سياسة لبنانيةلبنانيات

مذكرة توقيف المانية بعد الفرنسية بحق سلامة ولبنان مهدد بان يدرج على اللائحة الرمادية

حاكم مصرف لبنان امام القضاء اللبناني اليوم وشقيقه ومساعدته امام القضاء الفرنسي بعد ايام

في كل يوم ازمة جديدة، وكارثة من العيار الثقيل تضرب لبنان، وهذا امر طبيعي بالنسبة الى بلد لا سلطة فعلية فيه. رئاسة الجمهورية يعشش فيها الشغور منذ سبعة اشهر، ولا يلوح في الافق ما يؤشر الى حل. ومجلس نيابي متقاعس، تخلى عن مهماته وقطع الطريق امام اي حل لانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة منقسمة على ذاتها ومعطلة. فالمواقف على حالها وكل طرف متصلب في موقعه ويرفض التنازل. الكل يريدون رئيساً من صفوفهم يلبي حاجاتهم، لا حاجات الوطن المنهار والشعب الجائع.
وسط الوضع المالي المصرفي المتأزم تدرس مجموعة العمل المالية النظر في الحالة التي وصل اليها لبنان والذي بات مهدداً بان يدرج اسمه على اللائحة الرمادية. وفي حال تم ذلك فان عواقب وخيمة ستلحق بالبلد. فتتوقف المصارف الخارجية عن العمل مع المصارف اللبنانية، كما يتوقف تحويل الاموال اليه من الخارج ويغيب الاستثمار الى غير ذلك من المخاطر الكبيرة. وبالفعل اعلنت بعض المصارف الاوروبية امس توقفها عن التعامل مع ثلاثة مصارف لبنانية، وبات يخشى ان تتوسع السلسلة فتشمل المزيد من المصارف الاجنبية، كما تشمل المزيد ايضاً من المصارف اللبنانية، وحيال هذا الوضع يصبح من الصعب على لبنان استيراد ما يحتاج اليه، مع العلم انه بلد يعتمد في معظم استهلاكه على الخارج.
هذا الواقع الاليم يترافق مع شد الخناق على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي صدر امس عن مدعي عام الماني قرار بتوقيفه للاشتباه به بتبييض الاموال والاختلاس والتزوير. وهكذا يصبح سلامة ملاحقاً من قبل القضاء الفرنسي الذي اصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه، واليوم القضاء الالماني. مع العلم ان دولاً اوروبية اخرى كسويسرا ولوكسمبورغ وغيرهما تنظر في دعاوى لها علاقة بحاكم مصرف لبنان. وزيادة في الصورة السوداء، حل لبنان في المرتبة الرابعة على لائحة الدول التي تتعثر الحياة فيها.
باختصار لقد وصلت سمعة لبنان الى الحضيض. ومع ذلك لا تزال الطبقة السياسية القابضة على الحكم فيه تدفن رأسها في الرمال وكأن كل ما يجري لا يعنيها، وكأن الانباء الواردة والتي تحمل في كل يوم مفاجأة اسوأ مما سبقها، لا تتعلق بلبنان بل ببلد اخر. فهل من دليل اكبر بعد على ان هذه المنظومة ليست اهلاً لتحمل مسؤولية بلد، وبات عليها ان ترحل، وبالاصح ان تحال الى القضاء لمحاسبتها عما ارتكبته بحق هذا البلد الذي حولته من منارة للشرق الى جهنم عميق القعر.
واليوم يبدأ النائب العام التمييزي عماد قبلان التحقيق مع حاكم مصرف لبنان في ما يتعلق بالتهم الموجهة اليه من القضاء الفرنسي. وكان قد اعلن ان الحاكم تبلغ الدعوة وانه سيحضر اليوم في الموعد المحدد. وتقول مصادر قضائية ان امام القاضي قبلان اما ان يوقف سلامة وهذا مستبعد، واما ان يتركه رهن التحقيق بعد ان يمنعه من السفر ويحجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي. والحل الثاني هو الارجح. اما شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان حويك فسيمثلان امام القضاء الفرنسي، الاول في 31 ايار الجاري والثانية في 13 حزيران المقبل. فهل يلبيان الدعوة، وقد يكون مصيرهما الاحتجاز في باريس، ام يتغيبان ويلاقيان المصير عينه الذي لاقاه حاكم مصرف لبنان، اي صدور مذكرتي توقيف بحقهما؟
هذه الصورة الشديدة السوداء التي تطوق لبنان لم تحرك المجلس النيابي، ولم تؤد حتى الساعة الى فتح ابوابه امام انتخاب رئيس للجمهورية، تعود معه الحياة الى المؤسسات والادارات الرسمية المتوقفة بصورة كلية عن العمل منذ اشهر طويلة. كما ان الدول الشقيقة والصديقة وهي ترى لبنان يهوي لم تبادر حتى الساعة الى انتشاله من ازماته. ان كل ما يحتاجه لبنان ازاحة المنظومة الفاشلة الفاسدة فتعود الامور الى ما كانت عليه. فالشعب اللبناني الحيوي كفيل باصلاح الوضع اذا تيسر له حكم نزيه قادر وفاعل ويرعى مصالح الوطن قبل مصالحه الخاصة فهذه المصالح هي التي دمرت بلدنا واوصلته الى جهنم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق