البنتاغون يقر بحصول أخطاء و«فشل استراتيجي» في الانسحاب من افغانستان
في جلسة أمام مجلس الشيوخ بشأن الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، اعترف قادة عسكريون في وزارة الدفاع الأميركي بأخطاء في التقدير أدت إلى «فشل استراتيجي» في البلاد مع استحواذ حركة طالبان على السلطة في كابول دون صعوبات بعد عشرين عاماً من الحرب. وأشار قائد أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي إلى أن قرار سحب المستشارين العسكريين من الوحدات الأفغانية قبل ثلاث سنوات ساهم في المبالغة في تقدير إمكانات الجيش الأفغاني.
بعد أسابيع من الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، أقر مسؤولو الدفاع الأميركيون الثلاثاء بأخطاء في التقدير أفضت إلى «فشل استراتيجي» في البلاد مع انتصار حركة طالبان من دون عناء بعد حرب استمرت 20 عاماً في أفغانستان.
وأقر قائد أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي ومسؤول القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم) الجنرال كينيث ماكنزي علنا للمرة الأولى أنهما نصحا الرئيس جو بايدن بالإبقاء على 2500 جندي في أفغانستان لتجنب انهيار نظام كابول. وأتى كلامهما خلال جلسة استماع أمام أعضاء مجلس الشيوخ حول النهاية الفوضوية للحرب في أفغانستان.
واختار الرئيس الأميركي عدم الأخذ بهذه النصيحة، مؤكداً في آب (أغسطس) أنه لم يتلقها. وقال بايدن في 19 آب (أغسطس) الماضي خلال مقابلة مع محطة «إيه بي سي» التلفزيونية «لم يقل أحد لي ذلك على حد علمي».
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن «واقعة انهيار الجيش الأفغاني الذي دربناه مع شركائنا، غالباً من دون إطلاق أي رصاصة، فاجأتنا»، مضيفاً «سيكون مجافياً للحقيقة الادعاء بعكس ذلك».
وتابع «لم ندرك مدى فساد كبار ضباطهم وانعدام كفاءتهم، لم نقدر الأضرار التي نجمت عن التغييرات الكثيرة وغير المفسرة التي قررها الرئيس أشرف غني على صعيد القيادة، لم نتوقع أن يكون للاتفاقات التي توصلت إليها طالبان مع أربعة قادة محليين بعد اتفاق الدوحة تأثير كرة الثلج، ولا أن يكون اتفاق الدوحة قد أحبط الجيش الأفغاني».
ووقعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 29 شباط (فبراير) 2020 في الدوحة اتفاقاً تاريخياً مع طالبان نص على انسحاب كل القوات الأجنبية قبل الأول من أيار (مايو) 2021 في مقابل الحصول على ضمانات أمنية وإطلاق مفاوضات مباشرة بين المتمردين والسلطات الأفغانية.
وبعدما تولى جو بايدن سدة الرئاسة الأميركية ودقق في تفاصيل الاتفاق مدى أشهر، قرر تنفيذه إنما أرجأ الموعد النهائي للانسحاب إلى 31 آب (أغسطس).
«تضرر المصداقية»
ورأى الجنرال مارك ميلي أن ما حصل شكل «فشلاً استراتيجياً. فالعدو في الحكم في كابول. ولا مجال لوصف الوضع بطريقة أخرى».
وحذر كذلك من أن خطر إعادة تشكيل صفوف تنظيم القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية» في أفغانستان «إمكانية واقعية جداً».
وفي حين يؤكد البنتاغون أنه قادر عن بعد على مواصلة الضربات عبر طائرات مسيرة ضد القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية»، سئل الجنرال ماكنزي عن فرص تجنب وقوع هجوم يستهدف المصالح الأميركية تشنه جماعات جهادية انطلاقاً من أفغانستان، فرد «يجب الانتظار لنرى».
وأشار الجنرال مارك ميلي إلى أن قرار سحب المستشارين العسكريين من الوحدات الأفغانية قبل ثلاث سنوات ساهم في المبالغة في تقدير إمكانات الجيش الأفغاني.
وقال ميلي إن بلاده «لم تجر تقويماً شاملاً لمعنويات القيادة وعزيمتها»، وتابع «يمكن إجراء تعداد للطائرات والشاحنات والعربات والسيارات (…) لكن لا يمكن قياس القلب البشري بواسطة آلة».
وظهرت تباينات بين موقفي رئيس الأركان ووزير الدفاع حين سأل عضو في اللجنة عما إذا تسبب الانسحاب بـ «تضرر» سمعة الولايات المتحدة.
وجاء في رد رئيس الأركان «أعتقد أن مصداقيتنا لدى حلفائنا وشركائنا في العالم، ولدى خصومنا، تخضع لإعادة نظر بكثير من التمعن»، وأضاف «يمكن استخدام كلمة تضرر، نعم».
إلا أن وزير الدفاع خالفه الرأي قائلاً «أعتقد أن مصداقيتنا لا تزال متينة».
وأكد قائد أركان الجيوش الأميركية أنه لم يشك يوماً بالوضع الذهني للرئيس السابق دونالد ترامب في نهاية ولايته خلافاً لتأكيدات صحافيين أقر بأنه تحدث إليهم.
وقال الجنرال ميلي أمام أعضاء لكونغرس في أول تصريح له حول هذه المسألة «أنا على يقين أن الرئيس ترامب لم يكن ينوي مهاجمة الصينيين وكان يقع على مسؤوليتي المباشرة باسم الوزير تبيان تعليمات الرئيس ونواياه».
فرانس24/ أ ف ب