سياسة لبنانيةلبنانيات

ملف لبنان حاضر في الاجتماعات الدولية والخليجية رغم دفعه في دروب وعرة وسحبه من محيطه

كل الاطراف متفقة ضمناً على عدم تشكيل حكومة والانظار متجهة الى انتخابات الرئاسة

الحديث عن تشكيل حكومة جديدة بدأ يتلاشى ليختفي في وقت لاحق، بعد ان يتأكد الجميع من ان احداً من المسؤولين لا يريد حكومة، وهذا يعني ان حكومة تصريف الاعمال باقية لتشرف على انتخابات رئاسة الجمهورية، هذا اذا لم يسدوا طريقها هي ايضاً. فالرئيس المكلف غائب عن البلد منذ ما قبل عيد الاضحى، متنقلاً سائحاً بين العواصم العربية والاوروبية، وكأنه ليس مكلفاً بمهمة وطنية عالية المستوى والمسؤولية، وتتطلب السرعة القصوى في العمل وهذا مؤشر على عدم الرغبة في تشكيل حكومة. فلو توافرت النية، لما كانت هناك عطلة، ولما كانت سياحة، بل انكباب جدي على التأليف، وفي ساعات قليلة، فالاوضاع المتردية لا بل المنهارة في البلد تتطلب الاسراع، امس قبل اليوم في ولادة حكومة تتولى المعالجة.
كذلك لم تصدر عن قصر بعبدا مبادرة تكسر هذا الجمود، وكان بامكان رئيس الجمهورية تحديد موعد للرئيس ميقاتي والجلوس معاً ساعات طويلة حتى تذليل كل العقبات والخروج بحكومة جديدة. فالاعلى مسؤولية هو الاقرب الى خدمة البلد والمواطنين.
بالامس عقدت قمة تاريخية في جدة، حضرها الرئيس الاميركي جو بايدن وزعماء دول الخليج ومصر والعراق والاردن، اشرت الى ان الشرق الاوسط مقبل على تغييرات جذرية، ومشروع جديد يعيد تنظيم الاصطفافات والعلاقات في المنطقة. وحده لبنان كان غائباً وان كان ملفه حضر على الطاولة، لان المنظومة السياسية اللبنانية ابعدت هذا البلد عن المجموعة العربية والدولية وقادته في دروب وعرة لا تشبهه، فتعثر وسقط. وبالرغم من كل ذلك حظي بفقرة في البيان الختامي للقمة، وفي البيان الختامي للمحادثات الاميركية – السعودية، تدل على مدى الاهتمام بلبنان رغم سوء ادارته ولا مبالاة مسؤوليه. ومما جاء في بيان القمة: «عبر القادة عن دعمهم لسيادة لبنان وامنه واستقراره، وجميع الاصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي». نوه القادة بانعقاد الانتخابات البرلمانية بتمكين من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. وبالنسبة الى الانتخابات الرئاسية المقبلة دعوا الاطراف جميعاً لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية. واشاد القادة بجهود اصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون، بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي في حفظ امن لبنان. نوه القادة بشكل خاص بمبادرات دولة الكويت الرامية الى بناء العمل المشترك بين لبنان ودول مجلس التعاون، وباعلان دولة قطر الاخير عن دعمها المباشر لمرتبات الجيش اللبناني.
اكدت الولايات المتحدة عزمها على تطوير برنامج مماثل لدعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. كما رحب القادة بالدعم الذي قدمه العراق للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية في مجالات الطاقة والاغاثة الانسانية.
كذلك اكد القادة على اهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة واتفاق الطائف، من اجل ان تمارس سيادتها الكاملة، فلا تكون هناك اسلحة الا بموافقتها، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.
في الاطار عينه صدر بيان مشترك عن الاجتماع الاميركي السعودي «عبر الجانبان فيه عن دعمهما المستمر لسيادة لبنان وامنه واستقراره. والقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والارهابية» واشار الجانبان الى اهمية تشكيل حكومة، وتنفيذ اصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة، تضمن تغلب لبنان على ازمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله الى نقطة انطلاق للارهابيين او تهريب المخدرات او الانشطة الاجرامية الاخرى، التي تهدد امن واستقرار المنطقة، مشددين على اهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة واتفاق الطائف.
هكذا وضعت الكرة في الملعب اللبناني، فهل يتلقفها المسؤولون اللبنانيون ويبادرون سريعاً الى العمل لاعادة لبنان الى موقعه الطبيعي، ام انهم سيديرون ظهرهم لهذه المواقف ذات الاهمية القصوى، فنستمر في السقوط الى قعر الهاوية؟ الامل ضعيف في اي تجاوب، ولكن لننتظر عل الايام المقبلة تقود الى التغيير المنشود.
وادارة الظهر وتجاهل الدعوات والنصائح ليست مقتصرة على المسؤولين، بل وايضاً تشمل بعض المؤسسات والتجار والمهربين والمتلاعبين بحياة الناس ومستغليهم. فالمدارس الخاصة مثلاً تجاهلت دعوة البابا فرنسيس الذي طلب منها عدم الاثراء على حساب الشعب المنكوب وادارات ظهرها ومضت في تدابيرها التعسفية من خلال فرض مبالغ كبيرة بالدولار فريش على الاقساط، مرفقة بتهديد خال من كل اصول التخاطب واللياقة، وتوعدت كل من يعترض على تدابيرها يطرد ابنائه من المدارس. فهل بعد ذلك يمكن القول ان التعليم رسالة سامية؟ لقد حولت ادارة هذه المدارس هذه الرسالة الى مادة تجارية للكسب وجني الارباح على حساب الشعب المغلوب على امره، والخاضع للتهديد والترهيب وشتى انواع القهر، دون ان يكون له ملجأ يقيه خطر هذه الفئات الاستغلالية، فعلى من تتكل بعد اليوم؟ وبعد كلام البابا فرنسيس الا يجدر بالبطريرك الراعي التدخل لوقف هذا التصرف ورفع الظلم عن الناس، فالعلم يبقى رسالة مهما حاولوا تشويه اهدافه وتحويله الى دكاكين تجارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق