سياسة لبنانيةلبنانيات

هل بعد كل هذا لا نزال نأمل ببناء وطن الحق والسيادة والحرية؟

كل شيء معطل في البلد. وحدها الازمات تتكاثر وتزدهر وسط غياب تام للسلطة المسؤولة. وهذا طبيعي. فعندما تنعدم المسؤولية يصبح كل طرف يتصرف على هواه ووفق مصلحته. وتظهر على الساحة قوى تصبح كلها اقوى من الدولة، وسنعددها لاحقاً بالتفصيل. الحكومة مشلولة، وقد تحولت الى حكومة تصريف اعمال، ممنوع عليها ان تجتمع لان فريقاً من النسيج اللبناني يريدها ان تخالف القوانين وتلبي رغباته. فهو يريد قبع المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار، مع انه يعلم جيداً ان تنحية البيطار ليست من صلاحيات مجلس الوزراء. فالدستور والقوانين تمنع تدخل السياسة في القضاء، فلماذا هذا الاصرار على تعطيل عمل الحكومة؟ والظروف القاتلة التي تمر بها البلاد احوج ما تكون الى مسؤولين يعملون على ايجاد الحلول لكل هذه الازمات التي تعصف بالبلد.
وعندما تغيب الحكومة وهي صاحبة السلطة التنفيذية تختفي المسؤولية، وتظهر على الارض قوى متعددة، كل منها يعمل وفق اهوائه ومصلحته. وهذه القوى اصبحت متعددة وتملك من القوة ما يمكنها من السيطرة على البلد. نذكر منها على سبيل التعداد لا الحصر: المهربون الذين يسيطرون على المعابر غير الشرعية وهم محميون، وقد هدروا مليارات الدولارات وحرموا منها الخزينة والبلد ولم يستفد منها المواطنون الا بنسبة ضئيلة، والباقي دخل جيوب القائمين بهذا العمل المخالف لكل القوانين. هل استطاعت الحكومة اعتقالهم ووقفهم عند حدهم؟ وهل اقفلت معبراً واحداً غير شرعي؟
وهناك المحتكرون الجشعون الذين يضربون المواطنين بحياتهم ومعيشتهم دون رادع من ضمير. فتلاعبوا بالاسعار، حتى فاقت القدرة الشرائية للمواطن وجنوا ثروات طائلة على حساب الفقراء والجياع. هل استطاعت الحكومة وضع حد لهذا الطمع القاتل؟ وهل اصبح واحد منهم على الاقل داخل القضبان؟
وهناك المتلاعبون باسعار الدولار الذي ينعكس على اسعار كل السلع المعيشية، وبدل ان تحزم الحكومة امرها وتضع حداً لهذا الارتفاع القاتل عبر وضع سعر واحد للدولار، عمدت الى وضع عدد من التسعيرات من 3900 الى 12 الى 15 الخ… والجريمة الاكبر هي التشبث بالابقاء على السعر الادنى الاول اي 3900 دولار، وهذه سرقة موصوفة لاموال المودعين، يدفعون على اساسه للمودع المنكوب فيما الدولار اصبح سعره 23 الف ليرة وهو على صعود. وكان من نتيجة هذا التلاعب باسعار الدولار ان ارتفعت اسعار المحروقات بشكل جنوني، واوقفت المواطنين في طوابير طويلة امام محطات الوقود مع كل ما في ذلك من اذلال وقهر.
وهناك السلاح المتفلت الذي ينتشر في كل مكان ويهدد حياة الناس، ويمارس عليهم شتى انواع التهديد والارهاب. ومن الطبيعي ان ينفلش بهذا الشكل طالما ان السلطة التنفيذية غائبة وغير قادرة او انها لا تريد ان تقف في وجهه. واذا اردنا ان نسترسل في التعداد لاحتجنا الى مجال اوسع، لذلك نكتفي بهذا القدر.
نعود الى الازمات وغياب الحكومة غير المبرر. لقد قال الرئيس نجيب ميقاتي ان حكومة «معاً للانقاذ» فريق واحد متجانس لا مكان للمعطلين فيها. واذا كان احد يريد التعطيل فليخرج من هذه الحكومة. فلماذا لا يقرن القول بالفعل؟ فاما هو قادر على منع التعطيل ولا يفعل واما هو غير قادر وعليه عندها تقديم استقالته والرحيل، فيكون بذلك منسجماً مع نفسه.
اخيراً وليس اخراً. فان الازمة الدبلوماسية مع دول الخليج لا تزال عالقة تبحث عن حلول، وكلها معطلة بسبب تراخي السلطة السياسية، الجميع ينتظرون منها ان تخطو ولو خطوة واحدة نحو الحل باقالة وزير تسبب بهذه الازمة، ومع ذلك تماطل وتساوم وتتمنى وتترجى، مع ان السلطة بيدها. لذلك ليس مستغرباً ان تقدم دول الخليج التي صبرت طويلاً على الاهانات التي وجهت اليها، والى عمليات تهريب المخدرات دون ان تتمكن الحكومة او دون ان تعمل لوقفها – ليس مستغرباً ان تصعد تدابيرها وتزيد الازمة اللبنانية سواداً بحيث تخنق اللبنانيين جميعاً. ابعد كل ما تقدم هل لا نزال نؤمن بدولة وببناء وطن قائم على العدل والحرية والسيادة الكاملة على ارضه وحدوده؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق