سياسة لبنانيةلبنانيات

ماذا يخفي بري وراء دعوته المفاجئة للنواب لانتخاب رئيس للجمهورية؟

المطالب المستحيلة عرقلت تبديل حكومة تصريف الاعمال فتوقف العمل بشأنها

فاجأ الرئيس بري النواب امس بدعوتهم الى جلسة يوم غد الخميس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وكان قد اعلن انه لن يدعو الى هذه الجلسة الا بعد اقرار القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي، لتوقيع الاتفاق النهائي مع لبنان، مع ان المجلس لم يقر حتى الساعة سوى الموازنة وبشق النفس. فماذا استجد، وماذا يخفي الرئيس بري وراء هذه الدعوة المفاجئة، وان كانت طبيعية ودستورية وفي توقيتها الصحيح؟
كثرت التكهنات حول هذه الدعوة. فمنهم من قال ان رئيس المجلس يريد اشغال الجميع عن الانتقادات القاسية التي تعرض لها المجلس بسبب اقراره موازنة كارثية، ستعود بالخراب على الاقتصاد اللبناني، وان النواب لم يتعلموا من درس اقرار سلسلة الرتب والرواتب. والبعض الاخر قال ان الرئيس بري اراد ان يرد على جميع الذين انتقدوا التأخير في الدعوة الى انتخاب رئيس. كما قال طرف ثالث ان الهدف من هذه الدعوة كشف النوايا واستجلاء مواقف الكتل النيابية. الا ان المؤكد ان الجلسة لن تشهد انتخاب رئيس للجمهورية. فحتى الساعة لم تحزم الكتل النيابية امرها وليس لاي واحدة منها مرشح جدي يمكن الوقوف الى جانبه وانتخابه. الا ان الدعوة حركت النواب والقوى السياسية كلها، وبدأت الاتصالات والمشاورات لتحديد الموقف من الدعوة. والجدير بالذكر ان الجلسة تتطلب لانعقادها اكثرية 86 نائباً يشكلون ثلثي مجلس النواب، وبالتأكيد ولا فريق يملك هذا العدد، ولذلك فان الجلسة مرشحة للتأجيل لعدم اكتمال النصاب، الا ان ذلك لا يمنع من القول ان الدعوة حركت الركود الذي كان مسيطراً نوعاً، وفتح الباب امام العمل الجدي للوصول الى اتفاق حول مرشح يجمع، ويكون سيادياً وقادراً على انهاض لبنان. فهل هذا المرشح موجود ام اننا سائرون نحو الفراغ؟
وفي الوقت الذي دب النشاط بشأن معركة الرئاسة عاد الحديث عن قرب تعويم حكومة تصريف الاعمال مع بعض التعديلات الى الجمود، بفعل التعطيل الذي برز في اللحظات الاخيرة، بعدما اصطدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بسلسلة شروط تعجيزية يستحيل عليه القبول بها وهي صادرة عن بعض الاطراف. فتوقف البحث والغى الرئيس ميقاتي زيارة كانت مقررة الى قصر بعبدا، لاطلاع رئيس الجمهورية على نتائج الاتصالات التي اجراها في الامم المتحدة، وكذلك البحث في تعويم الحكومة، بعد تعديلات طفيفة على بعض الاسماء. وعوض عن الزيارة، اوفد مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الى بعبدا ليبحث مع رئيس الجمهورية في المستجدات.
اعتاد اللبنانيون في السنوات الاخيرة على مواجهة مطبات وعراقيل تفرضها بعض الكتل النيابية لسد طريق اي استحقاق، الا اذا جاءت النتائج وفق مصالحها وهي كثيرة وتكاد لا تنتهي. وتأتي المطالب التي قدمتها اليوم من باب وضع اليد على الادارة والقضاء وغيرهما بعد انتهاء العهد الذي لم يبق له سوى اثنين وثلاثين يوماً، باعتبار ان المؤشرات تدل على اننا واصلون الى الشغور وبالتالي فان الحكومة هي التي ستمسك بالسلطة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية.
مصادر سياسية مطلعة تؤكد ان الشغور لن يحدث رغم الاجماع على هذا الاعتقاد، لذك ان القوى الدولية والاقليمية المهتمة بالشأن اللبناني تضغط بقوة على انتخاب رئيس في الموعد المحدد، لان الوضع في لبنان لا يحتمل اي فراغ والا فأنه سائر الى الانهيار التام. ويترافق ذلك مع ضغط داخلي، ومنذ ايام قال البطريرك الماروني بشاره الراعي ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية يعني تعطيل المشاركة المسيحية وبالتحديد المارونية في السلطة ولذلك فهو يرفض بقوة اي شغور ويدعو الى انتخاب رئيس يتمتع بالمواصفات المطلوبة فيعمل على انقاذ البلد.
وهنا لا بد من السؤال لماذا في كل مرة نصل الى استحقاق مهم كانتخاب رئيس للجمهورية او تشكيل حكومة، يظهر هذا السيل من المطالب والعقبات التي تعطل السير باي استحقاق؟ ولماذا لا تتم الامور وفقاً للدستور، كما يحصل في كل بلدان العالم؟ يقول الخبراء ان ذلك عائد الى ثغرات في الدستور برزت من خلال الممارسة وعلى العهد الجديد ان يعمل على صدها، حتى تستقيم الامور. لقد شبع الشعب اللبناني من التعطيل والفراغ اللذين اساءا الى البلد لا بل ساهما في تدميره، وذلك من اجل مصالح خاصة لا تمت الى مصلحة البلد بصلة. فليجتمع الجميع على هدف انقاذي واحد وهو منع الشغور والفراغ والسير بالاستحقاقات الى خواتيمها الصحيحة سواء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية او تشكيل حكومة تسارع الى وقف الانهيار الكارثي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق