رئيسيعالم عربي

«لعنة» فضائح الفيفا تلاحق قطر… فهل تخسر مونديال 2022؟

كان الرد غير الرسمي في كثير من الأحيان من جانب المسؤولين القطريين على الانتقادات التي وجهت لقرار منح بلدهم حق تنظيم نهائيات كأس العالم في كرة القدم أن هذه الانتقادات ستتبدد من تلقاء نفسها.

غير أن تفجر فضيحة فساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وامتلاء الصفحات الأولى لصحف العالم بأخبارها جعل قطر تدرك أنها ربما كانت مقبلة على معركة صعبة.
ولن يلحق بقطر أي ضرر اقتصادي إذا خسرت حق استضافة النهائيات. فالخطر يحدق بنفوذها وصورتها بما في ذلك استخدام الرياضة كوسيلة للظهور على المستوى الدولي وفتح الأبواب أمام صناعة المال ووسائل الإعلام والدبلوماسية وقطاع العقارات والسياحة.
وعلى مر السنين بذلت قطر جهوداً كبيرة لإقناع الرأي العام العالمي بعدالة قضيتها في مواجهة اتهامات بالفساد في عملية التصويت التي أدت إلى فوزها بتنظيم نهائيات كأس العالم لعام 2022.
والآن يتعين على قطر بذل المزيد من الجهد لحماية سمعتها بعد أن اتهم مدعون عامون في الولايات المتحدة تسعة من مسؤولي كرة القدم الدوليين بالفساد وأعلنت السلطات السويسرية أنها تجري تحقيقات من جانبها في عملية اختيار الدولة المضيفة للنهائيات في كل من 2018 و2022.
وفي الدوحة يوجد شعور بالاستياء إزاء احتمال الاضطرار لقضاء الأعوام السبعة المقبلة في الرد على اتهامات بالفساد وشعور بأن قطر تستغل ككبش فداء.

انحياز مناهض للعرب
وتساور البعض شكوك أن وراء الضجة مشاعر مناهضة للعرب. ويشير آخرون بإصبع الاتهام إلى الدول التي خسرت في مسعاها لاستضافة نهائيات كأس العالم لصالح قطر.
ونقل رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية المؤيدة للحكومة عن وزير الخارجية خالد العطية في تغريدة على تويتر قوله إن الهجوم على تنظيم قطر لنهائيات كأس العالم هجوم عنصري.
وقال الوزير أيضاً إن استضافة البطولة ليس في صالح قطر وحدها بل في صالح العرب كلهم.
وقال رئيس الوزراء السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني لقناة فوكس نيوز التلفزيونية الأميركية يوم الأحد إن الاهتمام ينصب على قطر لا على روسيا التي تستضيف النهائيات في 2018.
وقال «هل لأنها دولة عربية إسلامية صغيرة؟ هذا هو شعور شعوب المنطقة». مضيفاً أن قطر فازت بحق استضافة النهائيات من خلال عملية عادلة ونزيهة. وقال إن الاتهامات جاءت من الدول التي خسرت حق تنظيم النهائيات.
وفازت قطر على كل من استراليا واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وأثار قرار تنظيم البطولة في بلد نادراً ما تنخفض فيه درجة الحرارة خلال النهار في الصيف عن 40 درجة مئوية فزع الكثيرين في عالم الرياضة.
وثارت الانتقادات أيضاً من جانب جماعات حقوقية سلطت الضوء على ظروف العمل القاسية في قطاع البناء في قطر.
وفي اللقاءات غير الرسمية يبدو الرضوخ على المسؤولين القطريين غير أنهم يتحلون أيضاً بالمرونة.
وقال مصدر خليجي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته إن قطر تتعامل مع الانتقادات بصفة يومية. وأضاف «هذه نتيجة متوقعة. نحن نتعرض للهجوم طوال الوقت. وهذا لا يزعجنا».

دبلوماسية الرياضة
واتسمت الدبلوماسية الرياضية التي تنتهجها قطر بالمثابرة. وظلت قطر تنفي عاماً بعد عام ارتكاب أي مخالفات في مسعاها لتنظيم نهائيات كأس العالم لعام 2022 وواصلت في الوقت نفسه سعيها لكسب نفوذ عالمي بما في ذلك مجال الرياضة.
وتملك قطر نادي باريس سان جرمان الفرنسي وترعى كبريات الأندية الأوروبية كما اشترت الحقوق التلفزيونية الخاصة بكرة القدم لشبكة القنوات الرياضية التابعة لقناة الجزيرة وتستضيف أيضاً سلسلة من البطولات والأحداث الرياضية الدولية وتدير شبكة لتدريب لاعبي كرة القدم في دول فقيرة.
غير أن الأزمة الأخيرة ترفع المخاطر حتى وإن كان أثر خسارة تنظيم كأس العالم محدودا من الناحية الاقتصادية. فالأثر المحتمل على صورة البلاد أكثر خطورة.
وقال بن ستيرنر الرئيس التنفيذي لشركة ليفر إيجنسي الأميركية للتسويق الرياضي إنه سيكون من الصعب على قطر أن تصلح ما يلحق بسمعتها.
وأضاف أنه يتعين على قطر أن تتحلى بالشفافية في ما يتعلق بكل تعاملاتها الخاصة بكأس العالم.
وتزايدت الضغوط على قطر عام 2013 عندما قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن عشرات من العمال النيباليين ماتوا وهم يعملون في مشروعات خاصة بكأس العالم. ونفى مسؤولون قطريون ونيباليون هذا التقرير.
وفي عام 2014 قالت صحيفة صنداي تايمز البريطانية إن محمد بن همام العضو القطري السابق في اللجنة التنفيذية للفيفا مارس ضغوطا لحساب بلاده كي تنظم كأس العالم ودفع ملايين الدولارات نقدا وفي صورة هدايا ومآدب خاصة للمسؤولين الأفارقة.
وتقول قطر أن بن همام لم يلعب أي دور لا رسمياً ولا غير رسمي في اللجنة القطرية الخاصة بمسعى تنظيم النهائيات عام 2022.

النفي لا يكفي!
ويوم الجمعة قالت اللجنة القطرية إنها قدمت العرض القطري بكل نزاهة لكنها ستلتزم بأي تحقيقات أخرى. ويقول المحللون إن مجرد النفي لا يمثل استراتيجية صالحة.
وقال جيمس دورسي الباحث في كلية إس. راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة «هذا لا يكفي وحده. فهم لم يقدموا كل التفاصيل المتعلقة بتعاملاتهم مع بن همام».
وقال دورسي إن القطريين «لم يتوقعوا الأمر قط. وكان في ذلك سذاجة. وعندما بدأت (الانتقادات) شعروا في الأساس أنه ليس بوسعهم الفوز ولذلك فكروا أن يهملوا الأمر حتى ينتهي من تلقاء نفسه».
وقال ثيودور كاراسيك المحلل السياسي المقيم في الإمارات إن قطر ومستشاريها «كان يجب أن يتأهبوا لهذا اليوم منذ مدة طويلة. فكل المؤشرات تظهر أن فضيحة الفيفا لن تستثني الدوحة».
ويقول محللون ودبلوماسيون إن سمعة قطر كوسيط سياسي إقليمي قد يلحق بها الضرر لكن البنود القانونية التي تربط الفيفا بقطر تعني أن احتمال أن تخسر قطر حق تنظيم النهائيات ضعيف جداً.
ويشيرون إلى أن قطر أقرت في عام 2014 تدابير لتحسين معاملة العمالة الوافدة وأجبرت الشركات على فتح حسابات مصرفية للعمال وسداد الأجور إلكترونياً ومنع العمل في أماكن مفتوحة أثناء النهار في حر الصيف.
ويقول بعض القطريين أن خسارة تنظيم النهائيات لن يضرهم في شيء.
وقال مدير تنفيذي «سأكون أول من يحتفل إذا أخذ الكأس بعيداً عنا. فلم يجلب لنا سوى زحمة المرور والصداع من وسائل الإعلام العالمية».

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق