رئيسيسياسة عربية

ليبيا: انقلابات متقاطعة واغتيالات بالجملة

في ليبيا، الكل ينقلب على الكل، والجميع يحاول اطاحة الجميع، ضمن حالة غريبة من الفوضى التي يصعب معها تلمس الطريق، او اكتشاف المسارات من سياسية او امنية. فقد شهدت الساحة الليبية على مدى الاسبوعين الفائتين حالة من التفكك، الذي فسره بعض المتابعين بانه انقلاب على جماعة الاخوان المسلمين، بينما قرأه آخرون من زاويا متعددة الالوان والاشكال. ولكن دون التوصل الى حالة محددة.

غالبية المعنيين بتفاصيل المشهد يرون ان جماعة الاخوان المسلمين الليبية وذراعها السياسي حزب العدالة والبناء، الذي حصل على الترتيب الثاني في الانتخابات التشريعية التي جرت العام الفائت، والتي افرزت المجلس التشريعي، ليست بعيدة عما يجري، وتحديداً في ضوء التطورات التي تشهدها الساحة المصرية. واستناداً الى معلومات حول قرار مكتب الارشاد العالمي للجماعة بدعم اخوان مصر في «ازمتهم».
الدليل على ذلك قيام الجانب المصري باغلاق الحدود مع ليبيا، وتكثيف عمليات الرصد للحدود خشية تهريب اي دعم في اي اتجاه والحد من اي تواصل بين الجانبين.
ومع حالة الفوضى السائدة على الساحة الليبية، يتوقف المتابعون عند تفاصيل تؤشر على انقلاب واضح ضد جماعة الاخوان. ما يعني ان الجماعة التي يعتبرها محللون سبباً في الازمة، يمكن ان تكون هدفاً في الوقت نفسه. وعلى خلفية دورها في تفاصيل الازمة، ومنها عمليات الاغتيال التي حدثت، والتي ادت الى تحويل مسار الازمة في اتجاهات تصعيدية. فقد اغتيل قائد لواء في سلاح الجو الليبي خلال الاسبوع الفائت في مدينة درنة الواقعة شرق البلاد. وقالت وكالة الانباء الليبية ان العقيد فتحي علي العمامي آمر مكتب البحث والانقاذ التابع لرئاسة الدفاع الجوي الليبي في مدينة درنة شرق ليبيا تعرض للاغتيال. واضافت ان اشخاصاً على متن سيارة اطلقوا النار على الضحية بينما كان يدخل متجراً لبيع الحلي.

اغتيالات
وفي بنغازي اغتال مجهولون بعد ذلك بيومين ضابطين في الجيش والشرطة في ثالث عملية اغتيال تجري في اليوم عينه. وقال المتحدث الرسمي باسم الغرفة العقيد محمد الحجازي ان مجهولين قاموا باغتيال العميد طيار متقاعد سالم السراح خلال تأديته صلاة التراويح في مسجد التوبة بمنطقة الليثي في مدينة بنغازي. واوضح الحجازي ان العميد كان يعمل بقاعدة بنينة الجوية وتم غدره من الخلف خلال تأديته الصلاة في المسجد.
كما اعلن الحجازي عن مقتل رئيس مركز شرطة جخرة بمديرية امن الواحات العقيد خطاب الرحيم الزوي في منطقة الصابري بمدينة بنغازي عقب صلاة التراويح. وقال ان الزوي لقي حتفه رمياً بالرصاص في حي سوق احداش في منطقة الصابري، مشيراً الى انه لم يعرف ما اذا كان قد اتى الى بنغازي في زيارة عائلية او بمهمة عمل.
وكان مجهولون اغتالوا قبل ذلك الناشط السياسي والحقوقي المحامي عبد السلام المسماري عقب خروجه من احد مساجد مدينة بنغازي بعد تأديته الصلاة وذلك برصاصة استقرت في قلبه وتوفي على اثرها مباشرة، وقبل ان يصل الى مستشفى الجلاء للحوادث.
وخرج مئات من النشطاء مساء امام فندق تيبستي وسط المدينة تنديداً بعمليات الاغتيالات والقتل للنشطاء وضباط الجيش والشرطة.
ومنذ سقوط معمر القذافي يشهد شرق ليبيا، مهد الثورة الليبية، انفجارات واغتيالات وهجمات تستهدف قضاة وعسكريين وضباط شرطة خدموا في عهد الزعيم الراحل معمر القذافي الذي اطاحت الثورة نظامه في العام 2011.
ولم تتوقف الأعمال الإرهابية عند اغتيال الاشخاص، بل طاولت الهجمات السفارات العربية والأجنبية، ودأبت المجموعات المسلحة في ليبيا على تنفيذ هجمات على الدبلوماسيين الأجانب والسفارات.                                                                                                    فقد وقع انفجار في مرآب سيارات لمجمع سكني مجاور لمجمع أبراج طرابلس حيث توجد سفارتا بريطانيا وكندا وايضاً مكاتب العديد من شركات الطيران الاجنبية وشركات اخرى. ولم يتضح على الفور سبب الانفجار لكن مصدراً يعمل في المبنى قال انه يمكن ان يكون سيارة ملغومة. ووقع الانفجار عصراً بعدما غادر الموظفون مكاتبهم.
وتعرضت سفارة الإمارات في طرابلس الغرب لهجوم بالصواريخ في وقت مبكر من صباح الخميس الفائت، دون أن يسفر عن سقوط ضحايا. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الليبية  رامي سعيد الكعال ان مجهولين اطلقوا صاروخاً من نوع «آر.بي.جي» على مبنى السفارة مما ادى الى اضرار بسيطة فيه، مؤكداً أن السفير الإماراتي موجود خارج ليبيا في الوقت الراهن.

استهداف سفارة الامارات
وأفاد شهود عيان بأن مجهولين كانوا على متن سيارة اطلقوا صاروخاً على المجمع الذي يضم السفارة ومنزل السفير ثم لاذوا بالفرار. وذكرت مصادر أمنية ليبية، مكلفة حماية البعثات الدبلوماسية، كانت تقوم بحماية مبنى منزل السفير الاماراتي، أن هذا الهجوم غير معروف حتى اللحظة، ولم يكشف بعد عن المستهدف منه، مؤكدين أن التحقيقات جارية لمعرفة كل التفاصيل المتعلقة بهذا الاعتداء.
وقال الكعال: إن وزير الداخلية الليبي العقيد محمد الشيخ اتصل فوراً بالقنصل الإماراتي، وأعرب له عن أسفه البالغ لحدوث هذا العمل الذي وصفه بـ «الإرهابي الجبان» على منزل رئيس البعثة الإماراتية. وأضاف الكعال أن التحقيقات مستمرة بمكتب الأمن والمعلومات وهيئة السلامة الوطنية والبحث الجنائي ومركز شرطة حي الاندلس، للوقوف على ملابسات الحادث. الى ذلك، افاد مسؤول امني ان اكثر من الف سجين، غالبيتهم من سجناء الحق العام، فروا  من سجن في بنغازي شرق ليبيا اثر حركة تمرد. وقال المصدر، الذي رفض كشف اسمه، ان حدوث حركة تمرد داخل سجن الكويفية وهجوم من الخارج، ما ادى الى هروب اكثر من الف سجين. واضاف ان القوات الخاصة التي تم استدعاؤها كقوة اسناد تلقت الامر بعدم اطلاق النار على السجناء. وقال المسؤول ان القسم الاكبر من الفارين من سجناء الحق العام، وبينهم افارقة غير ليبيين.
من جهتها اعلنت سلطات مطار القاهرة الدولي تشديد الاجراءات الامنية على القادمين من اربع دول من بينها ليبيا، وذلك بهدف منع دخول اشخاص غير مرغوب فيهم من تلك البلدان، وسط اشارات تتحدث عن ان مواطني تلك الدول ليسوا من المرغوب دخولهم الى الاراضي المصرية. وفي هذه الاثناء هاجم محتجون مكاتب تابعة لجماعة الاخوان المسلمين ومقراً لائتلاف ليبرالي بعد أن تحولت احتجاجات على اغتيالات في بنغازي إلى أعمال عنف. ونزل المئات إلى الشوارع ليلاً لادانة اغتيال عبد السلام المسماري النشط السياسي البارز الذي قتل بالرصاص عند مغادرته المسجد بعد صلاة الجمعة.

طرابلس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق