائية بشأنه، واما تكون قوانين فارغة من اي مضمون كقانون السرية المصرفية الحالي. فهل يتمكن النواب من اقرار قانون مقبول، على الاقل من صندوق النقد الدولي، حتى يتم التوقيع معه، ولبنان بحاجة ماسة الى هذا الاتفاق؟
بعد غد الخميس يجتمع المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. الا ان كل المؤشرات تدل على ان الانتخاب لن يحصل، وان الجلسة ستكون اشبه بالجلستين السابقتين اللتين عقدتا لهذه الغاية. لان هناك فريقاً يعمل على الفراغ، ولا يريد رئيساً الا بشروطه، ويكون مؤيداً لطروحاته. وبما ان اي فريق في المجلس الجديد لا يملك اكثرية الثلثين التي تخوله الاجتماع والانتخاب، فان هذا الفريق سيعمل على نسف الجلسة، وبالتالي فاننا واصلون حتماً الى الفراغ، وهذا الاستثناء اصبح طبيعياً في لبنان. ففي كل مرة تتعطل رئاسة الجمهورية ويصاب البلد بالشلل، بانتظار كلمة سر تأتي من الخارج او تسوية تدور الزوايا، فيأتي رئيس يساير هذا الفريق او ذاك، ويتعطل كل شيء، لذلك هناك مطالبة بالاتفاق على مواصفات الرئيس قبل الاسماء، بحيث يكون قادراً على وضع كل الملفات الخلافية على الطاولة. وبالطبع وكما هو ظاهر من التصريحات التي تصدر من هنا وهناك ان تحقيق هذه المطالب صعب للغاية. لذلك فان الفراغ هو الذي يفوز، فيزيد من الانهيار الحاصل، والذي بلغ حداً غير مقبول، فهل من يراعي مصلحة هذا البلد، ام ان المصالح الخاصة لها الاولوية؟
حكومياً تحرك المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بين بعبدا والسرايا الحكومية، بعد ان اهتدى الى كوة صغيرة، كما قال، يأمل بأن ينفد منها ويساهم في دفع المسؤولين الى تشكيل حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات، وقد باتت ضرورية، بعد تراجع الامل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نستطيع القول ان المشكلة قاربت الحل الا ان السعي مستمر على امل تحقيق النجاح.
على الصعيد الشعبي صادفت امس الذكرى الثالثة لثورة 17 تشرين، التي اخمدت دون تحقيق الكثير. لقد دخلت عوامل كثيرة منعت هذا التحرك من التغيير، اولها الحرب التي شنتها عليها قوى 8 اذار، فوقعت اشتباكات واعمال عنف كان واضحاً مصدرها. وثانياً فان هذه الثورة كانت ثورات، لم تستطع ان تنضوي تحت قيادة واحدة، تضع برنامجاً للتحرك، فاستطاعت المنظومة ان تدخل الى قلبها وتعمل على شرذمتها. الا انها رغم ذلك، لا يزال البعض متمسكاً بها ويقول ان الثورة ستندلع من جديد، عندما تصبح الحاجة ماسة اليها.
ماذا حقتت ثورة 17 تشرين؟ بالطبع هي لم تحقق اهدافها بتغيير المنظومة التي اساءت الى البلد وعاثت فساداً فيه، فاوصلته الى ما هو عليه اليوم من بؤس وفقر وجوع وهي لا تزال سائرة على الخط عينه. ولم يستطع الشعب ان يستغل فرصة الانتخابات، فيأتي بوجوه جديدة على قدر المسؤولية، بل اعاد انتخاب نسبة عالية من المنظومة، وان كان قد حرمها من الاكثرية الساحقة التي كانت تتحكم بواسطتها. وانتخب الناس نواباً سموا انفسهم تغييرين، قد يكون من المبكر الحكم لهم او عليهم، الا ان الظاهر حتى اليوم، انهم ليسوا علـى قدر المسؤولية التي عهد بها اليهم ناخبوهم، فعسى ان تتبدل الامور، ويوحد التغييريون صفوفهم ويتحاوروا مع الكتل المعارضة الاخرى لتأليف كتلة واحدة قادرة على التغيير.