سياسة لبنانيةلبنانيات

الدولة اوقفت دفع ديونها فلماذا لا يتقيد المواطن بها ويوقف الدفع لها؟

الرسوم الخيالية اذا مرت في الموازنة تقدم اكبر خدمة للمهربين والمحتكرين

اقرت الموازنة… لا لم تقر. هذه هي الاجواء اليوم، فاين هي الحقيقة الضائعة؟ يوم الخميس الماضي خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جلسة مجلس الوزراء، ليعلن انه تم اقرار الموازنة، وستحال الى المجلس النيابي لمناقشتها واقرارها بصيغتها النهائية. وما هي الا ساعات حتى انبرى وزراء الشيعة ليعلنوا ان الموازنة لم تقر ولم يجر التصويت عليها. فمن نصدق واين وحدة الكلمة والموقف التي تثبت القرار المتخذ؟
في كل مرة يتم بحث موضوع او قضية، او يتخذ قرار تنشب الخلافات السياسية بين مؤيد ومعارض، فيضيع المواطن، وهو اصلاً ضائع من كثرة من حملوه من اعباء سقط تحتها، واصبح عاجزاً عن النهوض. ففي ما يتعلق بالموازنة يقول وزراء «حزب الله» و«آمل»، ان هناك بنوداً لم يناقشها الوزراء وهي تتعلق بالسلع التي ستبقى خارج الدولار الجمركي ولم يطلع عليها الوزراء وبالتالي لم يتم التصويت على الموازنة لا بالقبول ولا بالرفض. ويقول نائب الامين العام لحزب الله ان اقرار الموازنة بالشكل الذي تم فيه غير قانوني، وعلى الحكومة ان ترفق خطة التعافي مع الموازنة لتتم مناقشتها. وما اشعل الخلاف هو طرح بعض التعيينات من خارج جدول الاعمال، ثم رفع الجلسة، الامر الذي اثار وزراء الحزب وامل، لان الاسماء لم تعرض عليهم مسبقاً للبحث فيها مع مرجعياتهم، فضلاً عن عدم تعيين من يشغل منصباً خاصاً بالطائفة الشيعية. وتبقى الانظار مشدودة الى يوم غد الثلاثاء، حيث ستعقد جلسة لمجلس الوزراء يتم فيها بحث تمويل الانتخابات. كما تردد انه سيتم البحث بالتعيينات موضع الخلاف.
اين المواطن من كل هذا وما هو موقفه؟ هو يرفض جملة وتفصيلاً الزيادات الخيالية على الخدمات العامة، كالكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها، ليس لانه يرفض الاصلاح، بل لاسباب اخرى اولها انه يعلم ان هذه الاموال لن تلبث ان تصبح في بعض الجيوب الواسعة، والتجارب السابقة علمته جيداً. والسبب الاخر انه لا يملك القدرة على سداد هذه المبالغ الضخمة التي هي فوق طاقته. منذ وقت ليس ببعيد قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: نحن لا نملك المال لشراء المازوت، وبالتالي لا يمكننا ان نؤمن الكهرباء. والمواطن اليوم يقول للحكومة نحن لا نملك المال ولا يمكننا سداد كل ما تطلبونه. فما هو رأي الحكومة؟ وما هو رأي دولته؟
ان قرار هذه السلسلة القاتلة من الرسوم والضرائب، لن تخدم المصلحة الوطنية ولن تخدم المواطنين، بل انها ستقدم اكبر خدمة للمهربين الذين سيستغلون القرارات العشوائية للحكومة، لينشطوا في كل الاتجاهات، فيكدسون الثروات لتنفق على مشاريعهم، على حساب الخزينة وعلى حساب المواطن، الذي لم يعد مستعداً وليس قادراً على تقديم المزيد. فامواله وهي جنى عمره محجوزة في المصارف ومصيرها مجهول، والبطالة مستفحلة في طول البلاد وعرضها، والاجور والمعاشات لا تكفي للتنقل من المنازل الى اماكن العمل، والدولة تطلب من المواطن تقديم المزيد، ليذهب الى جيوب الذين افرغوا الخزينة وافرغوا جيوبه حتى اخر قرش. لذلك فهو سيقول لم يعد معي المال، ولا يمكنني الدفع وافعلوا ما تشاءون. اقطعوا الكهرباء، وهي اصلاً مقطوعة، والمواطن يعيش في العتمة، واقطعوا المياه، واوقفوا الاتصالات. لقد اعدتمونا الى ما قبل القرون الوسطى. اليس كل ذلك معيباً بحقكم؟ الا تخجلون؟
الاحتجاج على الرسوم والضرائب وتدني الاجور وارهاق الناس حتى وقعوا ارضاً من ثقل ما تحملهم اياه الدولة والمحتكرون والمهربون والجشعون من اعباء، وصل هذه المرة الى الجسم القضائي المعروف عنه رصانته وعدم غوغائيته، ولكن طفح الكيل، فاعلن الاعتكاف وهناك اجتماع سيعقد غداً بين مجلس القضاء الاعلى ووزير العدل لبحث الموضوع.
هذا هو الوضع المأساوي الذي يعشه اللبناني اليوم، والدولة تدير ظهرها له غير عابئة بما يعانيه، همها تأمين مصالحها لا اكثر ولا اقل. لا تقديمات لاي نوع من انواع المساعدات، حتى البطاقة التمويلية التي مضت اشهر على الحديث عنها، عاجزة الحكومة عن تأمين التمويل لها. لان المؤسسات الدولية لم تعد تثق بهذه الطبقة السياسية الفاسدة التي افقدت لبنان ثقة العالم به. الرسوم والزيادات لن تمر، واذا مرت لن تدفع تماماً كما تفعل الدولة التي لم تدفع ديونها، ومن ساواك بنفسه ما ظلمك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق