اليمن: الحوثيون والسلفيون يشعلون حرباً اهلية في الشمال

ما بين تعثر الحوار الوطني، وتوقفه عند نقطة الاقاليم، وتنامي نشاط القاعدة في العديد من المناطق وخصوصاً الجنوبية، ثمة ركن ثالث من اركان الازمة طفى على السطح ورفع منسوب التوتر القائم في اليمن.
ضمن تشعبات الازمة القائمة، والتي دخلت مرحلة التجذر منذ فترة ليست بسيطة، شهدت مناطق الشمال اليمني مواجهات صنفها بعض المحللين على اساس انها حرب اهلية انطلقت شرارتها في محافظة صعدة التي تعتبر مركزاً للتيار الحوثي الذي يتمسك بخصوصيته، ويعمل على تأسيس حالة تقربه من الانفصال عن جسم الدولة اليمنية، ويلتقي في طروحاته تلك مع الحراك الانفصالي في الجنوب.
مشروع الحرب الاهلية انطلق خلال الاسبوع الفائت في صعدة، بين حوثيين شيعة، ومجموعات تنتمي الى التيار السني، ضمن حالة يجمع المحللون على خطورتها، وعلى انها تؤسس لحرب طائفية في تلك الدولة، اطرافها مدنيون ينتمون الى تيارات تمتلك اجندات متقاطعة، اسستها على ارضية المواجهات التي حدثت بين الجيش والمتمردين الحوثيين قبل سنوات عدة، والتي تكررت اكثر من مرة، واوقعت مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ومع ان بعض التحليلات تتوقف عند ما تعتبره «نكء جروح» تستذكر المواجهات في تلك البقعة من اليمن، الا انها تجمع على اعتبار هذه المواجهات من نوع خاص، لجهة انها مواجهات شعبية، تتخطى القرار الرسمي بفرض الامن، وتكليف مختلف القوات الامنية والعسكرية بفرض القانون على جميع الاطراف، وفي كل المناطق، مع مواصلة الحرب ضد تنظيم القاعدة الذي ما زال يبدي نشاطاً غير مسبوق في المحافظات الجنوبية، بما في ذلك الجرأة على مهاجمة المواقع الرسمية وفي مقدمتها المقرات الامنية والعسكرية والمعتقلات والسجون.
مواجهات دامية
فبعد ايام من المواجهات في بلدة دماج بمحافظة صعدة، التي ادت الى سقوط قتلى وجرحى، تم الاعلان عن وقف إطلاق النار بين المتمردين الحوثيين والسلفيين في شمال اليمن.
ونقلت وسائل اعلام عن رئيس لجنة رئاسية مكلفة بإنهاء القتال تأكيده بدء سريان وقف إطلاق النار الأحد الفائت، في حين اشار متابعون الى ان الوقف كان هشاً.
وأوضح رئيس اللجنة، يحيى أبو إصبع، أن الحوثيين كانوا يطالبون بإطلاق سراح ستة من أفرادهم كانوا قد اختطفوا بواسطة أفراد من قبيلة الأحمر بمحافظة عمران المجاورة.
وأعلن مسؤول عسكري أن القتال في شمال اليمن والذي استمر ثلاثة ايام متواصلة، وادى الى مقتل 11 شخصاً، توقف بعد التوصل الى وقف لاطلاق النار دعت اليه اللجنة الدولية للصليب الاحمر.
وقال المصدر انه تم نشر وحدات من القوات المسلحة في المواقع والنقاط التي كان يتمركز فيها الطرفان. وتركزت المعارك بمختلف انواع الاسلحة حول مسجد ومدرسة لتعليم القرآن يسيطر عليهما السلفيون السنة في قرية دماج التي يطوقها الحوثيون.
واكد الحوثيون من معقلهم في صعدة، والذين يطلقون على أنفسهم اسم «انصار الله»، في بيان عبر موقعهم الالكتروني «ان السلفيين الذين يقاتلونهم في دماج ينتمون الى جماعات تكفيرية واجنبية وبينهم الآلاف من المقاتلين الاجانب».
وقالوا ان المجمع التعليمي في «دماج» يشكل جيباً للسلفيين السنة في منطقة صعدة التي يسيطر عليها الحوثيون الشيعة، وانه – المجمع – الذي قاموا بقصفه الاسبوع الفائت، يقع في صلب صراع مستمر منذ سنوات بين السلفيين والشيعة.
وفي بيان لاحق اعلن السلفيون ان حصيلة القتلى ارتفعت الى ثلاثين شخصاً من بينهم الرجل الثاني في مركز دماج التعليمي الشيخ محمد حزام. وبحسب البيان استخدم الحوثيون الاسلحة الثقيلة في المعارك.
وفي المقابل اصدر الحوثيون بياناً حول احداث دماج، نددوا خلاله بما قالوا انه «استمرار في تحشيد المقاتلين التكفيريين من محافظات عدة، ومن خارج اليمن، وارسالهم إلى دماج، ومناطق اخرى تعد معاقل للحوثيين في محافظات صعدة وعمران وحجة.
واتهم البيان آل الاحمر، وهي الاسرة التي تتزعم تجمع قبائل حاشد النافذة ويقودها الشيخ صادق الاحمر واخوه حميد الاحمر القيادي في التجمع اليمني للاصلاح (اخوان مسلمون)، بدعم السلفيين في دماج.
حملة امنية
الى ذلك، بدأت السلطات اليمنية حملة امنية جديدة لوضع حد للانفلات الامني وانتشار حمل السلاح في المدن الكبيرة بعد تزايد حوادث الاغتيال التي تستهدف ضباط الجيش والامن والمخابرات. وكثفت القوى الامنية انتشارها على مداخل المدن الكبيرة وفي تقاطعات الشوارع الرئيسة بهدف التدقيق في السيارات والدراجات غير المرخصة اثر استخدامها في اغتيالات تعرض لها ضباط الجيش والمخابرات وتزايدت في الآونة الاخيرة.
ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد محمد القاعدي، فإن الحملة تنفذها الوزارة بالتعاون مع بعض وحدات الجيش في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات، وتستهدف خصوصاً ضبط المتجولين بالاسلحة في المدن الرئيسية. مضيفاً ان حمل السلاح ظاهرة مقلقة، ومشيراً الى ان الحملة تتسم بالجدية. واكد ان هذه الحملة لا تستثني احداً من حملة السلاح الذين يتجولون في العاصمة او المدن الرئيسية. وتشكل الدراجات النارية والسيارات غير المرقمة هاجساً كبيراً فشلت في احتوائه حملات امنية متعاقبة.
في مسار مواز، احبط حراس سجن للمخابرات اليمنية في صنعاء تمرداً ومحاولة هروب جماعية لحوالي 300 عنصر من القاعدة. وذكر المصدر ان اكثر من 300 سجين من عناصر القاعدة في سجن الامن السياسي (المخابرات) في حي حدة في صنعاء تمردوا الاسبوع الفائت. وقام السجناء بالاعتداء على الحراسة الامنية المباشرة بالسكاكين والقضبان الحديدية ما اسفر عن اصابة عدد من الحراس بجروح بينهم مسؤول التحقيقات في جهاز المخابرات. وقام السجناء بتحطيم بعض الابواب وتدمير الحاجز الامني الاول ومصادرة اسلحة. الا ان عناصر الحاجز الامني الثاني اطلقوا النار على السجناء وتم احباط محاولة لهروب جماعي، ومعلومات غير مؤكدة عن هجوم من خارج السجن في الوقت عينه لانجاح عملية الهروب. وفي اعقاب ذلك، هدد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية السلطات اليمنية برد «قاس ومؤلم» اذا عاقبت المعتقلين الثلاثمائة من اعضائه، الذين حاولوا الهرب من سجنهم في صنعاء. وفي تسجيل فيديو حذر القيادي في التنظيم جلال بلعيدي المرقشي النظام اليمني من الاعتداء على السجناء بسبب انتفاضتهم ضد سجانيهم. وتوعد بان يكون الرد قاسياً ومؤلماً.
صنعاء – «الاسبوع العربي»