رئيسيسياسة عربية

دمشق: تحالف النصرة والقاعدة «فرمل» اندفاع العالم لمساعدة الثوار

تطورات عديدة اثرت على مجريات الملف السوري هذه الايام، ودفعت بالمحللين والمتابعين الى اعادة النظر في رؤيتهم، وبالتزامن، دفعت بالبعض الى استقراء المواقف الدولية تبعاً لمجريات يعتقد انها عميقة، وانها وجهت  المشهد في اتجاهات قد لا تكون جديدة بالكامل، لكنها مختلفة عن مسارات كانت مقنعة حتى قبل ايام.

في مقدمة التطورات الجديدة اعلان جبهة النصرة عن تحالفها مع تنظيم القاعدة، والتوافق على اقامة دولة «جمهورية اسلامية» في كل من العراق وسوريا.
ومع ان الاعلان الذي صدر قبل ايام كان بمثابة مشروع اعلامي فقط، يصطدم بمعطيات كثيرة ابرزها ان تنظيمي القاعدة والنصرة لا يملكان من القواعد الشعبية ما يمكنهما من تنفيذ ذلك المشروع الكبير، الا ان مجرد الاعلان كان بمثابة الانفجار الذي احدث دوياً هائلاً ارعب بعض الاطراف ودفع بهم الى اعادة قراءة المشهد من جديد تبعاً للتطور الذي لا يمكن اغفاله حتى لو تم التقليل من شأنه.
القراءات التي فرضها ذلك الاعلان بدويه الهائل امتدت لتشمل جميع الاطراف المتابعة والمعنية، بما في ذلك الاجهزة التي كانت على علم بان «النصرة والقاعدة» شيء واحد، وجسد واحد يحكمه التطرف، لكنه يبحث عن موطىء قدم يمكنه من التحرك بقدر من الحرية. فالاجهزة تدرك ان تنظيم القاعدة وفرعه «النصرة» باتا مطاردين على نطاق عالمي، والى الدرجة التي لم يتمكنا معها من اقامة بنية تحتية يستطيعان الاتكاء عليها في مشروعهما الذي يرانه ثورياً ويراه العالم كله «ارهابياً».
غير ان المعلومة التي لا يمكن اغفالها هي ان تنظيم القاعدة يحاول اتخاذ موقع في اية دولة تشهد اراضيها نوعاً من الفوضى، وسط اجماع على ان الاراضي السورية قد تكون المكان الاكثر ملاءمة في هذا الخصوص، بحكم وقوعها الى جانب العراق، وبحكم هامش الفوضى الذي يعطي افراده مرونة في مجال الحركة.

اطمئنان النظام
وبينما شهدت دول عدة حراكاً سريعاً لاعادة قراءة المشهد من الزاوية الجديدة، نشط النظام السوري في اتجاهين: فمن جهة رأى ان في تلك الخطوة ما يمكنه من التقاط الانفاس والاطمئنان الى اجراءات وترتيبات دولية عنوانها الخشية من ان تفضي هذه التطورات الى اقامة «جيب ارهابي» يزعج المنطقة بما فيها اسرائيل «ربيبة اميركا». ومن جهة ثانية كانت مناسبة لتكثيف ضرباته العسكرية ضد مواقع عدة وفي مناطق مختلفة بما في ذلك العاصمة دمشق التي كانت هدفاً وشيكاً للثوار.
وعلى صعيد التحركات الاقليمية والدولية، تسربت معلومات عن لقاءات امنية على نطاق واسع بين اجهزة  في المنطقة وصولاً الى تبادل المعلومات حول المستجد الذي يمكن ان يكون الاخطرمنذ اشهر عدة. وعلى الصعيد عينه تشير المعلومات الى ان الرئيس الاميركي باراك اوباما طالب باعادة قراءة المشهد من جديد تبعاً للتطورات. وشهدت المؤسسات المرجعية الاميركية نشاطاً في هذا الاتجاه.
وفي هذا السياق، يقترب الرئيس اوباما من اصدار موافقته النهائية على دعم المعارضة السورية المسلحة بمساعدات غير فتاكة، مثل الدروع الجسدية وأجهزة الرؤية الليلية، بالتنسيق مع دول حليفة مثل فرنسا وبريطانيا سبق ان اعلنت عن توسيع امداداتها للمعارضة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول رفيع في إدارة اوباما قوله ان الرئيس وجه طاقمه لشؤون الأمن القومي لتحديد اجراءات اضافية تتيح زيادة المساعدة والتنسيق مع بلدان أخرى. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري سمع على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية الثماني في لندن الاسبوع الفائت، مناشدات من قادة المعارضة لزيادة المساعدات وتسليح الفصائل المقاتلة على الأرض، في وقت تتصاعد الأزمة الانسانية وتتزايد أعداد الضحايا. لكنهم ابدوا خشيتهم من ان تقتصر المساعدات على كم من الوجبات الجاهزة، والامدادات الطبية وغيرها، وسط تحليلات تشير الى ان الولايات المتحدة تواجه أزمة مصداقية مع المعارضة.
وكان كيري ونظيره البريطاني وليام هيغ اجتمعا في لندن مع غسان هيتو، الذي انتُخب رئيساً لحكومة المعارضة في الخارج والمناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر في الداخل. وقالت صحيفة واشنطن بوست إن دولاً خليجية ابلغت المسؤولين الاميركيين أن هيتو على علاقة وثيقة بالاخوان المسلمين، الذين تدعمهم تركيا ودول أخرى في المنطقة، لكن الصحيفة نقلت عن مسؤول في ادارة اوباما قوله: إن الولايات المتحدة راضية عن أداء هيتو، وإن رسالتها إلى المعارضة المسلحة هي: «لسنا معنيين بعلاقاتكم الشخصية، تحادثوا ولا تشتكُوا من بعضكم في العلن».

خطط عسكرية
اضافة الى ذلك، وبينما كشف بعض المصادر عن سلسلة من اللقاءات يجريها الرئيس اوباما مع قيادات عربية وشرق اوسطية بدءاً من الاسبوع المقبل، تم تسريب معلومات عن أن ضباط القيادة الأميركية الوسطى وقيادة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع (البنتاغون)، بدأوا عملية تحديث خطط عسكرية تتضمن تدخلاً اكثر مباشرة في سوريا، وتتنوّع أشكاله بين توفير المساعدات الإنسانية وتوجيه الضربات العسكرية المباشرة- ان لزم الامر -.
ووفقاً لبعض المصادر فإن الخطة تتضمن أدواراً واسعة للقوات الأميركية ولكن ضمن سياق تحديث الخطط العسكرية. الا انها لا تعني انها ستنفذ في وقت قريب، وانما تبقى كخطط جاهزة تعالج جميع البدائل والاحتمالات لاستخدامها تبعاً للتطورات. وتتقاطع التحليلات بخصوص ما اذا كانت اعادة النظر قد اضافت عناصر جديدة مختلفة ام انها مجرد مراجعة.
الى ذلك، تفاقمت ازمة اللاجئين السوريين في دول الجوار، وبدت اكثر صعوبة بالنسبة الى كل من الاردن ولبنان. وفي هذا السياق اعلنت الحكومة الاردنية انها ستلجأ الى مجلس الامن الدولي لبث شكواها، وعرض اوجه معاناتها من جراء توافد اللاجئين بكثافة ووصولهم الى ما يقرب من مليون ونصف المليون لاجىء. يقابل ذلك شح في المساعدات. وفي السياق عينه ارتفعت وتيرة الحديث عن انشاء مناطق عازلة داخل الاراضي السورية، وبحيث يتم اخضاع هذه المناطق الى رقابة واشراف دوليين. والى حماية اطلسية. ومن المواقع المقترحة لاول منطقة عازلة، المنطقة الحدودية مع الاردن. وفي غضون ذلك، اعتبر الائتلاف الوطني المعارض ان مبايعة جبهة النصرة لتنظيم القاعدة تعد خدمة لنظام الرئيس بشار الاسد، فيما حقق الجيش السوري اختراقاً ميدانياً بفكه حصاراً متواصلاً منذ اشهر على معسكرين مهمين في شمال غرب البلاد. وشن الطيران الحربي غارات دامية على احياء في شمال شرق دمشق وقرى ذات غالبية كردية في شمال شرق سوريا، في حين تبادل النظام والمعارضة الاتهام بتدمير مئذنة المسجد العمري في درعا.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق