المنظومة تبحث عن رشوة انتخابية تكسب بها اصوات الناخبين
الحلول للوضع المعيشي القاتل متوفرة ولكن الفساد يسد طريقها
المنظومة في مأزق. الانتخابات على الابواب، والثقة بها مفقودة لدى الناخبين، وعجز الخزينة يمنعها من تقديم عطاءات هي اشبه برشوة انتخابية. والتخبط عنوان تحركها في هذه المرحلة. بحثت ولا تزال عن مصدر تمويل للبطاقة التمويلية التي تريد ان تحولها الى بطاقة انتخابية، «ولكن اليد قصيرة». فحتى الساعة، لم تهتد الى مصدر التمويل. وحيال هذا العجز تطرح اليوم زيادة الاجور وبدل النقل علها بذلك تستطيع شراء بعض الاصوات الضعيفة، ولكن حتى هذا الطرح يكلفها غالياً. فهي لم تتعلم بعد من اقرار سلسلة الرتب والرواتب على ابواب الانتخابات الماضية لكسب الاصوات، والتي ادت الى التعجيل في افلاس الخزينة نهائياً والوصول الى ما وصلنا اليه. فهل ان وضع الخزينة يسمح اليوم بزيادة الرواتب؟ المجلس النيابي اذا ما وصل اليه مشروع من هذا النوع، سيسارع الى اقراره ليكسب به الاصوات الناخبة ولتتحمل الحكومة النتائج.
هذا ما يتم التداول به هذه الايام، وقد دخل الاتحاد العمالي على الخط وزايد على المنظومة، وطلب سبعة ملايين ليرة كحد ادنى للاجور. الطلب محق ازاء هذه الاوضاع المعيشية التي تساهم يوماً بعد يوم في زيادة عدد الفقراء ولكن من اين يُأتى بالمال؟ ففي القطاع العام الخزينة فارغة، حتى انها عاجزة عن تأمين المحروقات لشركة الكهرباء التي تقدم العتمة للناس بدل التيار. وقد يكون ذلك افضل لكي لا يرى المواطنون الى اين اوصلتنا هذه المنظومة. وعلى صعيد القطاع الخاص الشركات تصرف عمالها وموظفيها، وتقفل ابوابها الواحدة تلو الاخرى، وقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل الى مستويات غير مسبوقة. فهل تقدم المنظومة ونوابها الى مثل هذه الاخطاء المميتة خدمة لمصالحهم، وليكن ما يكون؟ اننا لا نتعجب اذا اقدمت على مثل هذه الاساليب، فقد عودتنا عليها حتى كفرنا بها. فالى اين نحن سائرون؟
لقد انفقت المنظومة المليارات على الدعم فحط في جيوب المحتكرين والمهربين والمتسلطين، ولم يصل الى جيوب الناس سوى الفتات. فهبت الاسعار بشكل جنوني، وازداد عدد الفقراء وتصاعد الصراخ والانين، ولكن المنظومة لا تبصر لترى ما يحل بالوطن، ولا تسمع البكاء والعويل. همها الاوحد تدبير شؤونها ومصالحها. لو كانت تفكر بمصالح الناس لاسرعت وعملت بكل الطرق والوسائل لتأمين ساعات معقولة من التيار الكهربائي، فتخفف اعباء المولدات عنهم وقد اصبحت بلا حدود ولا افق. فاصحاب المولدات يبتزون الحكومة ويرفضون تسعيرتها ويفرضون المبالغ التي تناسب جيوبهم ولا من يسأل ولا من يحاسب.
لو كانت المنظومة تراعي شؤون الناس لعمدت الى اقفال المعابر غير الشرعية المحمية، ومنعت التهريب واعتقلت المهربين واجرت محاكمات علنية ليكونوا عبرة لغيرهم. ولدققت في حسابات المحتكرين وحاسبتهم على جرائمهم، ولزجت بهم في السجون. فتضبط الاسعار وتخفف الاعباء وتساعد المواطنين على تأمين لقمة عيشهم بلا اذلال ولا قهر. ان الحلول غير المكلفة ظاهرة للعيان، وماثلة امام المسؤولين، ولكنهم لا يريدون. لماذا هذا الاحجام؟ قد يكون لان التحرك بالاتجاه الصحيح يضر بمصالحهم ويؤثر على مكاسبهم.
الفساد منتشر في كل مكان وهو يعشش في الزوايا والخبايا ولكنه لم يعد خافياً على احد. كما ان الفاسدين باتوا معروفين. ولكن من يحاسب؟ ومن هي الجهة المؤهلة للمحاسبة، وكيف يمكنها مواجهة الفاسدين وقد باتوا الجهة الاقوى؟ والحقيقة ماثلة امامنا من خلال المحقق العدلي طارق بيطار الذي يحقق في انفجار المرفأ. لقد شنوا عليه حرباً شعواء بعدما ادركوا انه وصل الى تفاصيل الجريمة كلها. فتصدوا له بالتهديد والوعيد واقاموا عليه الدعاوى، ولكن شجاعته ونزاهته وتصميمه على كشف الحقيقة تدفعه الى اكمال المهمة مهما تكن العقبات. وبذلك يثبت ان في القضاء كما في كل قطاعات الدولة رجالاً نظيفي الكف يمكنهم الاصلاح. ولكنهم يواجهون بطبقة تحاربهم وتضيق عليهم وتمنعهم من قول الحق. فسلام على البلد اذا بقيت هذه المنظومة في اماكنها الحالية.