سياسة لبنانيةلبنانيات

الترسيم البحري يحتل صدارة الاحداث رغم الاصوات التي تعترض على الاتفاق

الجلسة الثانية لانتخاب رئيس ستكون شبيهة بالتي سبقتها والتوقعات ضبابية والفراغ مرجح

الاتفاق حول الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل لا يزال يحتل صدارة الاخبار، لما له من اهمية قصوى، وفائدة تعود على اللبنانيين فتنتشلهم من الجحيم الذي يعيشون فيه. وقد تسربت امس بعض تفاصيل هذا الاتفاق لتؤكد ان لبنان نال كل حقوقه. فهو مثلاً حصل على الخطوط من 20 الى 23 كاملة، وعلى البلوكات 8 و9 و10 ايضاً كاملة دون اي تداخل او اقتطاع منها. كذلك لم يتم ترسيم الطفافات وهي النقطة التي كان لبنان قد عارضها وبذلك حافظ على رأس الناقورة. كما حصل على الفصل التام بين الحدود البحرية والحدود البرية، وهذا ما كان الجانب اللبناني يطالب به. وكذلك هناك فصل كامل بين حقوق لبنان في حقل قانا وما ستعطيه شركة توتال لاسرائيل من حصتها، لا من حصة لبنان.
ازاء هذا الواقع تصاعدت اصوات تعترض وتهدد بالويل والثبور وعظائم الامور، مدعية انها الوحيدة صاحبة الخبرة التي تعرف الحدود. ولا بد من سؤال هذه الجهات. لو حصل لبنان على كل ثروات بحر الابيض المتوسط، وعجز عن استخراج برميل نفط واحد منها، فما هي الافادة التي يجنيها؟ عشر سنوات من الجدل العقيم، سدت كل الابواب بوجه الثروة اللبنانية فيما انصرفت الدول المحيطة من مصر الى قبرص الى اسرائيل تعمل على الملف حتى اصبحت اليوم تستخرج وتصدر وتعقد الصفقات وتنعش اقتصادها. اما نحن فغرقنا في جهنم. اهذا ما يريده ادعياء الخبرات؟ هل يريدون ان تبقى ثروتنا مدفونة في البحر عشرات السنين الاخرى، ونحن نعاني من الفقر والجوع؟ كفى مزايدات. لو كانوا حقاً حريصين على الثروة وعلى ما تعود به من نفع على الاقتصاد اللبناني فلماذا لم يتحركوا منذ عشر سنوات ويرفعوا الصوت كما يفعلون اليوم؟ فقليلاً من التعقل لمعرفة اين تكمن المصلحة الوطنية؟
رئاسياً يعقد المجلس النيابي اليوم الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك قبل 18 يوماً من انتهاء العهد. الا ان المؤشرات لا توحي بالايجابية. وكما مرت الجلسة الاولى التي دعا اليها الرئيس بري بلا نتيجة، اذ فازت فيها الورقة البيضاء، فان جلسة اليوم لن تكون افضل في غياب التوافق على رئيس قادر على انتشال البلد من الهوة السحيقة التي اسقطته فيها هذه المنظومة المتحكمة بكل مفاصل الدولة. واستناداً على المواقف المعلنة فان التيار الوطني الحر لن يحضر الجلسة، احتجاجاً على تاريخ 13 تشرين الاول، كما ان الغياب سيشمل عدداً من النواب بداعي السفر، الا ان العملية الحسابية تؤكد ان النصاب سيتأمن الا اذا حصل المزيد من الغياب تضامناً ولكن الانتخاب لن يتم، فكيف سيكون موقف الرئيس بري صاحب الصلاحية في توجيه الدعوات للنواب، هل يدعو الى جلسات متتالية قبل بلوغ 21 تشرين الاول، اي في الايام العشرة الاخيرة من العهد، حيث يصبح بامكان المجلس ان يتحول الى هيئة انتخابية تنعقد تلقائياً دون اي دعوة؟ ليس المهم عقد الجلسات، بل الاهم الاتفاق بين الكتل على شخصية مؤهلة لتسلم مقدرات البلاد في هذا الظرف العصيب، فتنتشله مما هو غارق فيه فاذا بقيت المواقف على ما هي عليه اليوم، فاننا سائرون حتماً الى الفراغ الرئاسي، ويغرق البلد في فوضى دستورية وسياسية، نظراً للخلاف الدائر حول شرعية تسلم حكومة تصريف الاعمال سلطات رئيس الجمهورية. مع العلم ان لا نص دستورياً يمنع ذلك.
وتجنباً للمأزق تتكثف الاتصالات على خطين الاول العمل على تعويم الحكومة الحالية، لان الوقت لم يعد يسمح بتشكيل حكومة جديدة، فتصبح كاملة الصلاحيات وتتولى سلطات رئاسة الجمهورية في الحد الادنى، اما العمل على الخط الثاني فهو تكثيف الاتصالات بين الكتل النيابية لتحقيق التقارب بينها، وبالتالي الاتفاق على رئيس. غير ان المؤشرات توحي بان ذلك صعب المنال. فهناك جهات ترغب في الفراغ، وقد تكون تنتظر كلمة سر تأتي من الخارج، وهذا ما تعودنا عليه دائماً في انتخابات الرئاسة، او انها تنتظر تبدلاً ما في المنطقة وحلولاً لازماتها تشمل لبنان ايضاً.
اياً تكن الاسباب، يجب ان يعلم الجميع ان الفراغ قاتل بالنسبة الى لبنان في ظل الوضع الكارثي الذي يعيش فيه، فهل يحتمل المزيد من الوقت والانتظار لاخراجه من جهنم؟ من هنا يجب تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الاخرى، وعندها تصبح الحلول متيسرة امام الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق