ارتفاع قاتل في سعر الدولار والغاز والهجوم على القضاء وعجز رسمي عن المواجهة
كل شيء الى صعود وارتفاع منذ تشكيل الحكومة. التهديدات ضد المحقق العدلي تتصاعد بشكل لافت، يزرع الشك لدى المواطنين عن الجهة او الجهات التي خبأت نترات الامونيوم المتفجرة في مرفأ بيروت. فمحكمة التمييز برئاسة القاضية جانيت حنا ردت الدعوى المقامة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعتير ضد البيطار، فعادا الى دائرة الخطر من اليوم وحتى التاسع عشر من تشرين الاول، موعد بدء الدورة العادية لمجلس النواب، فيستعيدان عندها حصانتهما التي يحتميان بها ويختبئان وراءها. وعادا الى تقديم دعوى جديدة. وتبع ذلك هجوم عنيف من الامين العام لحزب الله ضد البيطار. وبذلك تسلط الضوء اكثر فاكثر في المجتمع الدولي، حول هذا الانفجار الجريمة، الذي اودى بحياة المئات والاف الجرحى الذين لا يزالون يعانون الى اليوم في المنازل والمستشفيات، وبعضهم اسلموا الروح.
لماذا كل هذا الهروب المشبوه ولماذا كل هذه الحروب الضروس ضد قاض شهد له الجميع بنزاهته. فرجال الدولة من واجبهم تسهيل مهمة القضاء ومساعدته على كشف الحقيقة، لكي ينال المجرمون عقابهم العادل الذي يستحقونه. اما ان يعمدوا الى عرقلة مهمة القضاء والهروب من امامه، فهذا قمة عدم المسؤولية، ويضع اصحابه موضع الشبهة. انهم لا يريدون ان يمثلوا امام المحقق العدلي طارق بيطار، ولكنهم بذلك يتصرفون وكأنهم يدلون على المسؤولين عن الانفجار، وبالتالي يكونون يدينون انفسهم بانفسهم. فهل هذا ما يريدون؟
الارتفاع الاخر الذي يدمر اللبنانيين، هو سعر صرف الدولار الذي انخفض بنسبة لافتة يوم تشكيل الحكومة، ثم عاد يحلق وبنسبة كبيرة ايضاً، الى ان وصل اليوم الى حدود العشرين الف ليرة. فلماذا؟ هل من جهة رسمية تشرح السبب؟ وهل ان المعنيين في الدولة قادرون على لجم هذا السعر، الذي ينعكس بصورة قاتلة على اسعار السلع المعيشية والحياتية، وكل ما يستخدمه المواطن في حياته. كل ذلك والبنك المركزي مصر على ابقاء التعميم 151 الذي يحدد سعر الدولار بـ 3900. انها مؤامرة بحق الشعب.
الارتفاع الثالث الذي اصاب الطبقة الفقيرة المعدمة بالصميم هو سعر قارورة الغاز الذي دق باب المئتي الف ليرة، والحبل على الجرار. ولم يفكر المسؤولون لحظة ان اي انسان لا يمكنه ان يستغني عن الغاز، والا يصبح عاجزاً عن تحضير طعامه، فضلاً عن انه الوسيلة الوحيدة المتوفرة اليوم للتدفئة، ونحن على ابواب الشتاء. ونسأل الحكومة ما هي التدابير التي ستتخذها لمساعدة هؤلاء، وهم يشكلون الاكثرية الساحقة من اللبنانيين؟ الا يعلم المسؤولون انهم بذلك يحضّرون لثورة، لا كثورة 17 تشرين الفاشلة التي بتراخيها قدمت القوة للمسؤولين وللمنظومة على المواجهة والاستمرار في سياستهم المدمرة، بل ثورة عنوانها العنف وربما اكثر.
ماذا قدمت الحكومة للمواطنين مقابل كل ما تقدم؟ قدمت لهم العتمة الشاملة، وانقطاع المياه المستمر بشكل لم يسبق له مثيل. قدمت الغلاء امام عجز عن المراقبة والمحاسبة وبقي المحتكرون يسيطرون على الاسواق وعلى الاسعار، ويدمرون حياة الناس والمجتمع باكمله. فبعد مضي شهر اثبتت الحكومة انها اعجز من ان تتمكن من ايجاد الحلول للازمات المتراكمة حتى البطاقة التمويلية بقيت في ادراج المسؤولين، وحده المواطن يدفع الثمن الباهظ، ولا من يسأل ولا من يحاسب. فهل يستيقظ الشعب من سباته العميق ويخلع عنه ثوب الخنوع والانهزام، ويتحرك لدرء هذا الظلم؟ وهل يعرف ان يتحرر من التبعية هذه المرة، ولو لمرة واحدة ويذهب الى صناديق الاقتراع وفي جيبه اسماء نظيفة ولكن تحرص على مصلحة البلد، فتبعد كل الطبقة الفاسدة وتخلعها كلياً. نحن نراقب والعالم يراقب واننا منتظرون.