سياسة لبنانية

الدولة حزمت أمرها وطرابلس تتهيب مواجهة الجيش

هل يغامرالمتقاتلون في طرابلس لحساب الاخرين بآخر «خرطوشة» لدى الدولة وهي الجيش، بعد تكليفه  فرض الامن في المدينة وتوحيد الامرة واسنادها اليه؟ ام يلتزم الجميع بالهدوء مخافة فلتان الامور الى ما لا تحمد عقباه وعدم تمكن القيادات من ضبط الشارع، والانزلاق الى الفتنة التي يخشاها الجميع؟

ترافقت اجراءات الجيش لتنفيذ الخطة الامنية بعد الجولة 18 من المواجهات مع اصدار القضاء عدداً من مذكرات التوقيف والبحث والتحري بحق المتورطين بعرقلة تنفيذ الخطة الامنية، واعتقال مطلوبين للعدالة مما حمل احد سياسيي المدينة على القول: هناك الان جدية في فرض الامن. يقول وزير الداخلية انه لم يكن بالامكان اتخاذ الخطوة قبل الان، فبعد تدهور الامور بشكل بات ينذر بعواقب وخيمة، كان لا بد من التحرك. ويعزو نائب طرابلسي تجاوب الجميع مع الخطة الامنية الى اطمئنانهم الى عدم انحياز الدولة وتطبيق القانون على الجميع من دون تمييز ومراعاة. ان قرار تكليف الجيش حفظ امن المدينة اتخذ في اجتماع عقد في منزل الرئيس نجيب ميقاتي بحضور وزير الداخلية ونواب وفاعليات وامنيين، وتشاور ميقاتي مع الرئيس ميشال سليمان ومع قائد الجيش، وتم الاتفاق على الصيغة القانونية لتوحيد القوى الامنية بأمرة الجيش. الا ان خللاً وقع عند  التطبيق على اثر طلب الجيش وضع كل القوى العاملة في المدينة من جيش وقوى امن وامن عام وامن دولة وجمارك ومخافر بأمرته، فاعترضت القوى الامنية. وكان وزير الداخلية وضع 600 عنصر من الفهود بتصرف الجيش من دون المخافر والسجون. واستغرب «طلب» القيادة وراجع بشأنه رئيسي الجمهورية والحكومة وسويت الامور.

تثبيت الهدوء
ساهم تواصل الرئيس سعد الحريري مع قائد الجيش ومع اللواء اشرف ريفي وفاعليات المدينة في تثبيت الهدوء وتجاوب الجميع  مع تدابير الجيش بعد «تطمينات» بأن الدولة ستتعامل مع الجميع بالمعايير ذاتها. وكان مسلحو باب التبانة اعترضوا على دخول الجيش خوفاً من توقيف المسلحين ومصادرة السلاح، من دون ان يقدم على خطوة مماثلة في جبل محسن. كما طالبوا بتوقيف علي ورفعت عيد على خلفية مسؤوليتهما عن تفجير المسجدين في المدينة. ويعزو احد الوزراء انضباط الوضع في طرابلس والحد من المواجهات الى الايجابيات التي رافقت تحديد تاريخ عقد «جنيف – 2». الا ان المخاوف تبقى قائمة من امكان تدهور الاوضاع لان الساحة الطرابلسية تتناغم مع التطورات في سوريا كما قال رفعت عيد «نحن جنود في جيش بشار الاسد نعمل لسوريا». ودعا الى وقف المواجهات بانتظار انفراج العلاقات السعودية – الايرانية، كما بشّر الرئيس نبيه بري بعد عودته من طهران.
ووضع المراقبون حملة الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في سياق رسالة ايرانية الى السعودية رداً على عدم تحديد موعد للوزير محمد جواد ظريف للقاء مع خادم الحرمين الشريفين، قبل ان يجول خليجياً لطمأنة الجيران كما قال على الاتفاق النووي، في حين رأت اوساط سياسية في 14 اذار في حملة نصرالله رسالة الى الداخل الايراني اعتراضاً على انفتاح روحاني على الغرب وعلى مضمون الاتفاق النووي، في اشارة الى المعارضة التي يواجهها روحاني وظهرت خلال مناقشة الاتفاق في مجلس الشورى.
وموضوع التطورات في سوريا ولبنان حضر الى مائدة المحادثات بين رئيس الاستخبارات العامة الامير بندر بن سلطان والرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس. وزيارة بندر هي الثانية له خلال اربعة اشهر نقل خلالها موقف بلاده من المشاركة في «جنيف – 2»، مشترطاً ان تسبقها خطوات ملزمة كانسحاب الحرس الثوري من سوريا، واعتراف ايران بجنيف واحد وعدم مشاركة الرئيس بشار الاسد في 22 كانون، لان اي حل يبدأ برحيله، واشارت موسكو الى ان مصير الاسد يبحث في المرحلة اللاحقة اي في اذار (مارس).
ولبنانياً اكد الامير على سياسة النأي بالنفس والتزام اعلان بعبدا وعودة مقاتلي حزب الله من سوريا لان مشاركتهم في المعارك تعرقل عملية تشكيل الحكومة. وعلى رغم ندرة المعلومات السعودية – الروسية عن الزيارة، تؤكد مصادر ديبلوماسية ان «جنيف – 2» سيعقد في موعده بعدما رفض المبعوث الاممي البحث في اي تأجيل وقد اتفق على ان تتمثل الجامعة العربية ودول الجوار والدول الخمس والاتحاد الاوروبي و«دول البريكس» ومجموعة العشرين الصناعية. وان المساعي جارية للاتفاق على كيفية تمثيل اطراف النزاع. وفي ظل هذا المناخ يرى سياسي ان ساحة الشمال لم تعد ورقة ضغط صالحة بعدما باتت تهدد باندلاع الفتنة اذا ما استمر النزف. وابدى الافرقاء مخاوفهم من انفجار الوضع في ظرف دقيق قد يدفع الى الهاوية والمصير المجهول. وفي غمرة السعي للملمة الوضع شمالاً اغتيل حسان هولو اللقيس، القيادي في الحزب، بعملية استخباراتية قام بها محترفون، وهو عائد الى منزله في الحدث في ضاحية بيروت. واتهم الحزب اسرائيل وقد اعترف اعلامها بالعملية رغم نفي المسؤولين. وتبين ان اسرائيل كانت تتعقب اللقيس كونه اليد اليمنى لعماد مغنية. كما اتهمت ايران اسرائيل باستهداف سفارتها في بيروت في اشارة الى محاولات اسرائيل تفجير الصراع المذهبي داخل لبنان.

نزع السلاح
هل تكون طرابلس المدخل لخطوة جريئة لنزع السلاح من اللبنانيين ومعالجة سلاح الحزب من ضمن الاستراتيجية الدفاعية كما يقول نائب في المستقبل؟ يرى مسؤول امني ان الاتفاق الاميركي – الروسي وما اعقبه من خطوات لتدمير الكيميائي ووضع النووي الايراني تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما كانت ايران تعارض الخطوة، ووضع الازمة السورية على سكة الحل، وبدء اعمال المحكمة الدولية الخاصة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واستحقاقات اقليمية اخرى، يدفع الى القول ان دول الشرق الاوسط تتجه الى تغييرات جذرية قد تحدث نقلة نوعية في التعاطي مع الملفات، وان الساحة اللبنانية رغم هشاشتها تبقى تحظى بمظلة دولية للمحافظة على الاستقرار رغم الفراغ في المؤسسات الدستورية، وان احداً من اطراف النزاع في لبنان لا يملك القدرة ويفتقر الى الغطاء لتفجير الوضع، وان كان البعض يستخدم الخروقات لتحسين شروطه. فالتهديد بقلب الطاولة وتفجيرالوضع كلام كبير لا يملك اصحابه القدرة على التنفيذ وفق ما يقول وزير امني، لان المنطقة تتجه الى السلام الثابت.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق