تأمن تمويل الانتخابات وسقطت الكهرباء فهل كتب على اللبنانيين العيش دائماً في العتمة؟
صناديق الانتخابات بانتظاركم والخروج من هذه الاجواء الفاسدة في ايديكم فتصرفوا
خفت حدة التوتر الذي ساد جلسة مجلس الوزراء التي عقدت لاقرار الموازنة الاسبوع الماضي، فجاءت جلسة امس اقل تشنجاً، ولا ندري ان كانت الامور قد سويت ام انها جمر تحت الرماد. الجلسة انعقدت برئاسة رئيس الجمهورية وعلى جدول اعمالها 17 بنداً ابرزها تمويل الانتخابات وخطة الكهرباء.
بعد تخوف رسمي من ان تؤجل الانتخابات بسبب عدم القدرة على تمويلها، بدد مجلس الوزراء هذا الخوف وخصص مبلغ 15 مليوناً ونصف المليون دولار للانفاق عليها. وهكذا زال سبب التخوف، الا ان الحذر يبقى شديداً وواجباً، لان هناك اطرافاً لا تزال تعمل في السر وفي العلن لنسف هذه الانتخابات، فهي تعتقد ان النتائج لن تكون لصالحها. يضاف الى ذلك ان المعركة الانتخابية التي تتصف عادة بالحماوة الشديدة، لا تزال باردة رغم انه لم يبق على موعد الانتخابات سوى اقل من ثلاثة اشهر. فكأن الاطراف التي ستتنازع وتتنافس، لا تزال غير مصدقة بان الانتخابات ستجري في موعدها. وحده وزير الداخلية بسام المولوي يعمل بجدية كاملة تحضيراً للاستحقاق المنتظر. وهو الذي طلب من مجلس الوزراء بحث التمويل، فضلاً عن انه اتخذ كل التدابير اللوجستية تحضيراً للمعركة. ويتوقع المراقبون ان ينشط المرشحون بعد قرار مجلس الوزراء، وتعود الاجواء الحماسية التي اعتاد عليها اللبنانيون.
يبقى المهم اليوم ان يراجع الناخبون حساباتهم ويعرفوا كيف يختارون. فالمعركة هذه المرة مصيرية، فاما ان تبقى الامور على ما هي عليه، دولة فاقدة السلطة والموقف، وخاضعة لقوى تعمل لمصلحتها ولمصلحة من يقف وراءها، بعيداً عن المصلحة اللبنانية التي هدرت لمصالح خارجية. هذه المنظومة التي تخلت عن مسؤولياتها لا يجوز ان تبقى اذا اريد لهذا الوطن ان ينهض، فتكوّن الانتخابات سلطة قادرة وحازمة تسترجع لبنان، بعدما ابتعد كثيراً عن محيطه وبيئته العربية وخسر دوره الذي اشتهر به.
الموضوع الثاني الذي كان على جدول اعمال مجلس الوزراء خطة الكهرباء. وقد انتظر اللبنانيون بفارغ الصبر الاعلان عنها، علها تحمل اليهم الامل بالخروج من العتمة، عتمة المنظومة الفاشلة، الى النور الذي يضيء مجاهل العالم الا لبنان. خيبة الامل كانت كبيرة اذ تبين ان لا خطة ولا كهرباء، بل مجرد افكار قديمة لا توصل الى شيء. فكأنه كتب على هذا البلد ان يبقى في العتمة كي لا يرى العالم الفساد والفشل والتخلي عن المسؤولية.
ثلاثون سنة ونيف مرت على انتهاء الحرب اللبنانية انفق خلالها على الكهرباء وحدها اكثر من 45 مليار دولار، وبقى المواطنون بلا كهرباء، تعاقب على وزارة الطاقة عدد من الوزراء كان المطلوب منهم اعادة النور الى المنازل، الا ان انجازاً واحداً في هذا المجال لم يتحقق، لان العمل لم يكن يوماً موجهاً الى هذه الخدمة، بل الى مصالح شخصية ومكاسب مغرية. 45 مليار دولار كانت كافية لبناء معامل تغطي المنطقة كلها بالكهرباء، الا اننا بدل ذلك نعيش في العتمة. انها عتمة منظومة فشلت على جميع الصعد، فخسرت سلطتها ولم تعد صاحبة الكلمة الاولى في البلد. انتقدها العالم كله وتحدث عن فسادها وعجزها وتخليها عن مسؤولياتها، ولكنها هي لم تسمع ولم تر، ولم ترد بكلمة واحدة، وبماذا ترد طالما ان الاوصاف التي تلصق بها صحيحة. وقد اثبتت الاحصاءات التي قامت بها منظمات دولية، اننا اصبحنا في اخر لائحة الدول الفاشلة فهنيئاً للبنانيين. هل يستيقظون ويقبعون هذه المنظومة من جذورها ام انهم اعتادوا على العيش في قعر الهاوية؟
ونعود الى الموازنة فنقول للحكومة انها لن تمر لانها لا تتضمن شيئاً من مقومات النهوض والتعافي. فلا اصلاحات ولا مشاريع حيوية ولا تقديمات من اجل عيش كريم، بل مجموعة ارقام كلها رسوم وضرائب تطبق على صدور اللبنانيين فتحملهم اكثر بكثير مما يستطيعون حمله ولذلك فان الموازنة ساقطة حتماً والمواطنين باقون في قعر الهاوية وخروجهم منها بايديهم فهل يقدمون؟