الفرصة سانحة فاما ان تختاروا الصح والا اكملوا حياتكم بهذا الذل القاتل
ميقاتي يتحرك في قطر ووزير الطاقة لا يجد حلاً لازمة المحروقات الا في جيوب المواطنين
فيما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ينشط في الدوحة، حيث يشارك في منتدى قطر، ويكثف اتصالاته مع المسؤولين العرب، وفي مقدمهم امير قطر تميم بن حمد، كانت الازمات القاتلة تلاحق اللبنانيين من كل حدب وصوب بحيث بدوا عاجزين عن مواجهة هذا الوضع القاسي جداً عليهم.
ففي العاصمة القطرية تحرك الرئيس ميقاتي في كل الاتجاهات، محاولاً استثمار بارقة الامل التي لاحت بعودة العلاقات مع دول الخليج، وخصوصاً السعودية، الى طبيعتها، عاملاً على تطويق التصريحات السلبية التي ادلي بها وزير خارجية ايران في قصر بسترس، الذي حوله الى منبر لتكريم شهداء ايران ومناسبة للتدخل في الانتخابات النيابية اللبنانية، ولم ينس طبعاً توجيه ما يشبه التهديد للمملكة العربية السعوردية. ويبدو ان الرئيس ميقاتي كان متفائلاً بنجاح مهمته، مستنداً الى تصريح وزير خارجية الكويت الذي اشاد بجهود الحكومة اللبنانية وموقفها الايجابي من الورقة الكويتية. وكان مرتاحاً الى لقائه مع امير قطر الذي اكد كامل الدعم للبنان، ومساعدته على تجاوز وضعه الصعب. كما اجتمع الرئيس ميقاتي الى وزير خارجية قطر الذي سيزور لبنان وفق ما وعد به الامير تميم، ووزير خارجية سلطنة عمان وبحث معه العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة.
في هذا الوقت حددت اللجان البرلمانية موعداً اليوم لمناقشة قانون الكابيتال كونترول النائم في الادراج منذ سنتين ونصف، امعاناً في ضرب مصالح المواطنين وحفاظاً على مصالح ممثليهم في المجلس النيابي. وهم نفضوا الغبار عنه اليوم، بعدما طلب صندوق النقد الدولي اقرار هذا القانون لمتابعة المفاوضات فحشر النواب المتقاعسين. وقد ادرج هذا القانون على جدول اعمال الجلسة العامة، التي حدد الرئيس بري غداً الثلاثاء موعداً لها.. غير ان مصادر مراقبة ابدت تخوفها من عدم اقرار هذا القانون في المجلس بسبب الخلافات التي تعصف بالنواب. فكل طرف يريد صياغة تناسب مصلحته. فهل يتم تجاوز هذه المطبات غداً؟
وسط هذا التناحر بين ممثلي الشعب كانت الازمات القاتلة تتراكم فوق رؤوس المواطنين لتكتم انفاسهم وتشل حركتهم، انطلاقاً من القفزات الجنونية للاسعار بعد عودة الدولار الى التحليق، وخصوصاً اسعار الفاكهة والخضار التي فاقت كل التوقعات وتجاوزت كل الحدود، حتى ان المزارعين انفسهم اعترفوا بان الاسعار غير طبيعية، وعزوا ذلك الى الطقس المثلج والبارد، وتوقعوا ان تهبط الاسعار بعد تحسن الطقس. الا ان المواطنين لا يصدقون، استناداً الى التجارب. فالاسعار التي ترتفع لا يمكن ان تعود الى الوراء. احد الخبراء علق على الموضوع فقال ان الحل بيد المواطنين، فلماذا لا يلجأون اليه؟ ويقضي بمقاطعة اي سلعة مهما كانت الحاجة اليها ماسة والامتناع عن شرائها مهما طالت المدة، حتى يضطر الجشعون الى خفض اسعارها. انه حل فعال ومعقول، فلماذا لا يلجأ اليه المستهلكون؟
الازمة الاخرى القاتلة التي تواجه المواطنين، هي ازمة المحروقات التي عادت تتلاعب باعصاب الناس وتدمرها. وعادت الطوابير تتجمع امام المحطات وتسد الطرقات، هذا فضلاً عن ان اسعارها اصبحت فوق قدرة المواطن على تحملها. فصفيحة البنزين اصبح سعرها قريباً من الحد الادنى للاجور. فكيف يعيش المواطن؟ لقد شهدت هذه الازمة حلحلة في نهاية الاسبوع خفت معها طوابير السيارات، الا ان التخوف من ان مصرف لبنان حدد العمل بالالية التي حدت من الازمة حتى يوم الثلاثاء. فماذا بعد؟ وهل تعود الاوضاع الى التأزم؟ لقد وجد وزير الطاقة الحل وطبعاً كما في كل مرة من جيوب المواطنين. فوافق على زيادة سعر صفيحة البنزين بمعدل 25 الف ليرة. ومع ذلك لا يزال الشعب صامتاً.
ازمة الكهرباء من سيء الى اسوأ ويزيد من ضراواتها سوء التوزيع الخاضع لمزاجية الموزعين. فهناك مناطق تبقى 24 ساعة بدون ان تحظى ولو بساعة واحدة بالتيار. وكذلك ازمة المياه المقطوعة يومياً رغم تراكم الثلوج وهطول الامطار الغزيرة. هذا ولم نذكر ازمة فقدان الادوية واستحالة الدخول الى المستشفيات،التي باتت حكراً على الطبقة الميسورة. واذا اردنا ان نستمر في تعداد الازمات يضيق بنا المجال. كل ذلك والدولة غائبة او عاجزة وتثبت مرة جديدة انها ليست على قدر المسؤولية. فالسلطة مهمتها خدمة مصالح الناس. اما عندنا في لبنان فالسلطة هي لخدمة نفسها ومصالحها واستخدام الناس لخدمتها، وهذا ما ادى بالبلد الى الانهيار الكامل.
لهذا كله لا بد من تذكير المواطنين بان مفتاح الحلول لكل هذه المآسي بيدهم وحدهم، فلماذا لا يستخدمونه. انفضوا غبار التبعية والاستزلام لهذا الزعيم او ذاك، وفتشوا عن مصالحكم التي تضيعها هذه المنظومة يوماً بعد يوم. والفرصة امامكم سانحة، قبل التوجه الى صناديق الاقتراع بعد شهر ونصف الشهر، فكروا بالحالة التي وصلتم اليها، ومن اوصلكم الى هذا الوضع المذل، واختاروا الصح. فان فعلتم تصلون الى بر الامان والا كفوا عن الشكوى. واكملوا حياتكم بهذا الذل القاتل.