انتهت عطلة الاعياد وبقي التعطيل السياسي والبلد وحده يدفع الثمن
لماذا لا يقف المسؤولون بوجه كل التدخلات ويستعيدون الامساك بزمام الامور؟
انتهت عطلة الاعياد ومن المفترض ان تبدأ مرحلة العمل الجدي لتشكيل حكومة جديدة، تواجه التحديات الداخلية والخارجية. الا ان البلاد غارقة في عطلة سياسية لا يعرف احد متى تنتهي. فعطلة الاعياد لايام ولكن عطلة رجال السياسة فتمتد الى اسابيع واشهر، وربما الى سنوات. ففي بلد يعاني هذا الكم الهائل من الازمات، كان يفترض بالمسؤولين الا يتوقفوا عن العمل ساعة واحدة. ولكن عندنا تختلف الامور، وتحل محل العمل على تأمين مصلحة الشعب والبلد، المصلحة الخاصة فهي التي تتقدم على اي عمل اخر.
الرئيس المكلف كان سائحاً متنقلاً بين العواصم، وكأن لا مسؤوليات تستوجب حضوره والعمل ليلاً نهاراً لاخراج البلاد مما تتخبط فيه. اليس من الاجدى ان يصرف الوقت في الاتفاق على حكومة انقاذ، تكون على قدر المسؤولية، لا على قدر الانانيات والمحاصصات والمكاسب الشخصية؟ ولكن يبدو ان التشكيل بعيد المنال، ولا امل في حكومة جديدة في المدى المنظور، والارجح حتى نهاية العهد. لكن هل تتحمل الاوضاع الداخلية والمعيشية هذا التخلي عن المسؤوليات تجاه شعب، يقهر ويذل عشرات المرات في اليوم الواحد؟
لماذا لا يستخدم المسؤولون صلاحياتهم فيقفون بوجه المعرقلين والمتدخلين في الشؤون اللبنانية. اياً كانوا ويقولون لهم «لا» عريضة تفسح المجال امام المصلحة الوطنية لتتقدم. ان مسؤولين على قدر المسؤولية الملقاة على كواهلهم، لا يخضعون للتدخلات الخارجية، ولا تستطيع اي جهة خارجية مهما علا شأنها ان تفرض موقفاً على بلد ما، لا يريد اهله والمسؤولون عنهم الانصياع لها. ولكن المسؤولين الذين تخلوا عن واجباتهم افسحوا في المجال للتدخلات الخارجية، فسدت طريق الاصلاح والتطور والانماء. من يمنع الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، ولمصلحة من؟ ولماذا لا نقف موقفاً حازماً من كل التدخلات، ونختار مصلحة لبنان ونعمل بوحيها. لماذا نعمل على خدمة المصالح الخارجية على حساب مصلحتنا؟
في المنطقة قمتان خلال اسبوع. الاولى ستعقد يوم الجمعة المقبل في جدة، ويحضرها الرئيس الاميركي جو بايدن، وزعماء دول الخليج ومصر والعراق والاردن. والثانية تعقد في طهران الثلاثاء المقبل ويحضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيىس التركي رجب طيب اردوغان والرئيىس الايراني ابراهيم رئيىسي. اذاً جميع دول المنطقة حاضرة في القمتين باستثناء لبنان، الذي اخرجه المسؤولون من دوره وموقعه ولم يعد احد يحسب له حساباً، بعد ان كان درة المنطقة. فهل هذا مقبول في نظر المسؤولين؟ ومن يحاسب الذين اوصلوا لبنان الى هذا الموقع المتردي؟
ان الامل فقد نهائياً. فهذه المنظومة المتحكمة هي التي اوصلت البلد الى هذا الانهيار، بعيداً عن اي محاسبة. فهل ان التفتت هو الهدف، عادت الدول المجاورة اليوم الى العمل، بعد انقضاء عطلة عيد الاضحى، وحده لبنان بقي معطلاً، لا نشاط ظاهراً لتشكيل حكومة جديدة، والمؤسسات العامة في عطلة مضى عليها اكثر من شهر، ولا من يسأل او يحاسب، ومصالح المواطنين لا تهم احداً. القضاء معطل، والتحقيق بانفجار المرفأ، جريمة العصر متوقف منذ اشهر بسبب التعطيل، فماذا بقي لهذا الشعب؟ فاما ان يثور وهذه المرة باسلوب فعال يؤدي الى نتيجة، واما ان يهاجر الى بلاد الله الواسعة، بحثاً عن حياة كريمة. وتبقى الثورة هي الاساس وهي التي توصل الى نتيجة اذا احسن استخدامها.
متى يعود رئيس الحكومة المكلف ويستأنف العمل على تشكيل حكومة، هذا اذا كانت هناك رغبة في التشكيل؟ يبدو ان جميع الاطراف تفضل بقاء لبنان في ظل حكومة تصريف اعمال، الجميع ممثلون فيها وحصصهم محفوظة ولكن ماذا عن نهاية العهد ولمن يسلم الرئيس عون بعد خروجه من قصر بعبدا. اسئلة كثيرة وغموض يلف المستقبل والبلد وحده يدفع الثمن. والحل معروف، اجتماع مطول بين الرئيسين عون وميقاتي لا ينتهي الا بتشكيل حكومة لا يكون فيها حصة لاحد، بل تكون كلها للبنان. فهل هذا كثير؟