إردوغان: أنقرة لا تنتظر «إذناً» من واشنطن لشن عملية عسكرية جديدة في سوريا ومسلحو المعارضة يؤيدونه
أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن أنقرة لا تنتظر «إذناً» من الولايات المتحدة لشن عملية عسكرية جديدة في سوريا، وفق ما نقلت عنه الأحد وسائل إعلام تركية.
وقال إردوغان في تصريح للصحافيين خلال عودته من زيارة إلى أذربيجان «لا يمكن محاربة الإرهاب عبر أخذ إذن من أحد»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية.
ورداً على سؤال حول تحذير أميركي من مغبة شن حملة عسكرية جديدة في سوريا قال الرئيس التركي «إذا كانت الولايات المتحدة لا تقوم بما يترتب عليها في مكافحة الإرهاب فماذا سنفعل؟ سنتدبر أمرنا»، وفق الوكالة.
وكانت الولايات المتحدة اعربت الثلاثاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس عن «قلق بالغ» إزاء إعلان إردوغان الإثنين أنّ بلاده ستشنّ قريباً عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا لإنشاء «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً على طول حدودها مع جارتها الجنوبية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية «ندين أيّ تصعيد، ونؤيّد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الراهنة».
ومنذ العام 2016 شنّت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سوريا لإبعاد مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تصنّفها أنقرة إرهابية، والتي تحالفت مع الولايات المتّحدة في حملتها ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي.
وشنّت تركيا عمليتها العسكرية الأخيرة في سوريا في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 عندما أعلن الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترامب أنّ قوات بلاده أنجزت مهمّتها في سوريا وستنسحب من هذا البلد.
وأثار الهجوم التركي يومها غضباً شديداً في الولايات المتّحدة، حتّى في أوساط حلفاء الرئيس الجمهوري، ممّا دفع بنائبه مايك بنس إلى زيارة تركيا حيث أبرم اتفاقاً مع إردوغان لوقف القتال.
وقال برايس «نتوقّع من تركيا أن تلتزم بالبيان المشترك الصادر في تشرين الأول (أكتوبر) 2019».
ورداً على سؤال حول انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، وهو ما تعارضه تركيا، اعتبر الرئيس التركي أن المحادثات التي أجريت الأربعاء في أنقرة بين الوفود السويدية والفنلندية والتركية لم تكن «على قدر التوقعات» التركية.
وجدّد إردوغان اتهّام البلدين بـ«دعم الإرهاب»، معتبراً أن السويد ليست «صادقة».
وتتّهم تركيا البلدين وخصوصاً السويد التي تستقبل جالية كبيرة من الأتراك المقيمين في المنفى بإيواء نشطاء في «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون تنظيماً إرهابياً.
وتندد أنقرة كذلك بإيواء البلدين مناصرين للداعية فتح الله غولن الذي تتّهمه بتدبير المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في تموز (يوليو) 2016.
مسلحو المعارضة السورية
وقال مسلحو المعارضة السورية يوم الأحد إنهم مستعدون للانضمام إلى القوات التركية في هجوم جديد متوقع هددت تركيا بشنه ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا لاستعادة بلدات وقرى تقطنها أغلبية عربية وتسيطر عليها القوات التي يقودها الأكراد.
وقال اثنان من كبار القادة الميدانيين إن أوامر صدرت إلى قادة وحدات الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا باتخاذ موقف هجومي مع تصعيد الجيش التركي القصف بقذائف المورتر وضربات الطائرات المسيرة في الأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.
وقال النقيب عبد السلام عبد الرزاق القيادي في الجيش الحر المعارض «الجاهزية بتصير خلال يوم يومين. هناك عدد كبير.. عشرات الآلاف من مقاتلي الفصائل جاهزين بيشتغلوا بالعملية العسكرية مع الجيش التركي».
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي إن أنقرة ستشن قريباً عمليات عسكرية جديدة على طول حدودها الجنوبية لإقامة مناطق أمنية بعمق 30 كيلومتراً لمكافحة ما وصفه بتهديدات إرهابية من هذه المناطق.
ونفذت أنقرة ثلاث عمليات توغل في شمال سوريا منذ عام 2016، واستولت على مئات الكيلومترات من الأراضي وتوغلت بعمق نحو 30 كيلومترا، في عمليات استهدفت بشكل أساسي وحدات حماية الشعب الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة.
وتقول أنقرة التي كشفت مصادر مخابرات إقليمية أن لديها ما لا يقل عن 18 ألف جندي داخل سوريا، إن وحدات حماية الشعب الكردية على صلة بتمرد على الأراضي التركية.
وقال ضابط في قوات المعارضة السورية إن الهدفين الرئيسيين للهجوم هما تل رفعت، وهي بلدة شهدت تشريد آلاف العرب، وكوباني، وهي مدينة ذات أغلبية كردية، سيتيح الاستيلاء عليها لتركيا ربط بلدتي جرابلس وتل أبيض التي تسيطر عليهما الآن.
وقال مصدران بالمعارضة إن تركيا فككت الأسبوع الماضي أجزاء من جدار خرساني قرب كوباني كانت أنقرة قد شيدته على طول الحدود التي تصل إلى 911 كيلومتراً مع سوريا في خطوة للدفع بالقوات إلى البلدة الحدودية.
لكن قيادياً بارزاً في المعارضة على اتصال بالجيش التركي قال إنه ليس من المؤكد أن تكون عملية الجيش على وشك البدء وقال إنها قد تتأجل «حتى إشعار آخر».
وتزامن تعهد أردوغان بتنفيذ التوغل مع تصعيد تركيا لخلافها مع شركائها في حلف شمال الأطلسي بسبب مساعي السويد وفنلندا للانضمام للحلف.
وأبدت واشنطن قلقها من أي هجوم جديد على شمال سوريا وقالت إن ذلك سيزعزع الاستقرار الإقليمي ويعرض القوات الأميركية في المنطقة للخطر.
وقال مصدر في وحدات حماية الشعب، ليس مصرحاً له بالتحدث علناً، إن الوحدات قامت بعملية إعادة انتشار لآلاف عدة على الأقل من القوات وأرسلت إلى كوباني وبلدات أخرى مهددة.
وقال المصدر «كل الخيارات مفتوحة في الأيام المقبلة».
وقالت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد يوم الأحد إنها تتخذ الإجراءات الضرورية لمواجهة ما وصفته بغزو محتمل.
وأضافت أن وحدات حماية الشعب، التي طلبت مساعدة روسية لوقف التقدم التركي في توغل سابق، قامت في الأيام القليلة الماضية بتسيير دوريات مشتركة قرب خط الجبهة الأمامية مع مسلحين تدعمهم تركيا.
وذكر مصدر كردي آخر أن موسكو أرسلت أيضاً المزيد من الرحلات الجوية العسكرية إلى مطار القامشلي الذي تركته وحدات حماية الشعب تحت سيطرة الجيش السوري على الرغم من سيطرة الوحدات على المدينة نفسها.
ا ف ب