دولياترئيسي

تواصل الاحتجاجات في إيران رغم القمع القاسي وبريطانيا تفرض عقوبات على مسؤولين متهمين بقتل مهسا أميني

على الرغم من قمع السلطات الإيرانية القاسي للتظاهرات التي أشعلها مقتل مهسا أميني قبل حوالي أربعة أسابيع، تواصلت حركة الاحتجاج الإثنين في مناطق إيرانية عدة مع اعتصامات طالبية وإضرابات عمالية. وبعد الولايات المتحدة وكندا أعلنت المملكة المتحدة الاثنين فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين وشرطة الاخلاق المتهمة بأنها مسؤولة عن مقتل الشابة الإيرانية الكردية البالغة من العمر 22 عاماً.
لا تزال إيران مسرح احتجاجات متواصلة منذ وفاة مهسا أميني الشابة الإيرانية الكردية البالغة من العمر 22 عاماً في 16 أيلول (سبتمبر) 2022، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس في الجمهورية الإسلامية خصوصاً ارتداء الحجاب.
ومثلما حدث في الماضي، قامت السلطات بقمع المتظاهرين بوحشية، الأمر الذي تسبب في مقتل عشرات الأشخاص خلال أيام، وفقاً لمنظمات غير حكومية عديدة. لكنها في الوقت نفسه، قامت بإلقاء القبض على عدد متزايد من المتظاهرين وغيرهم على غرار أولئك الذين نشروا مقاطع فيديو عن المواجهات أو رسائل مناهضة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا وقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الإثنين إن على الزوار الأجانب القادمين لإيران احترام قوانين الجمهورية الإسلامية، وسط تواصل الاحتجاجات التي ألقت طهران باللوم فيها على «أعداء أجانب».
من جهتها أفادت منظمة «مركز حقوق الإنسان في إيران» غير الحكومية، أنه تم إيقاف ما لا يقل عن 1200 شخص بينهم 92 من أفراد المجتمع المدني الذين لم يتم اعتقالهم في الشارع أثناء التظاهرات ولكن تعسفياً في منازلهم أو في مكان عملهم.
وقالت رويا بورومند المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بورومند ومقره واشنطن الذي ينشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران «كانت هناك حملة اعتقالات جماعية» استهدفت على وجه التحديد «ناشطين ثقافيين ونشطاء يدافعون عن حقوق المرأة وصحافيين. أي شخص قد ينقل معلومات إلى العالم الخارجي أو إلى شبكات داخلية».

اعتقالات بالآلاف

وتبدو الاحتجاجات الحالية وكيفية رد فعل السلطات مختلفة مقارنة بالموجة الأخيرة من المظاهرات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، التي اتهمت خلالها منظمة العفو الدولية غير الحكومية النظام بقتل ما لا يقل عن 321 شخصاً خلال أسبوع واحد فقط بسبب القمع الوحشي.
فاليوم المظاهرات منتشرة في جميع أنحاء البلاد وتشارك فيها فئات المجتمع الإيراني كافة كما أنها متواصلة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. بالإضافة إلى ذلك، تأخذ أشكالاً مختلفة: مظاهرات في الشارع ومسيرات طلابية أو حتى فردية كخلع نساء الحجاب وأحياناً حرقه.
من جانبها، تقول شادي صدر المديرة التنفيذية لمنظمة العدالة لإيران غير الحكومية ومقرها لندن والتي تهدف إلى توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية، إن التكتيك الرئيسي للسلطات «يتمثل حالياً في اعتقال مئات وحتى آلاف الأشخاص». مضيفة «حالياً لا يقتلون بقدر ما يستطيعون على الرغم من أنهم قد يقومون بذلك في مستقبل قريب. لكن باعتقال 100 شخص يعتبرون أنهم شخصيات بارزة في هذه الاحتجاجات يعتقدون أن بإمكانهم السيطرة على المظاهرات إلى أن تنطفئ ببطء وبشكل تدريجي».
وتحذر بقولها «إذا استنتجت السلطات بأن هذا التكتيك غير مجد، فإنها قادرة على اللجوء إلى وسائل نهائية وحاسمة. علينا أن نكون مستعدين لذلك».

لاعبو كرة القدم وفنانون مستهدفون

وكانت شهدت ايران قبل حملة الاعتقالات الحالية، قمعا أدى إلى اعتقال شخصيات بارزة مثل المخرجين جعفر بناهي ومحمد رسولوف اللذين لا يزالان مسجونين إلى غاية اللحظة.
كما تشمل قائمة الموقوفين شخصيات رياضية وفنانين وصحافيين ومحامين ونشطاء وخبراء تكنولوجيا وكذلك الطلاب ومواطنين عاديين.
فعلى سبيل المثال أودع لاعب كرة القدم الدولي حسين ماهيني السجن لدعمه هذه المظاهرات وكذلك الفنان شروين حاجي بور جراء أغنية «براي» («من أجل» بالفارسية)، وكانت كلمات الأغنية مستقاة من تغريدات يتحدث فيها مستخدمو تويتر عن الأسباب التي تدفعهم إلى الاحتجاج. وتمت مشاهدتها 40 مليون مرة على إنستاغرام. وظهر الأحد في مقطع فيديو للمرة الأولى منذ إطلاق سراحه بكفالة الثلاثاء مؤكداً أنه يريد فقط «التعبير عن تعاطفه» مع المتظاهرين.
وطاولت هذه الحملة أيضاً مدوناً نافذاً متخصصاً في التكنولوجيا أميرماد ميرميراني، المعروف باسم «جادي» الذي قام رجال الأمن بإلقاء القبض عليه في منزله في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر).
من جهتها، أدانت منظمات عدة متخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان منها مجموعة الدفاع عن حرية التعبير «المادة 19»، «حملة القمع ضد خبراء التكنولوجيا التي تظهر بشكل مخيف أنها لا تستثني أي صوت أو شكل من أشكال التعبير».
وكانت اعتقلت الشابة الإيرانية دنيا راد نهاية أيلول (سبتمبر)، واحتُجزت لمدة عشرة أيام بعد ظهورها في صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهرها تتناول مع صديقتها وجبة الفطور في طهران من دون حجاب.
وقال هادي غيمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران «هذا ليس قمعاً إنه محاولة للقضاء على المجتمع المدني». مضيفاً «تواصل الحكومة الإيرانية إثبات أنها تخاف من شعبها».
من جانبها، أعادت السلطات لعلي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ كرة القدم الإيرانية، جواز سفره بعد حجزه على خلفية موقفه من تعاملها مع الاحتجاجات وفق ما أفاد اللاعب السابق لوكالة الأنباء الفرنسية.

عقوبات جديدة

وفي مواجهة القمع المستمر، أعلنت المملكة المتحدة الإثنين فرض عقوبات على «شرطة الاخلاق الإيرانية» والمسؤولين السياسيين والأمنيين في النظام.
تأتي هذه العقوبات في أعقاب تلك التي فرضتها الولايات المتحدة وكندا ضد كبار المسؤولين في نظام طهران.
وفي تغريدة على تويتر، حذر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، من أنّ «العالم يراقب ما يحدث في إيران».
وأضاف «خلال نهاية الأسبوع، قُتل بالرصاص متظاهرون أبرياء، بينهم فتاة». الرئيس الإيراني شبه المتظاهرين بـ«الذباب».
وأكد سوليفان أن «هؤلاء المتظاهرين هم مواطنون إيرانيون، تقودهم نساء وفتيات، يطالبون بالكرامة والحقوق الأساسية. نحن نقف إلى جانبهم، وسنحاسب أولئك الذين يستخدمون العنف في محاولة عبثية لإسكات أصواتهم».
وفي الاتحاد الأوروبي، دعا البرلمان الأوروبي بروكسل إلى فرض عقوبات أيضاً. وستطرح المسألة على جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية الدول السبع والعشرين المقرر عقده في 17 تشرين الاول (أكتوبر).

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق