سياسة لبنانيةلبنانيات

تبادل الحملات السياسية القاسية يدفع سعر الدولار الى التحليق ويدمر القدرة الشرائية عند المواطنين

كلما تقدمت الايام باتجاه 31 تشرين الاول، موعد انتهاء العهد، تشتد حماوة الحملات السياسية بين الافرقاء اللاعبين على الساحة. فكل طرف يحاول ان يحجز لنفسه دوراً في الاستحقاق الرئاسي، وفي المرحلة التي تعقب مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا، في حال لم يتم التوصل الى انتخاب رئيس جديد. وتتصرف هذه الاطراف وكأن الفراغ واقع حتماً، فهل ان الكل موافقون على الفراغ؟
امس كان دور رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. فشن حملة قاسية على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ولم يوفر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وهو الذي يتناوله يومياً في تصريحاته محملاً اياه مسؤولية عدم تشكيل حكومة تتولى سلطة رئيس الجمهورية في حال الفراغ. وبدا النائب باسيل وكأن كل القرارات بيده، فهو يقبل بهذا ويرفض ذاك وله في النهاية الكلمة الفصل. مصادر محايدة وصفت هذه الحملات السياسية بانها «عدة الشغل» كما يقال. وهي ضرورية في هذه المرحلة الحاسمة لان معركة الرئاسة ستقرر مصير البلاد على مدى ست سنوات، فاما ان يبقى الوضع على حاله ويتدهور اكثر، واما تفتح صفحة جديدة في حياة الوطن، والمنظومة المتحكمة في كل شيء، جرياً على عادتها، لا تفكر لا بالمصلحة الوطنية ولا بالمواطنين. هي تعلم ان التشنج السياسي ينعكس على حياة الناس، ومع ذلك فهي ماضية في نهجها وتصرفها. فالحملات السياسية المتبادلة تركت تداعياتها المدمرة على سعر صرف الدولار، الذي بلغ رقماً غير مسبوق، ولا مؤشرات على انه سيتوقف عند حد. فهبت اسعار السلع الحياتية والمعيشية، وفاقت بكثير قدرة المواطن الشرائية، حتى ان السلع كلها باتت تسعر بالدولار، فيما الاجور لا تزال بالليرة التي فقدت اكثر من 90 بالمئة من قيمتها. فمن يستطيع ان يصمد حتى النهاية؟
حكومة تصريف الاعمال التي يسمح لها الدستور بالتحرك حيال القضايا الاستثنائية الطارئة، تتقاعس عن القيام بدورها، فهي يوم كانت كاملة الصلاحية لم تنجز، فكيف بها اليوم. وفضلاً عن ذلك وهي بدل ان تواجه هذا الوضع المعيشي الكارثي، تعمد الى زيادة الطين بلة. فلا تقوم بخطوة واحدة لوقف تحليق الدولار، ولو بالطرق والوسائل المتوفرة لديها، انها تزيد الامور تعقيداً، فتقدم مثلاً على رفع الدعم عن المحروقات في هذه المرحلة الحرجة من حياة المواطنين. ان الحكومة تعلم تماماً ان رفع سعر المحروقات، لا يطاول هذه المادة وحسب، بل انه يطاول جميع الاسعار، خصوصاً وان التجار والمحتكرين ينتظرون فرصة مماثلة للتذرع بزيادة تكاليف النقل، فيضاعفون اسعارهم، حتى اسعار وسائل الاتصال التي ربطها عباقرة وزارة الاتصال بسعر المنصة، اخذة في التحليق، بحيث بات محتماً ايجاد حل لها، الا ان المسؤولية، كما هي الحال دائماً غائبة عن مصالح الناس، وحاضرة ابداً لحماية المصالح الخاصة والانانية المستفحلة.
وهكذا ولو راجعنا كل القرارات الصادرة عن هذه الحكومة منذ تشكيلها حتى اليوم، لا نرى قراراً واحداً يخدم مصلحة المواطنين، بل زيادة قاتلة في الاعباء، ودائماً المواطن هو الذي يدفع. ولو ان الحكومة يسأل وزراؤها انفسهم عن قدرة الناس على تحمل تداعيات قراراتهم العشوائية، لكانوا وفروا عليهم الكثير من الاعباء الظالمة، ولكن يبدو ان هذه الحكومة ليست على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها، ولو كانت تشعر بالام الناس ووجعهم، هل كانت تقف متفرجة ومنذ اشهر طويلة على العتمة الشاملة التي تلف البلاد دون ان تتخذ خطوة واحدة تؤمن النور ولو بالحد الادنى؟ هل هكذا يكون تحمل المسؤوليات؟ ان الوزارة وظيفة هدفها خدمة الناس، فان فقدت هذا الدور لا يعود من فائدة لبقائها. فهل يتطلع كل مسؤول الى ما يقوم به، ويحاسب نفسه اين اصاب واين اخطأ، لتستقيم الامور، ام ان الفلتان سيبقى سيد الموقف والشعب وحده يدفع الثمن الباهظ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق