اتّهمت أوكرانيا روسيا بتكثيف عمليات القصف في شرق البلاد حيث تبدي قواتها مقاومة شرسة، في حين أعلنت موسكو أن كييف قصفت منصات نفطية في البحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها في العام 2014.
في الوقت نفسه ومع مطلع أسبوع وصفه الرئيس الأوكراني بأنه «تاريخي» إذ سيشهد قمة في بروكسل يمكن أن يتقرر خلالها منح أوكرانيا صفة دولة مرشّحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ارتفع منسوب التوتر بشكل كبير شمالاً بين روسيا وليتوانيا التي فرضت قيوداً على عبور قطارات الشحن المحمّلة بضائع روسية إلى جيب كالينينغراد الروسي.
وندّدت روسيا بعمل «معاد»، وجاء في بيان للخارجية الروسية أنه «إذا لم يتم استئناف حركة العبور بالكامل، فإن روسيا تحتفظ بحقها في التحرك للدفاع عن مصالحها الوطنية».
ووصف الكرملين الوضع بأنه «أكثر من خطير».
ولم توضح موسكو طبيعة ردها، علماً بأن جيب كالينينغراد واقع بين ليتوانيا وبولندا المنضويتين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ولا حدود برية تربطه بروسيا.
وكانت كالينينغراد مدينة بروسية تحت اسم كونيغسبرغ الى أن غزاها الاتحاد السوفياتي في العام 1945 حين هزم ألمانيا النازية.
ومع استقلال دول البلطيق عن الاتحاد السوفياتي في العام 1991، تحوّلت المنطقة إلى جيب روسي يعد قاعدة لأسطول روسيا لمنطقة البلطيق.
وليتوانيا جمهورية سوفياتية سابقة، وعلاقاتها مع روسيا متوترة، علماً بأن حلف شمال الأطلسي يقيم فيها قاعدة دائمة.
وجاء في تغريدة لوزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا «ندعم بحزم أصدقاءنا الليتوانيين».
مزيد من القصف
في الأثناء، أشارت الرئاسة الأوكرانية إلى أن روسيا كثّفت قصفها لمنطقة خاركيف (شمال-شرق) التي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد والتي تقاوم القوات الروسية منذ بدء الغزو في 24 شباط (فبراير).
في منطقة دونيتسك (شرق)، أفادت الرئاسة الأوكرانية بأن عمليات القصف «اشتدت على طول خط الجبهة» وأوقعت قتيلاً وسبعة جرحى بينهم طفل.
في سيفيرودونيتسك «سيطر الروس على غالبية الأحياء السكنية» ولكن «ليس على المدينة كاملة، إذ لا يزال أكثر من ثلثها تحت سيطرة قواتنا المسلحة»، وفق ما أعلن حاكم المنطقة أولكسندر ستريوك.
ويدور قتال ضار في محيط هذه المنطقة بهدف الاستيلاء على كامل منطقة دونباس التي يسيطر انفصاليون موالون لروسيا على جزء منها منذ 2014، والتي تتألف من منطقتي لوغانسك ودونيتسك.
وأكد حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي في تصريح للتلفزيون سقوط بلدة ميتولكين المحاذية لسيفيرودونيتسك لجهة الجنوب الشرقي والتي كان وزير الدفاع الروسي قد أعلن السيطرة عليها الأحد.
والأحد قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تسجيل فيديو عشية أسبوع مفصلي «نحن جاهزون»، مؤكداً أن الجيش الأوكراني «صامد»، لكنه أشار إلى أن القوات المسلحة تكبّدت في الأسابيع الأخيرة «خسائر كبيرة» في مواجهة قوة المدفعية والطيران الروسيين.
منصات نفطية
اتهمت السلطات الروسية الاثنين القوات الأوكرانية باستهداف منصات نفطية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم، لافتة الى سقوط خمسة جرحى على الاقل.
وكتب حاكم شبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف المعيّن من جانب موسكو على تلغرام، «هذا الصباح، هاجم العدو المنصات النفطية لشركة «تشيرنومورنيفتغاز». انا على تواصل مع زملائنا في وزارة الدفاع وجهاز «اف اس بي» (الاستخبارات الروسية) ونحاول إنقاذ الناس».
وأوضح أن ما مجموعه 109 اشخاص كانوا موجودين على ثلاث منصات تم إجلاء 21 منهم.
ولفت الى أن المنصة الاولى هي التي اصيبت بالضرر الاكبر، مضيفاً «كان هناك 12 شخصاً عليها أصيب منهم خمسة ويستمر البحث عن الآخرين».
واستخدمت القوات الأوكرانية مراراً صواريخ كروز أطلقتها من مناطق ساحلية مستهدفة زوارق روسية في البحر الأسود وخصوصاً الطراد «موسكفا» (موسكو) الذي أغرق في أواسط نيسان (أبريل).
لكن روسيا تفرض سيطرتها على هذا القطاع من البحر الأسود ما يحول دون تصدير ملايين الأطنان من محاصيل الحبوب التي تعد أوكرانيا أحد أبرز منتجيها.
والإثنين قال زيلينسكي في خطاب عبر الفيديو توجه فيها الى أعضاء الاتحاد الإفريقي إن «مفاوضات صعبة» تتم راهناً لرفع الحصار الروسي في البحر الاسود عن الموانئ الأوكرانية حيث يتعذر تصدير ملايين الأطنان من الحبوب نحو إفريقيا.
وقال الرئيس الأوكراني «ليس هناك تقدم حتى الان»، معتبراً أن «الأزمة الغذائية في العالم ستستمر ما دامت هذه الحرب الاستعمارية مستمرة».
من جهته، اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن روسيا يجب أن «تُحاسب» إذا واصلت عرقلة تصدير الحبوب الأوكرانية إلى العالم، واصفاً الأمر بأنه «جريمة حرب».
وقال في لوكسمبورغ في مستهلّ اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي «لا يستطيع المرء أن يتخيّل أن ملايين الأطنان من القمح عالقة في أوكرانيا، بينما يعاني الناس في باقي أنحاء العالم من الجوع. هذه جريمة حرب حقيقية».
وشددت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا على أن «روسيا يجب أن تتوقف عن اللعب بالجوع العالمي» في وقت تسعى إلى التأثير على الغرب.
والإثنين أعلنت الحكومة الألمانية أنها ستنظم الجمعة في برلين مؤتمراً دولياً حول الأزمة الغذائية المتصلة بالحرب سيشارك فيها خصوصاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
الخروج من «العالم الروسي»
والأحد، حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مقابلة نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية من أن الحرب في أوكرانيا قد تستمر «لسنوات» وحث الدول الغربية على توفير دعم طويل الأمد لكييف.
توقعت سويسرا التي تستضيف أول مؤتمر لإعادة إعمار أوكرانيا يومي 4 و5 تموز (يوليو)، أن تكون عملية إعادة الإعمار «طويلة ومعقدة» وأن تصحبها إصلاحات.
وقال الرئيس السويسري إغنازيو كاسيس خلال مؤتمر صحافي في لوغانو «الحرب ما زالت مستمرة لكننا نعلم أن الوقت سيأتي لعملية إعادة إعمار طويلة ومعقدة».
وأضاف «يجب أن نناقشها في أسرع وقت وأن نجمع الدول والمنظمات الدولية المعنية حول طاولة واحدة من أجل تحديد متى وماذا ومن، لكن قبل كل شيء، كيف نريد إعداد خطة إعادة الإعمار هذه».
وفي خضم الغزو الروسي، صادق البرلمان الأوكراني الاثنين على اتفاقية اسطنبول، وهي أول معاهدة دولية ملزمة للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما.
قال أولكسندر كورنيينكو، النائب الأول لرئيس البرلمان في تغريدة إنه «حدث تاريخي سيوصلنا إلى الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع».
كذلك، رحب السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا بالقرار معتبراً أن «الرئيس فولوديمير زيلينسكي وجميع النواب الذين صوتوا لصالح المصادقة قطعوا آخر حبل يربط أوكرانيا بـ «العالم الروسي»».
ا ف ب