الاقتصادمفكرة الأسبوع

الصناديق السيادية العربية غيّرت وجهة استثماراتها

حجم صناديق الثروة السيادية العربية نحو 1،797 تريليون دولار في نهاية 2012، اي ما يعادل 35٪ من اجمالي موجودات صناديق الثروة السيادية العالمية، وهذا ما خولها لعب دور اساسي في تحصين الاقتصاد العالمي من دون ان تغفل حماية نفسها من الصدمات الكبرى.

ادت الارتفاعات المستديمة في اسعار النفط الى تكوين فوائض مالية كبيرة لدى الدول العربية المنتجة للنفط، كانت المحرك الاساسي لانشاء صناديق الثروة السيادية، التي قدر شارع المال في لندن حجمها بنحو 1،797 تريليون دولار في نهاية 2012، ما يعادل 35٪ من اجمالي موجودات صناديق الثروة السيادية العالمية، وتتوزع تلك الصناديق بين الامارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وسلطنة عمان، وليبيا، والكويت.

الاحجام
توقع ماركو ماسلاكوفيك، كبير المديرين والباحث الاقتصادي في ادارة ابحاث شارع المال اللندني في دراسة له ان ينمو حجم موجودات صناديق الاستثمار السيادية الخليجية بمعدل سنوي يراوح بين 7 و8٪ خلال الاعوام المقبلة. لكنه قال ان هذا المعدل سيبقى دون معدل نمو نظيراتها في آسيا بسبب النمو الاقتصادي السريع في آسيا، وبزيادة حجم الصادرات والفوائض في ميزانيات الدول الآسيوية التي تملك صناديق ثروة سيادية مثل الصين وسنغافورة.
ووفقاً لتوزع الموجودات، اشارت الدراسة، التي صدرت في نهاية اذار (مارس) الماضي، الى ان موجودات صناديق الثروة السيادية بلغت نحو 816 مليار دولار في نهاية 2012، وتعادل نسبتها 16٪ من اجمالي موجودات صناديق الثروة السيادية في العالم، وتأتي في المرتبة الاولى عربياً في هذا المجال، علماً بأن الامارات تملك 3 صناديق سيادية، وهي «جهاز ابوظبي للاستثمار» الذي تأسس في العام  1976 وقدرت الدراسة موجوداته بنحو 627 مليار دولار في نهاية 2012. والصندوق الثاني هو شركة «الاستثمارات البترولية الدولية» التي تأسست عام 1984 وقدرت موجوداتها بنحو 65 مليار دولار. والصندوق الثالث هو شركة «دبي للاستثمار التي قدرت موجوداتها بنحو 70 مليار دولار. ويلاحظ ان ارقام الدراسة للثروة السيادية الاماراتية لم تتناول الموجودات الاجنبية في البنك المركزي الاماراتي.
وجاءت مؤسسة النقد السعودي «ساما» في المرتبة الثانية بعد الامارات، اذ قدرت الاحتياطات الاجنبية في المؤسسة بنحو 553 مليار دولار في نهاية 2012. لكن الموجودات الاجنبية لـ «ساما» بلغت نحو 662،6 مليار دولار في نهاية كانون الاول (ديسمبر) الماضي.
وقدرت الدراسة حجم موجودات هيئة الاستثمار الكويتية بنحو 296 مليار دولار، وحجم جهاز قطر للاستثمار بنحو 115 مليار دولار.
وذكرت الدراسة ان الصناديق الممولة من ايرادات النفط ارتفع حجمها الى 3 تريليونات دولار في نهاية 2012. ويلاحظ ان كلاً من روسيا والنرويج، اللتين تعتبران من الدول المصدرة للنفط خارج «اوبك»، تملكان صناديق للثروة السيادية، حيث قدرت الدراسة ثروة صندوق غلوبل النروجي بنحو 664 مليار دولار، فيما قدرت صندوق «ناشونال ويلفير» الروسي بنحو 150 مليار دولار.

وجهات الصناديق
حتى العام 2007 – 2008 الذي شهد انفجار الازمة المالية العالمية، كانت استثمارات صناديق الثروة السيادية الخليجية تتركز بقوة في الاسواق المالية الغربية، او ما يسمى بالاسواق الناضجة، حيث كانت الولايات المتحدة الاميركية تحظى بنسبة 20٪ من هذه الاستثمارات، فيما كانت بريطانيا تحظى بحصة تقدر بـ 16،5٪ وتتوزع نسب اخرى على سويسرا والمانيا.
غير ان هذه الاستثمارات ذات الوجهة الغربية تراجعت بعد الازمة المالية لتدل التوقعات والوقائع الى احتمال ارتفاع حصة استثمارات صناديق الثروة السيادية الخليجية مستقبلاً في الاسواق الناشئة نظراً للعائد الكبير والمضمون الذي يمكن ان يتحقق من هذه الاسواق.
ويؤكد ماسلاكوفيك ان الخسائر التي تكبدها بعض الصناديق الخليجية في البنوك العالمية في اعقاب الازمة المالية العالمية، خصوصاً في السوق الاميركية التي شهدت اقفال ابواب نحو 250 بنكاً رئيسياً ومناطقياً، جعلها تعيدحساباتها، وتغير وجهتها نحو التركيز اكثر في استراتيجية استثماراتها على الاسواق المحلية في الخليج نفسه، وهذا من شأنه ان يدعم الاقتصادات الخليجية ويضمن زيادة نموها، ويكفل ايجاد العديد من فرص العمل امام الشباب الخليجي.
غير ان ماسلاكوفيك يرى ان صناديق الثروة السيادية الخليجية عادت مرة اخرى للاستثمار في اوروبا، ولا سيما في بريطانيا التي باتت تحوز على حصة الاسد من التدفقات الاستثمارية الخليجية، وما يفوق حجم التدفقات المالية الخليجية على كل من سويسرا والمانيا وفرنسا مجتمعة. ولعل اكبر دليل على ذلك الصفقات الكبرى التي نفذها جهاز قطر للاستثمار في بريطانيا خلال العامين الماضيين.
ويلاحظ ان لندن استفادت كثيراً من ازمة ديون منطقة اليورو اذ جعلت منها ملاذاً آمناً وسط محيط مالي مضطرب يكاد يشمل كل دول اليورو التي شهدت تحول الكثير من الثروات الشخصية، والثروات السيادية في العالم من منطقة اليورو الى العاصمة البريطانية. وربما تساهم خطة انقاذ قبرص من الافلاس وما تلاها من فرض ضرائب على الايداعات في زرع المخاوف والشكوك في احتمال تكرار فرض الضريبة على الايداعات في دول اخرى تواجه مصاعب مالية مثل ايطاليا والبرتغال واسبانيا، فضلاً عن اليونان التي كانت سباقة في تعرضها للاهتزاز المالي.

مواكبة
وامام توجه استثمارات الصناديق السيادية نحو الداخل الخليجي كان لا بد من مواكبة هذا التوجه بعملية تطوير الاسواق المالية وحماية المستثمرين وتعزيز ثقتهم بالاسواق المحلية. وهذا ما فعلته المملكة العربية السعودية التي تقترب من انهاء مشروع جديد يتعلق بوضع اطار تنظيمي لنشاطات التصنيف التي تمارسها وكالات التصنيف الائتماني، وهو الامر الذي تنكب عليه السوق المالية المحلية، التي اصدرت اخيراً «لائحة» قواعد الكفاية المالية التي تناولت استخدام التصنيفات الائتمانية لتحديد وزن المخاطر لفئات معينة من الاصول، وذلك لحساب متطلبات الحد الادنى لرأسمال الشخص المرخص له.
وفي هذا السياق يقول الدكتور عبد الرحمن البراك عضو مجلس ادارة هيئة السوق المالية السعودية خلال منتدى التصنيف الائتماني الذي عقد في الرياض: «ان هذا المنتدى ينعقد في وقت تزداد حاجة قطاع الاعمال الى تطوير آلياته المتعلقة بالائتمان، وهو ايضاً يأتي متزامناً مع توجه هيئة السوق المالية نحو تطوير البنية التشريعية والتنظيمية والهيكلية لسوق الدين في السعودية من خلال تحفيز سوق الصكوك والسندات الذي اطلقته الهيئة في منتصف شهر حزيران (يونيو) 2009 ليكون ثاني سوق منظم للاوراق المالية بعد سوق الاسهم.
ويعتبر البراك ان وكالات التصنيف الائتماني تلعب دوراً مهماً في تضييق الفجوة المعلوماتية بين المقرضين والمستثمرين والجهات المصدرة في ما يتعلق بمستوى الاهلية الائتمانية للدول والشركات والادوات المالية، موضحاً بأن الحاجة زادت لوكالات التصنيف واتسع دورها تبعاً لاتساع نطاق الائتمان «وهذا ما يمكن ان نطلق عليه العولمة المالية»، وتبعاً للحاجة التي يفرضها تزايد حجم المخاطر التي تتعرض لها المؤسسات المالية، وعواقب ادارة المخاطر غير الفعالة.

الاكتتابات تعزز اسواق المال
اكد تقرير لـ «ارنست اند يونغ» حول انشطة الاكتتابات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان اسواق المال الاقليمية سجلت زيادة تعادل 20 ضعفاً في عائدات صفقات الاكتتابات على الرغم من انخفاض عدد هذه الصفقات 25٪ في الربع الاول من العام الجاري (3 اكتتابات اقليمية بقيمة 1،6 مليار دولار)، بالمقارنة مع عائدات الربع الاول من 2012 الذي شهد 4 اكتتابات بقيمة 82،8 مليون دولار. واعتبر التقرير ان اكتتابات الربع الاول من 2013 سجلت اعلى قيمة للربع الاول منذ العام 2008. وسيكون الاداء العالي للربع الاول مستداماً اذا ما كانت النتائج مماثلة في وقت لاحق من العام، والتي من شأنها تعزيز اسواق رأس مال في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق