لماذا هذا التمسك بتعديل الحكومة والباقي من العهد يحسب بالايام؟
صندوق النقد الدولي ينتقد المماطلة في انجاز الاصلاحات المطلوبة
يعود رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى بيروت نهاية هذا الاسبوع بعدما القى كلمة لبنان في الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، وامامه مهمتان، الاولى جلسة مجلس النواب لاستكمال التصويت على الموازنة بعدما اسقطتها المعارضة في الجلسة الماضية، ولكن هل تم تعديلها، وهل أُخذ بملاحظات النواب الذين عارضوها؟ المواجهة ربما تكون صعبة، رغم ان اقرار هذه الموازنة، ولو انها اصبحت بلا فائدة، بعدما انقضى العام تقريباً، فهي ضرورية اليوم لانها شرط من شروط صندوق النقد الدولي، هذا فضلاً عن ان الانتهاء منها يفتح الباب امام موازنة 2023 وهنا سيكون التركيز على الارقام والخسائر والسعر الموحد لصرف الدولار. غير ان هذا الامر ربما يكون متروكاً للحكومة المقبلة التي ستشكل في بداية العهد الجديد، بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية على امل ان تنجح المساعي ويتم هذا الانتخاب. وحتى الساعة فان المؤشرات لا توحي بذلك.
اما المهمة الثانية التي تنتظر الرئيس ميقاتي، فهي التوجه الى قصر بعبدا والبقاء فيه كما وعد، حتى يتم تشكيل حكومة، او بالاحرى تعويم الحكومة الحالية مع ادخال تعديلات طفيفة عليها. وكل المؤشرات والتوقعات تؤكد انه سيتم انجاز التعويم منتصف الاسبوع المقبل.
ماذا ينتظر اللبنانيون من هذه الحكومة؟ والجواب الاكيد: لا شيء. فهذه الحكومة يوم تشكلت جاءت بزخم، تحت شعار «معاً للانقاذ». الا انها لم تنجز شيئاً، باستثناء سيل من الضرائب والرسوم ورفع التعرفات التي دمرت المواطن اكثر مما هو مدمر. ولا استطاعت ان تقر مشروعاً واحداً من مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي. صحيح ان اقرار القوانين هي مهمة مجلس النواب، ولكن المجلس متضامن مع الحكومة لجهة انهما يمثلان معاً المنظومة، التي لا تنجز الا ما يخدم مصالحها، دون مصالح المواطنين. فلماذا اذاً الترحيب بتعويم الحكومة؟
ان المنظومة تريد حماية نفسها من فوضى دستورية يمكن ان تسود، في حال عجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وبما ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال، وهناك اجتهادات بانه لا يحق لها تسلم سلطات الرئيس، رغم عدم وجود نص دستوري لذلك، فان المنظومة تريد تدارك الامر، ولذلك ضغطت لتشكيل حكومة جديدة فاستقر الرأي على تعويم الحكومة الحالية. مع العلم ان المدة المتبقة من العهد تعد بالايام.
ويوم امس انهى وفد صندوق النقد الدولي زيارة للبنان، جال خلالها على عدد من المسؤولين. والهيئات الاقتصادية وكان ختامها لقاء مع رئيس الجمهورية، اشتكى خلالها الوفد من تقاعس الحكومة والمجلس النيابي عن اقرار الاصلاحات التي تؤدي الى توقيع الاتفاق مع الصندوق، وتضع الحجر الاول في اعادة انهاض الاقتصاد. وشدد الوفد على ضرورة توحيد سعر صرف الدولار وتحديد الخسائر الحقيقية، ليتمكن من التوقيع النهائي. وابدى اعضاء الوفد كل اهتمام بمساعدة لبنان مشترطين ان يساعد المسؤولون انفسهم وبلدهم. واستغربوا كيف تمر الاشهر دون ان تنجز الحكومة والمجلس النيابي بنداً واحداً من الاصلاحات المطلوبة. ولو انهم قاموا بما هو مطلوب منهم لكان الاتفاق النهائي قد وقع، وبدأ السير في الطريق الصحيح. فهل يعني ذلك ان المنظومة لا تريد الاصلاح ولا تغيير الواقع الاليم الذي يخبط به البلد، لانه يخدم مصالحها ويبقيها مهيمنة على كل مفاصل الدولة؟
حتى ابسط المهمات لا تقوم بها هذه الحكومة، فبعدما ارتفع سعر صرف الدولار دون ان تتمكن من لجمه، هبت الاسعار بشكل فاق كل التوقعات وباضعاف ما سجله الدولار، ثم عاد الدولار ينخفض الا ان الاسعار بقيت عند حدودها الخيالية. فهل قامت وزارة الاقتصاد بمسؤولياتها وجالت على المتاجر وراقبت الاسعار وضبطتها؟ بالطبع لا. فهذه الحكومة لم تسجل انجازاً واحداً نافعاً منذ تربعها على كراسيها اللهم سوى رفع التعرفات في الاتصالات واليوم في الكهرباء، فضلاً عما سيحمله رفع سعر الدولار الجمركي من ويلات.
من الواضح ان لا امل باي اصلاح، او تبديل الوضع القائم الا بازاحة المنظومة وسحب السلطة منها والقضاء على هيمنتها والا فان الامور الى مزيد من التدهور والانهيار.