سياسة لبنانيةلبنانيات

مجلس الوزراء يقر الكابيتال كونترول معدلاً فهل يمر في مجلس النواب هذه المرة؟

عقد مجلس الوزراء امس جلسة في قصر بعبدا، خصصت لدراسة مشروع قانون الكابيتال كونترول، بعدما اسقطت اللجان النيابية الصيغة التي قدمتها الحكومة وجاءت ظالمة، لا بل قاتلة بحق المودعين كما تردد. فبعدما استخدمت الحكومة جميع الوسائل للاقتطاع من اموال اناس وضعوا جنى عمرهم امانة لدى المصارف، جاءت تقضي على ما تبقى من اموال يعاونها المصرف المركزي وهي عاكفة على القاء الحمل على اكتافهم. وقد اعتادت على هذه السياسة التي لا تجد حلاً الا باللجوء الى جيوب المواطنين فهو الحل الاسهل ولا يكلفها كثير عناء.
لماذا استفاقت الحكومة اليوم وتضامن معها النواب واصبح الكابيتال كونترول شغلهم الشاغل؟ رغم ان اصوات الخبراء الماليين والمواطنين بُحت وهي تطالب به، ولكن احداً لم يكن مستعداً لان يسمع. وتركوا الفرصة للمتنفذين ولاصحاب الاموال لتهريب اموالهم الى الخارج، حتى اذا حان اوان الدفع لا يكون امام الحكومة سوى المودعين. وعلى كل حال فان اموالهم بددت وهدرت وطاولها الفساد، ولم تعد موجودة اصلاً. ان استفاقة الحكومة اليوم جاءت تلبية لطلب صندوق النقد الدولي، الذي يشترط اقرار قانون الكابيتال كونترول، لتوقيع الاتفاق مع لبنان. من هنا وجدت الحكومة نفسها مضطرة لنفض الغبار عن هذا القانون، فتعرضت لحملة شعبوية من النواب كانت اشبه ببيانات انتخابية.
رئيس الحكومة رد على حملة النواب باعنف منها، فقال ان ما يفعلونه هو ضد مصلحة الوطن وان البعض يعملون على اسقاط الحكومة لتطيير الانتخابات، الا انه كما قال لن يمنحهم هذه الفرصة ولن يقدم استقالة الحكومة. اما مجلس الوزراء فقد انكب خلال الجلسة على مناقشة الصيغة الجديدة للكابيتال كونترول بعدما اسقطت الصيغة الاولى في اللجان النيابية. ويأخذ المجلس بعين الاعتبار الملاحظات والتعديلات التي وضعت، وخصوصاً ملاحظات صندوق النقد الدولي الذي يرفض تحميل المودعين الجزء الاكبر من الخسائر، وهم منها براء. الحكومة التي تتحمل الجزء الاكبر من الخسائر لانها هي التي انفقت وهي التي استدانت وعليها الا تتهرب من المسؤولية وتحملها للمواطنين، والا فان العواقب ستكون خطيرة. فهل يعي المسؤولون ذلك؟ المهم ان مجلس الوزراء اقر الكابيتال كونترول بعد ادخال تعديلات اليه آخذاً بعين الاعتبار ملاحظات صندوق النقد الدولي وسيحال مشروع القانون مجدداً الى المجلس النيابي فاما ان يقر ويقبل به صندوق النقد واما فلا اموال تدخل الى لبنان وعندها تكون الكارثة.
ومن التعديلات التي ادخلت اخراج رئيس الحكومة ونائبه من اللجنة التي تفاوض الصندوق واصبحت على الوجه الاتي: حاكم مصرف لبنان ووزير المال وخبيران اقتصاديان وقاض من الدرجة 18. ولم يحدد مشروع القانون بصورة واضحة مصير الودائع. فعلى امل نجاح هذه العملية كلها والا سقط لبنان.
جلسة مجلس الوزراء لم يحضرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لانه لم يدع اليها. فكيف ناقش الوزراء هذا القانون في غياب عنصر اساسي في النظام المالي، هو حاكم مصرف لبنان؟ فهل ان الحكومة جادة في الحوار مع صندوق النقد الدولي الذي وصلت بعثته الى لبنان هذا الاسبوع وستوسع مروحة اتصالاتها لتشمل الى جانب المسؤولين، الهيئات الاقتصادية وبعض فئات المجتمع المدني. والصندوق يرفض ان يُحمَل المودعون عبئاً مدمراً ليسوا مسؤولين عنه لا من قريب ولا من بعيد، بل هم ضحية طبقة سياسية فشلت في تحمل مسؤولياتها، فعمت الفوضى ووصل البلد الى الخراب.
وامام مجلس الوزراء ايضاً الازمات المتلاحقة التي لم يعد للمواطن قدرة على تحملها. فسعر صفيحة البنزين وصل الى نصف مليون ليرة وهذا من شأنه ان يشل البلد ويوقف العمل في الادارات الرسمية وفي المؤسسات الخاصة والشركات، اذ ان المعاشات التي لا تزال تدفع على اساس السعر الرسمي للدولار، لم تعد تكفي حتى لتأمين البنزين للوصول الى مركز العمل. اما اسعار المواد الغذائية وخصوصاً الفاكهة والخضار فلا تزال على ارتفاعها الجنوني رغم تحسن الطقس. وهذا معروف فعندما ترتفع الاسعار لا تعود تنخفض، فالفلتان يعم كل القطاعات ولا من يحاسب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق