رئيسي

تركيز دولي على البحث عن الشرعية: برلمانا ليبيا يبدآن «حوار الطرشان»

انطلقت في العاصمة الليبية طرابلس الجولة الاولى من الحوار الوطني الذي يجري برعاية دولية. وسط تقديرات مراقبين بان الحوار سيكون صعباً، وقد لا يفضي الى نتائج ايجابية بشكل كامل.

ومع ان المؤشرات الاولية تفضي الى قدر من التوافق على ثوابت عرضتها الامم المتحدة، الا ان الخلافات التي يعتقد انها تتركز على التفاصيل، لا تقل صعوبة عن المبادىء. اضافة الى مقاطعة بعض التوجهات وخصوصاً التيار الاسلامي الذي يرى انه صاحب «الشرعية»، والذي ينفي اعترافه بكل طرف آخر.
واللافت في هذا الحوار انه يجري بين برلمانين كل منهما يدعي الشرعية، ويرى انه يمتلك ادوات قيادة الشارع، ويدعي انه امتداد لمؤسسات تشكل كل واحدة منها اساس الدولة المفترضة، ومن بينها «حكومة» و«جيش». لكنهما يتنازعان على ادارة مؤسسات الدولة وخصوصاً الحيوية منها. وفي مقدمتها البنك المركزي.
فقد التقى «الثلاثاء» نواب من طرفي النزاع الليبي للمرة الأولى حول طاولة مفاوضات برعاية الامم المتحدة التي تحاول اطلاق حوار سياسي لوضع حد للفوضى المؤسساتية في البلاد. وعلاوة على العنف شبه اليومي منذ اطاحة نظام معمر القذافي قبل ثلاث سنوات، يعيش الليبيون حالياً وضعاً غير مسبوق مع برلمانين وحكومتين ما يعقد اكثر عملية الانتقال السياسي الصعبة.
وتوصل رئيس بعثة الامم المتحدة الى ليبيا برناردينو ليون في ختام محادثات ماراتونية الى اقناع الطرفين بالجلوس الى طاولة حوار.
وافاد بيان لبعثة الامم المتحدة ان ليون توجه مساء الاحد الى طبرق، المقر الذي يجتمع فيه مجلس النواب منذ انتخابه ومن ثم الى طرابلس للقاء النواب الاخرين الذين يقاطعون الاجتماعات.

لقاء مصالحة
وقال المتحدث باسم البرلمان فرج ابو هاشم ان 12 نائباً من كل طرف يشاركون في اللقاء.
وكانت بعثة الامم المتحدة أعلنت الاثنين الماضي ان الحوار سيركز على «شرعية المؤسسات» وخصوصاً البرلمان وحول رفض الارهاب واحترام حقوق الانسان.
وافادت البعثة ان اللقاء يجب ان يؤدي الى اتفاق حول تسوية داخلية في مجلس النواب «ومسائل اخرى مرتبطة بحكم البلاد».
كما من المفترض التوصل الى اتفاق حول مكان وموعد تسليم السلطات بين المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته) والبرلمان أو مجلس النواب المنتخب، ويشكل هذا الامر نقطة خلاف بين الاسلاميين وخصومهم.
وكانت ميليشيات «فجر ليبيا» سيطرت على العاصمة الليبية بعد ان سيطرت نهاية آب(اغسطس) على المطار وطردت ميليشيات «ثوار الزنتان» الموالية للسلطات.
ومع تقدمها العسكري قامت هذه الميليشيات بتشكيل حكومة موازية في طرابلس كما استأنف «المؤتمر العام» الذي انتهت ولايته مع انتخاب البرلمان الجديد، اعماله ما زاد من تعقيد الوضع في البلاد.
ومنذ ان تمت اطاحة نظام معمر القذافي اصبحت كتائب الثوار السابقين التي حاربت معاً النظام تفرض سلطتها في البلاد الغارقة في الفوضى وحيث لم تنجح اي سلطة في استعادة النظام والاستقرار.

فجر ليبيا
وبعد السيطرة على طرابلس وسعت ميليشيات «فجر ليبيا» عملياتها العسكرية الى غرب طرابلس حتى منطقة ورشفانة الحليفة للزنتان والمتهمة بايواء انصار للنظام السابق.
ويرى العديد من المراقبين وبينهم نواب، ان هذا الاجتماع لا يملك سوى فرص قليلة للتوصل الى نتائج ملموسة خصوصاً في ظل غياب الميليشيات التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد وبينها بنغازي (شرق) ثاني أكبر مدن ليبيا التي سقطت في تموز (يوليو) الماضي بايدي ميليشيات اسلامية بينها «انصار الشريعة» المصنفة تنظيماً ارهابياً من واشنطن.
ويتهم تحالف ميليشيات «فجر ليبيا» البرلمان المنتخب الجديد والحكومة المنبثقة عنه برئاسة عبدالله الثني بـ «الخيانة» وبانها تواطأت ابان المعارك للسيطرة على مطار طرابلس في تنفيذ غارات جوية يقولون ان الامارات نفذتها بدعم من مصر واستهدفت مسلحي «فجر ليبيا».
في المقابل ندد البرلمان الجديد بـ «تجاوزات» ميليشيات فجر ليبيا واصفا اياها بـ «الجماعات الارهابية» على غرار انصار الشريعة. ويعترف المجتمع الدولي بالبرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات 25 حزيران (يونيو) لكن هذا البرلمان تحتج عليه جماعات معظمها اسلامية تعرف باسم «فجر ليبيا» التي سيطرت على العاصمة منذ آب (اغسطس) الماضي.
ويقاطع بعض النواب الذين يؤيدون «فجر ليبيا» اعمال البرلمان الجديد الذي اضطر لعقد اجتماعاته في مدينة طبرق الواقعة على بعد 1600 كلم شرقي طرابلس وذلك للابتعاد عن ضغط الميليشيات المسلحة.

انطلاق الحوار
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اعلنت في بيان أنها حددت التاسع والعشرين من ايلول (سبتمبر)  الفائت، موعداً لانطلاق الحوار بين الأطراف الليبية لإنهاء الفوضى في هذا البلد الذي يشهد انقساماً حاداً.
وقال بيان بعثة الامم المتحدة ان الحوار سيعقد على أساس مجموعة من المبادىء متمثلة في الاعتراف بشرعية المؤسسات المنتخبة، اي مجلس النواب المنتخب في 25 حزيران (يونيو) واحترام الإعلان الدستوري الذي يحكم البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011
وسيجري ايضاً على مبدأ أن يكون شاملاً وعلى احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي والنبذ الصريح للإرهاب.
وقالت البعثة في بيانها ان المناقشات ستتركز في البداية على التوصل إلى اتفاق حول النظام الداخلي لمجلس النواب إلى جانب الاتفاق على القضايا الملحة المتعلقة بالحوكمة في البلاد.
واضافت انه يجب التوصل ايضاً الى الاتفاق على تاريخ ومكان ومراسم تسليم السلطة من المؤتمر الوطني العام السابق إلى مجلس النواب، وهي احدى نقاط الخلاف بين الاسلاميين وخصومهم. وقالت بعثة الامم المتحدة في بيانها ان اقتراحها يأتي بعدما عقد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون خلال الأسبوعين الماضيين مشاورات مع عدد من الأطراف الفاعلة الليبية من جميع أنحاء البلاد «بما في ذلك برلمانيون وزعماء سياسيون والعديد من شخصيات المجتمع المدني».
وأضافت أن هذه المناقشات اكدت وجود توافق عام بان الحل الوحيد للازمة الحالية في ليبيا هو عقد حوار سياسي يؤدي إلى الاتفاق على اطار مؤسساتي واجماع سليم على طرق استمرار عملية التحول الديموقراطي.
وستتطلب هذه القضايا الرئيسية أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. وستخضع جميع قرارات مجلس النواب للنظام الداخلي المتفق عليه، حسب البيان.
واعتبرت البعثة أن الاتفاق على هذه النقاط سيتيح الفرصة للمناقشات المستقبلية حول القضايا الملحة المتعلقة بالحوكمة والتحول السياسي وإعادة مؤسسات البلاد إلى طبيعتها بشكل كامل.
وأعلنت البعثة أنه وبالموازاة مع ذلك ستبدأ الأمم المتحدة محادثات مع الأطراف لمعالجة عدد من تدابير بناء الثقة والترتيبات الأمنية التي ستهيء الظروف المناسبة ليسود السلام والثقة في ليبيا.

اصدقاء ليبيا
وكان وزراء خارجية 13 دولة تصنف على اعتبار انها مجموعة «اصدقاء ليبيا»، من بينها أميركا وتركيا،  قد دعوا جميع الأطراف المعنية في ليبيا إلى الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار والانخراط بشكل بناء في حوار سياسي سلمي لحل الأزمة الجارية والامتناع عن أعمال المواجهة.
جاء هذا في ختام اجتماع عقدوه، على هامش اجتماعات أعمال الدورة الـ 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك حالياً.
وتناول الاجتماع بحث التطورات الأمنية والسياسية التي تشهدها ليبيا.
وفي نهاية الاجتماع أدان الوزراء في بيانهم الختامي استمرار أعمال العنف والإرهاب والتطرف التي تشهدها ليبيا والتي أضرت بالعملية الديمقراطية والتنموية في ليبيا.
ودعا البيان جميع الأطراف المعنية في ليبيا إلى الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار والانخراط بشكل بناء في حوار سياسي سلمي لحل الأزمة الجارية والامتناع عن أعمال المواجهة.
كما تضمن البيان التأكيد على أهمية تقديم الدعم الكامل لجهود الممثل الخاص للأمين العام إلى ليبيا برناردينو ليون الرامية إلى تأمين تسوية تفاوضية للأزمة الراهنة وتقدير عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا.
وشدد البيان على الجهود التكميلية التي يبذلها دول جيران ليبيا والشركاء الآخرون لتعزيز التوافق الوطني والمصالحة وجهود معالجة الأزمة الإنسانية في ليبيا.
وأكد على عدم وجود أي حل عسكري للصراع الدائر وعلى دعم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2174  الداعي لمواجهة تهديدات، والاستقرار في ليبيا.
وذكر البيان جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وحذر المسؤولين عن أعمال العنف والمعرقلين لعملية التحول الديمقراطي في ليبيا بإخضاعهم للمساءلة.
وجدد البيان اعترافه بمجلس النواب الليبي كسلطة تشريعية وحيدة في البلاد والتزامه القوي بسيادة واستقلال ليبيا وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية.
من جهة اخرى منح مجلس النواب الليبي ( البرلمان)، مساء الاثنين، الثقة لحكومة الأزمة التي تقدم بها رئيس الوزراء المكلف عبد الله الثني، وذلك بأغلبية ساحقة.
وقال عضو مجلس النواب الليبي طارق الجروشي إن المجلس منح الثقة مساء يوم الاثنين لحكومة عبدالله الثني بأغلبية 110 من النواب من إجمالي 112 عضواً حضروا الجلسة.

طرابلس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق