السعودية تقر ميزانيتها للعام 2022 بدون توقع عجز للمرة الأولى منذ 2014
أقرت السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، الأحد ميزانيتها للعام 2022 بدون توقع عجز للمرة الأولى منذ انهيار أسعار النفط في 2014، مع تقليص نفقاتها وتوقعها تسجيل فائض قدره 24 مليار دولار، على ما أفاد الإعلام الرسمي.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز «اصدر مرسوماً ملكياً للميزانية العامة (…) تتضمن إيرادات بمبلغ 1045 مليار ريال (278،6 مليار دولار) ومصروفات بمبلغ 955 مليار ريال (254،6 مليار دولار) ويقدر الفائض بمبلغ 90 مليار ريال (24 مليار دولار)».
وقال العاهل السعودي في كلمة نقلتها الوكالة إنّ اعتماد ميزانية 2022 يأتي «بعد تجاوز المملكة الآثار الاقتصادية، والمراحل الاستثنائية لجائحة كوفيد 19، واستمرار الانطلاقة الاقتصادية للمملكة، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية والمالية، وفق رؤية المملكة 2030»، الهادفة لتنويع اقتصادها لوقف ارتهانها للنفط والتي أطلقتها في العام 2016.
وقال إن المملكة «تهدف إلى الاهتمام بأمن وصحة المواطنين والمقيمين والتنمية البشرية واستمرار النمو والتنويع الاقتصادي، والاستدامة المالية».
وإذا تحققت التوقعات ستكون هذه المرة الأولى التي تسجل السعودية فائضاً في ميزانيتها منذ العام 2014، إذ سجلت فائضاً قدره 206 مليارات ريال (54،9 مليار دولار) للمرة الأخيرة في موازنة العام 2013.
وكانت وزارة المالية السعودية توقعت في ايلول (سبتمبر) أن تتضمن ميزانية 2022 عجزاً قدره 52 مليار ريال (13،8 مليار دولار)، قبل أنّ تعتمد الميزانية رسمياً بهذا الفائض الكبير.
وانخفضت النفقات المتوقعة في موازنة العام المقبل التي أعلنت الأحد 955 مليار ريال (نحو 254،6 مليار دولار)، مقارنة بنفقات بقيمة 1015 مليار ريال (نحو 270 مليار دولار) في 2021، فيما تبلغ الايرادات المتوقعة 1045 مليار ريال (278،6 مليار دولار) ارتفاعاً من 930 مليار ريال (248 مليار دولار) في 2021، حسب البيانات الرسمية.
وتعرضت السعودية في 2020 لضربة مزدوجة نتيجة جائحة كوفيد-19 والتراجع الحاد في أسعار النفط، كلفتها عجزاً قياسياً.
ويأتي تقليص النفقات في وقت تسعى المملكة النفطية لتمويل خطّة للتحول الاقتصادي وتنفيذ مشاريع كبرى في قطاعات غير نفطية، بينها الترفيه والسياحة والاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتبنت الرياض أخيراً نهجاً تقشفياً شهد استحداث ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة في عام 2018 قبل رفعها إلى 15 بالمئة العام الماضي.
«نتقدم بشكل إيجابي»
وتحاول المملكة الغنية إتاحة الفرصة للقطاع الخاص والشركات الأجنبية لضخ استثمارات في البلد الذي يبلغ سكانه 34 مليون نسمة، وظل لسنين مغلقاً أمام الاستثمارات الأجنبية.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تصريحات نقلتها «واس» إنّ «النتائج والمؤشرات المالية والاقتصادية تؤكد أننا نتقدم بشكل إيجابي».
وأضاف أنّ «ميزانية العام المقبل تأتي وسط مناخ عالمي يتسم بالتحديات الكبيرة في ظل تداعيات جائحة (كوفيد 19) والطموحات الكبيرة محلياً ولكن في إطار منضبط مالياً يركز على كفاءة وفاعلية توجيه الإنفاق الحكومي».
وأكّد أن «الفوائض ستستخدم لزيادة الاحتياطيات الحكومية لمواجهة احتياجات جائحة كورونا، وتقوية المركز المالي للمملكة، ورفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية».
وشهدت السعودية عجزا في موازناتها بين عامي 2014 و2021 حين هبطت أسعار النفط بشكل كبير، واستقرّت مؤخراً عند مستوى 65 دولاراً للبرميل.
وتخطى عجز موازنات المملكة في هذه الفترة 400 مليار دولار، ما دفعها إلى الاقتراض واللجوء إلى الانفاق من احتياطاتها النقدية التي تراجعت من 125 مليار دولار في 2019، إلى 92 مليار دولار في 2020، إلى 70 مليار دولار في أيلول (سبتمبر) 2021.
وأوضح وزير المالية السعودي في مؤتمر صحافي أن المملكة تتوقع أيضاً «تحقيق فائض مالي في عامي 2023 و2024».
وأشار إلى أنّ «ميزانية 2022 تتضمن انفاق 185 مليار ريال (49،3 مليار دولار) في قطاع التعليم و138 مليار ريال (36،8 مليار دولار) على قطاع الصحة و171 مليار ريال (45،6 مليار دولار) على القطاع العسكري و182 مليار ريال (48،5 مليار دولار) على البنود العامة».
تراجع عجز 2021
وحققت السعودية عجزا قدره (85 مليار ريال) 22 مليار دولار في العام 2021، بحسب وزير المالية، مقابل عجز بلغ 79 مليار دولار في 2020 و35 مليار دولار في 2019.
ويأتي تراجع عجز موازنة السعودية في عام 2021 مقارنة بعام 2020 مع عودة شركة أرامكو العملاقة للطاقة لتحقيق أرباح مماثلة لمستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، في الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2021.
وحققت أرامكو «جوهرة تاج» المملكة أرباحاً فصلية إجمالية في 2021 بلغت 77،6 مليار دولار، مقابل أرباح بلغت 49 مليار دولار فقط في عام 2020.
في المقابل، خسرت السعودية هذا العام مئات ملايين الدولارات جراء تعليق العمرة للأجانب خلال الأشهر الثمانية الأولى وتقليص المشاركين في موسم الحج إلى نحو 60 ألفاً، على خلفية وباء كوفيد-19، بعدما كانت المناسك تستقطب ملايين المسلمين من أنحاء العالم سنوياً.
وسجّلت السعودية حتى الآن أكثر من 550 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا، بينها أكثر من 8852 وفاة وهو المعدل الأعلى في منطقة الخليج.
ويقول خبراء اقتصاديون إن السعودية بحاجة إلى سعر خام يبلغ حوالي 80 دولاراً للبرميل لتحقيق توازن في ميزانيتها.
ورفض وزير المالية الإجابة على سؤال لوكالة فرانس برس حول سعر برميل النفط الذي احتسبت على أساسه ميزانية 2022.
وتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد المملكة بنحو 2،8 في عام 2021، بينما تقول السعودية ان نسبة النمو ستبلغ 2،6 بالمئة هذا العام على أن تحقق نمواً بنسبة 7،4 بالمئة العام المقبل.
ا ف ب