سياسة عربية

اربع روايات يقودها الفرح والابداع والحب

دشنت دار الأوبرا السلطانية في سلطنة عمان في الرابع عشر من الشهر الجاري موسمها الرابع بفعاليات متنوعة تعج بالبهجة والقدرة على احتواء قارات العالم بتنوعها الموسيقي تحت قبة واحدة. أربعة وأربعون عملاً فنياً، ستضيء عبر نفحاتها سماء مسقط ولمدة عشرة أشهر، منذ ايلول (سبتمبر) لهذا العام وحتى ايار (مايو) من العام المقبل، مساحة من الزمن سينقّل المشاهد فيها بصره وسمعه بين العروض الأوبرالية إلى الكلاسيكيات والارابيسك وعروض العائلة والأداء الفلكلوري والعروض الأدائية، وستطرب القلوب لعبقريات موسيقية سجلت حضورها في كبرى دور الأوبرا على مستوى العالم وبحضور أشهر الفنانين من مختلف بقاع العالم.
وفي الشهر الجاري استمتع  عشاق الموسيقى  بأربعة عروض من ثلاث قارات بدأت برائعة روسيني حلاق إشبيلية أيام (14-16-18 ايلول – سبتمبر  الجاري).
إن عرض البداية هو تعبير عن الفرح، الذي سينساق مع البداية عبر رائعة جياكومو روسيني «أوبرا حلاق اشبيلية»، التي كتبها عام 1816، هذا العمل الأوبرالي العالمي، المشبع بالسرور لبنائه الكوميدي، والذي يقدم للمرة الأولى على مستوى المنطقة.
تأتي إلينا هذه الأوبرا بعد أن قدمت في الأصل كعمل مسرحي، كتبه الفرنسي پيير أوغستين ده بومارشيه عام 1775، ثم حوله جوڤاني پايسييلو أحد عمالقة الأوبرا الايطالية إلى عرض أوبرالي عام 1782، لكنها لم تكتسب شهرتها وشعبيتها العالمية، إلا على يد «روسيني»، الذي تجلت عبقريته في تأليف هذا العمل، ليقدم للعالم موسيقى خالدة لقرون عديدة، تستخدم حتى يومنا هذا في العديد من المقاطع البصرية والسمعية.

عمل فريد
يُعد العمل واحداً من  أشهر الأعمال الأوبرالية على مستوى العالم، لتفرده وقدرته على بث السرور في الحضور منذ أكثر من 200 عام، هذه التحفة الفنية، التي سيقودها المايسترو العالمي «سباستيان لانغ ليسينغ» بمشاركة فنانين عالميين، وعلى رأسهم «خوان فرانسيسكو جاتيل»، والميزو سوبرانو «جيرالدين شوفيه»، و«فيليبو بولينيللي»، و«سيموني ألبرجيني» في دور «فيغارو» الشهير.
وتدور فكرة العمل حول الحلاق «فيغارو»، صانع الزيجات الذي حوّل قصة الحب بين الشاب الكونت «ألمافيفا» والشابة «روسينا»، إلى نهاية مفرحة، بعد أن وقف «بارتولو» الوصي على روسينا والطامع بأموالها و الزواج بها، عائقاً لتحقيق ذلك، ولكن «فيغارو» وهو الشخصية الرئيسية في العمل، يتمكن من إفشال مخطط بورتولو. والتوفيق بين الحبيبين الشابين.
الأوبرا الفكاهية ملحمة تنبض عبر موسيقاها بمشاعر العشق والحب والتضحية، في مقابل الطمع والمصلحة، وصراع يقف فيه حلاق القرية كرمانة الميزان، التي تعيد الأمور إلى نصابها، فينتصر الحب بفضل جهود حلاق ذكي ومرح.
تعود ايطاليا مجدداً في ايلول (سبتمبر) عبر نافذة أحد أشهر مؤلفيها للأوبرا «جوزيبي فيردي» (1813-1901)، الذي يتفق النقاد على أنه أحد أكثر المؤلفين الموسيقيين شهرة في العصر الرومانسي. وتقديراً لهذا التاريخ والقيمة الفنية، تحتفل دار الأوبرا السلطانية بمولده الـ 200 في التاسع عشر من شهر ايلول (سبتمبر) الحالي، حيث سيتاح لجمهور مسقط الاستمتاع بأمسية من موسيقاه، تقدمها أوركسترا وجوقة مسرح «سان كارلو» وعازفون منفردون من دار الأوبرا التابعة لها، عازفة بعضاً من مقطوعاته النادرة بالإضافة إلى أعماله الكلاسيكية الخالدة، ومختارات من أوبرات «إرناني»، و«ماكبث»، و«قوة القدر»، و«دون كارلو»، و«عطيل».
إنها احتفالية تؤكد المسار العالمي الذي وضع لدار الأوبرا السلطانية، كمشروع متميز ومتفاعل مع أحداث العالم الفنية المختلفة.

العالم… بأنامل أورجوانية
يحمل لنا العرض الثالث الذي سيقام في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من ايلول (سبتمبر) خصوصية أميركا اللاتينية، حيث يقود النجم «خوليو بوكا» فرقة باليه أورغواي الوطنية لتقديم عروض كلاسيكية وحديثة مع لمحات من موسيقى التانغو.
يعد «بوكا» من أشهر مؤدي الفن الحركي على مستوى العالم والأشهر على مستوى تاريخ الأرجنتين، درس فنون الأداء الحركي منذ سن الرابعة، على يد والدته «نانسي بوكا»، تنقل خلال مسيرته الفنية بين العديد من الفرق العالمية، كمؤسسة «تيريزا كارينو» الفنية في فنزويلا و«المسرح البلدي» في ريو دي جانيرو في البرازيل، كما انضم إلى مسرح الباليه الأميركي في عام 1986 وكادت مسيرته الفنية في عام 2007 أن تتوقف، وحول هذه الحادثة يقول بوكا: لقد كان الفن جزءاً أصيلاً من حياتي، لكنني قررت أن اعتزل وأن يكون آخر عرض أمام الجمهور في الهواء الطلق، كما كنت أحلم، في مسقط رأسي بيونس آيرس، لقد احتشد في ذلك الحفل 300 الف مشاهد، لكن الاعتزال تعثر، ليعود مجدداً ويقود بعبقريته فرقة باليه أوروغواي الوطنية، التي تعد الأعرق في أميركا اللاتينية حيث يمتد عمرها إلى 78 عاماً، مضيفا لها مزيداً من التجديد والابتكار.
حصل «بوكا» على العديد من الجوائز الفنية لأدائه المتفرد، فنال عام 1985 الميدالية الذهبية في مسابقة الباليه الدولية الخامسة بموسكو، كما صنفته صحيفة النيويورك تايمز عام 1987 كأفضل مؤد حركي للعام، ومنح الميدالية الذهبية للفنون من قبل مركز كنيدي للجنة الدولية للفنون عام 2008.

أفريقيا… تُغنّي
لا تستطيع أن تتحدث بجميع لغات العالم، لكنك تستطيع أن تستمع إلى جميع لغات العالم الموسيقية، فالنغم جواز عبور عالمي يصل بمبدعيه إلى جميع الثقافات والشعوب، فينساب بسهولة في الفهم الجمعي.
إنها النافذة التي ستشرق عبرها قارة إفريقيا، الغنية بخصوصيتها الموسيقية، على فعاليات دار الأوبرا السلطانية لشهر ايلول (سبتمبر). ففي التاسع والعشرين سيقدم «يوسو ندور»، أحد أشهر فناني أفريقيا، أعمالاً موسيقية تمزج بين الايقاعات السنغالية التقليدية وأنماط من موسيقى السامبا الكوبية والهيب هوب والجاز والسول. في عام 2004، وصفته مجلة رولينغ ستون الأميركية المتخصصة في الموسيقى، بـ «المغني الأكثر شهرة على قيد الحياة في السنغال وجزء كبير من إفريقيا»، ويعد بالسنغال والقارة الأفريقية رمزاً ثقافياً ساهم في العديد من القضايا الاجتماعية ووظف الفن في خدمة مجتمعه.
رُشّح «ندور» كسفير للنوايا الحسنة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في تشرين الاول (أكتوبر) 2000 وفي عام 2011، منح درجة الدكتوراه الفخرية في الموسيقى من جامعة ييل الأميركية، كما فاز في  عام 2013 بجائزة من السويد لدوره في تعزيز التفاهم بين الأديان فضلاً عن الموسيقى.
ستبث قارات أوروبا وأميركا اللاتينية وأفريقيا عبير سحرها الموسيقي، لتخط ملامح فعاليات ايلول (سبتمبر) 2013 بدار الأوبرا السلطانية مسقط، متيحة للحضور، التوحد مع الفرح الروسيني والإبداع الفريدي وعبير أميركا اللاتينية المعتق بروح التانغو وأصوات وايقاعات تحملها سواحل السنغال على شواطىء رمال مسقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق