الرئيس التونسي يكلف استاذة جامعية بتشكيل حكومة أولويتها مكافحة الفساد
عيّن الرئيس التونسي قيس سعيد يوم الأربعاء المهندسة نجلاء بودن رئيسة للوزراء لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في تونس، وطلب منها أن تكون أولوية حكومتها مكافحة الفساد وإعادة الأمل للتونسيين.
يأتي تكليف رئيسة للوزراء بعد شهرين من عزل الرئيس للحكومة السابقة وتجميد أنشطة البرلمان قبل أن يستأثر بالسلطة التنفيذية والتشريعية هذا الشهر في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب بينما قال إنها ضرورية لإنقاذ البلد من الانهيار.
وأدى تعيين رئيسة الوزراء بعد طول انتظار الى ارتفاع أسعار السندات التونسية.
وسيكون إنقاذ المالية العمومية وتوفير تمويلات عاجلة أول تحد يواجه حكومة بودن.
وقال بيان رئاسي إن سعيد كلف «السيدة نجلاء بودن حرم رمضان بتشكيل حكومة، على أن يتم ذلك في أقرب الآجال».
ونجلاء بودن رمضان (63 عاماً) هي أستاذة تعليم عال في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس مختصة في علوم الجيولوجيا وكانت مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وقال الرئيس في خطاب تكليف نجلاء بودن إنه يتعين الإسراع في اقتراح أعضاء الحكومة معتبراً أن تونس أضاعت وقتاً طويلاً.
وأشار سعيد إلى أن تعيين امرأة رئيسة للوزراء هو تكريم وشرف للمرأة التونسية وأمر تاريخي يحصل لأول مرة في تونس.
وطالب أن تكون مقاومة الفساد أولوية الحكومة التي ستواصل عملها حتى نهاية التدابير الاستثنائية التي أقرها قبل شهرين.
وفي الأسبوع الماضي ألغى الرئيس أغلب أجزاء الدستور قائلا إنه يستطيع أن يحكم بمرسوم ويسيطر على الحكومة بنفسه خلال فترة استثنائية لم يعلن عن موعد انتهائها.
وسعيد تحت ضغط محلي وخارجي كبير بعد أن سيطر على كل السلطات. ويوم الأحد خرج آلاف إلى الشوارع احتجاجاً قائلين إنه يطبق الحكم الفردي المطلق.
وتواجه تونس أزمة تلوح في الأفق بسرعة في المالية العامة بعد سنوات من الركود الاقتصادي تفاقمت بسبب الوباء والصراع السياسي. وتتعرض السندات الحكومية لضغوط ووصلت تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد إلى مستوى قياسي.
وأقال سعيد العديد من المسؤولين في وزارات وادارات عدة وتعهد بدعم الحقوق والحريات، وقال إنه سيعين لجنة لتعديل دستور 2014.
وحتى الآن لم يعلن سعيد عن أجال انتهاء الاجراءات الاستثنائية.
وحققت السندات الحكومية التونسية أفضل مكاسبها في عام عقب تعيين رئيسة للوزراء بعد عمليات بيع كبيرة في الشهرين الماضين.
وسيتعين على الحكومة الجديدة التحرك بسرعة كبيرة للحصول على الدعم المالي للميزانية وتسديد الديون بعد أن أدى استئثار سعيد بالسلطة في تموز (يوليو) إلى تعليق المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
ومع هذا، يرجح أن يكون دور رئيس الوزراء أقل أهمية مما كان عليه في الإدارات السابقة منذ انتفاضة 2011 بعد إعلان سعيد الأسبوع الماضي أن الحكومة ستكون مسؤولة أمام الرئيس وأنه يمكنه اختيار أو إقالة الوزراء.
أزمة
ترفض معظم النخبة السياسية السابقة في تونس، بما في ذلك أغلب الأحزاب في البرلمان المعلق والاتحاد التونسي للشغل انتزاع سعيد للسلطة. وحثه مانحون غربيون على إعادة النظام الدستوري الطبيعي.
وفي الشارع التونسي قال موظف ببنك اسمه أمين بن سالم «تعيين مفاجئ ولكنه إشارة إيجابية بأن تقود الحكومة امرأة. أتمنى أن تبدأ بإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس وأن تنظر لمشاكل التونسيين بسرعة».
ولم يصدر رد فعل مباشر من اتحاد الشغل أو الأحزاب السياسية على تعيين نجلاء بودن.
ومع ذلك حثت الكتلة البرلمانية لحزب النهضة الإسلامي التونسي يوم الأربعاء رئيس البرلمان ومكتبه على الانعقاد لاتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة البرلمان للعمل، في تحد على ما يبدو لقرار الرئيس قيس سعيد بتجميد عمل المؤسسة التشريعية قبل شهرين.
ويبرز بيان النهضة كيف يمكن للأحزاب في البرلمان الطعن في شرعية أي حكومة يتم تعيينها دون موافقة المجلس الموقوف.
كما أجرى الرئيس التونسي اتصالاً هاتفياً مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وقال مكتب ميركل إنها أكدت له أهمية المكتسبات الديمقراطية في تونس لاستقرار البلاد، وقالت إن من الضروري العودة للديمقراطية البرلمانية في ظل حوار مع كل اللاعبين السياسيين.
وقال سياسي تونسي كبير لرويترز الأسبوع الماضي إن رئيسة الوزراء الجديدة ستواجه وضعاً ملتهباً حيث توقفت معظم الأعمال الحكومية خلال الشهرين الماضيين وأن مجموعة كبيرة من الملفات تحتاج إلى اهتمام عاجل.
رويترز