غاس اجرى محادثات في كابول وطالبان لم تبدل كثيراً في سياستها المتشددة
أجرى المبعوث البريطاني سايمن غاس الثلاثاء مع كبار أعضاء حكومة طالبان الجديدة في كابول محادثات هي الأولى منذ انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان حيث تسعى السلطات الجديدة إلى الخروج من العزلة الدولية.
أعلنت الحركة الإسلامية المتشددة إقامة نظام جديد في البلاد بعدما فرضت سيطرتها على العاصمة كابول في منتصف آب (أغسطس) وأطاحت الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.
لكن بعدما شهدت حرباً استمرّت عشرين عاماً، تعاني أفغانستان المعتمدة على المساعدات الدولية من انهيار اقتصادي، مع إحجام كبار المانحين عن تقديم التمويل للبلاد وعدم وجود نظام للدعم الطارئ.
وتسعى السلطات الجديدة في أفغانستان إلى استمالة القوى الخارجية المترددة في التعاون معها في محاولة منها لإنعاش تدفق الأموال إلى البلاد حيث لم يتلق الموظفون الحكوميون وأفراد طواقم الرعاية الصحية رواتبهم منذ أشهر.
وعلى تويتر نشر مسؤولون في طالبان صوراً للقاء الأول بين المبعوث البريطاني الخاص إلى أفغانستان سايمن غاس ونائبي رئيس الوزراء عبد الغني برادر وعبد السلام حنفي.
تمكّن الوفد البريطاني الذي وصل إلى أفغانستان في رحلة يسّرتها قطر من تأمين الإفراج عن الجندي البريطاني السابق بن سليتر الذي اعتقلته طلبان عند الحدود مع باكستان الشهر الماضي خلال محاولته إخراج لاجئين أفغان إلى مكان آمن.
وقال مسؤول في الحكومة البريطانية إن سليتر غادر كابول رفقة الوفد البريطاني.
وبحث الطرفان في كيفية مساعدة بريطانيا لأفغانستان في مكافحة الإرهاب والتصدي لأزمة إنسانية متفاقمة، كما وتوفير ممر آمن للأشخاص الراغبين بمغادرة البلاد، وفق متحدث باسم الحكومة البريطانية.
وقال المتحدث أن الجانبين «تطرقا أيضاً إلى معاملة الأقليات وحقوق النساء والفتيات»، مشيراً إلى مشاركة القائم بأعمال بعثة المملكة المتحدة إلى أفغانستان مارتن لونغدن في الاجتماع.
تعرّضت حركة طالبان التي عرفت بممارساتها الوحشية ونظامها القمعي خلال الفترة السابقة التي حكمت فيها أفغانستان بين عامي 1996 و2001، لانتقادات حادة مؤخراً على خلفية منعها عمليا الشابات والفتيات من التعلم والعمل.
دعوة لإشراك كل الأطراف
وأكد المتحدث باسم وزارة خارجية حكومة طالبان عبد القهار بلخي أن الاجتماع «ركّز على محادثات مفصّلة حول إحياء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».
لكن مسؤولاً بريطانياً شدد على أن الزيارة لا تشكل اعترافاً ولا «إقراراً بشرعية» طالبان، معتبراً أن الهدف منها هو فتح قناة تواصل.
وقال المسؤول «نحن واقعيون جداً»، وأضاف «من الجيد أن تكون قادراً على الدخول والخروج بأمان. إنه حوار براغماتي لتأمين ممر آمن وتوفير مساعدة إنسانية ومكافحة الإرهاب».
تصر حكومات غربية على ضرورة أن تشكل طالبان حكومة تشمل كل الأطراف وأن تحترم حقوق الإنسان والنساء من أجل الاعتراف بشرعية سلطتها في أفغانستان.
وتطالب باكستان المجتمع الدولي بالتواصل مع السلطات الجديدة في أفغانستان المحاذية لها والمساعدة في إرساء الاستقرار في بلد يواجه خطر المجاعة.
أطلقت طالبان بعض المبادرات لاستمالة المجتمع الدولي، لكنّها تصر على حقّها في تشكيل حكومة وفرض نظام مبني على تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.
كما أقدمت طالبان الثلاثاء على ممارسات من شأنها أن تفاقم المخاوف الدولية.
ففي ولاية هرات، علّقت طالبان جثث ثلاثة أشخاص قالت إنهم مجرمون بعدما قتلهم شخص لدى دخولهم منزله، وفق تصريحات لنائب الحاكم مولوي شير أحمد مهاجر أدلى بها لفرانس برس.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تم تداول مشاهد تظهر الجثث معلّقة على رافعتين في محافظة أوبي في شمال شرق هرات.
عودة إلى المدرسة
لكن في مؤشرات إلى أن الإسلاميين ربّما يحاولون تحسين صورتهم بعد مرور خمسين يوماً على استيلائهم على السلطة، أعلنت حركة طالبان خلال مسيرة نظّمتها أنه تم استدعاء عدد من الموظفات الحكوميات للعودة إلى عملهن.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية قاري سيد خوستي لفرانس برس إن كل العاملين في قسم جوازات السفر «بمن فيهم الموظفات» طُلب منهم العودة إلى عملهم.
وقال المتحدث إن الوزارة تعتزم استئناف إصدار جوازات السفر بعدما توقفت هذه الخدمة إثر انهيار الحكومة السابقة.
والثلاثاء أكد مسؤولون في حركة طالبان ومدرّسون عودة الفتيات إلى بعض المدارس الثانوية في إحدى ولايات شمال أفغانستان، فيما لم يسمح لهن بعد بالعودة إلى مقاعد الدراسة في معظم أجزاء البلاد.
وأظهر تسجيل مصوّر نشره الناطق باسم الحركة سهيل شاهين عشرات الفتيات يرتدين ملابس سوداء بينما وضعت بعضهن حجاباً أبيض اللون والبعض الآخر نقاباً أسود، وهن جالسات على المقاعد ويلوحن بعلم طالبان.
لكن المسؤول في وزارة التعليم محمد عابد أكد أن أي تغيير لم يطرأ على سياسة حكومة طالبان الموقتة المركزية قائلاً لفرانس برس الثلاثاء «لا تزال المدارس الثانوية مغلقة بالنسبة الى الفتيات».
وبينما سمحت الحركة للفتيات بارتياد المدارس الابتدائية منذ البداية، فهي لم توافق بعد على عودتهن إلى المدارس الثانوية كما منعت عودة المدرّسات.
وأوضحت أنه سيكون بإمكانهن العودة إلى المدارس الثانوية فور تمكّنها من ضمان أمنهن وتطبيق الفصل المشدد بين الجنسين بما يتوافق مع تفسير الحركة لقواعد الشريعة الإسلامية.
وقال مدرّسون في مدينة قندوز، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، في تصريحات لوكالة فرانس برس إن الفتيات عدن إلى المدارس الثانوية في عدد من المحافظات.
في الأثناء حذّرت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته الثلاثاء من أن انتهاكات حركة طالبان الوحشية وقمعها للأقليات إبان فترة حكمها الأولى للبلاد قد تتكرر.
وقالت المنظمة إن قوات طالبان قتلت 13 شخصاً من عرقية الهزارة الشيعية في قرية كاهور بولاية دايكندي في وسط أفغانستان في 30 آب (أغسطس)، في عمليات قالت إنها «تبدو جرائم حرب».
ا ف ب