ليبيا: ضربة جديدة لجهود السلام الاممية بحجب البرلمان الثقة عن الحكومة
صوّت البرلمان الليبي الثلاثاء على حجب الثقة عن الحكومة الانتقالية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، مع اقتراب موعد الانتخابات المقرّرة بعد أقل من مئة يوم، ما يمثل ضربة جديدة لجهود السلام الأممية في بلد تعصف فيه الفوضى منذ عقد.
وجاءت عملية حجب الثقة في جلسة مغلقة عقب أسبوعين من مصادقة رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح على قانون انتخابات رئاسية مثير للجدل بدا وكأنه وضع على قياس المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد.
وجرت عملية التصويت في جلسة مغلقة للبرلمان الذي اجتمع في شرق البلاد، في حضور 113 نائباً، وصوّت 89 نائباً لسحب الثقة من الحكومة المؤقتة ومقرها طرابلس، وفق ما قال المتحدث باسم البرلمان عبدالله بليحق.
وكان البرلمان أعلن أمس تشكيل لجنة تحقيق لاستجواب الحكومة ومنحها أسبوعين لتقديم تقرير متكامل، للنظر في إمكانية استمرارها أو سحب الثقة منها. وبالتالي، جاء قرار اليوم «مفاجئاً» وتجاوزاً للجنة التحقيق.
ومنذ اطاحة نظام معمر القذافي في 2011، تغرق ليبيا في أعمال العنف والفوضى وصراع على السلطة لا سيما بين سلطتين كانت إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب.
وتحسّن الوضع نسبيا منذ بداية العام مع التوصل الى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الدبيبة مهمتها إدارة الفترة الانتقالية وصولاً الى الانتخابات التشريعية والرئاسية في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ويؤزم هذا التطور الجديد الوضع مرة أخرى، ويلقي ظلالاً من الشك على الانتخابات التي يضغط المجتمع الدولي لإجرائها.
وردّ المجلس الأعلى للدولة على قرار «حجب الثقة» سريعاً، معلناً رفضه إجراءات البرلمان، ومشيراً الى اعتبارها «باطلة» وكذلك كلّ ما يترتب عليها، لمخالفتها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.
جدل حول قانونية القرار
وقد يتعرض قرار «حجب الثقة» للطعن في قانونيته. ورافق الجدل عملية التصويت وارتفعت أصوات تتحدث عن «أخطاء» و«تزوير».
وأوضح مصدر برلماني لوكالة فرانس برس أن قانون النظام الداخلي للبرلمان لعام 2014 ينص على أن النصاب القانوني المطلوب للتصويت على منح أو حجب الثقة للسلطة التنفيذية يتطلب نصاباً يتخطى ثلثي عدد النواب بواقع 120 صوتاً.
وقال المتحدث باسم البرلمان أنه لن يتم استبدال حكومة الدبيبة، بل سيتم اعتبارها حكومة «تصريف أعمال».
وقال الباحث في موقع «ليبيا آوت لوك» محمد الجارح عبر حسابه على «تويتر»، تعليقاً على قرار اليوم، إن تصويت البرلمان «تصعيد كبير» من شأنه زيادة «الارتباك» وحالة «عدم اليقين»، معتبراً أن ليبيا في «منعطف حرج».
وحصلت حكومة الدبيبة في آذار (مارس) على ثقة مجلس النواب، في تصويت وُصف بـ «التاريخي»، وتمكنت من تسلم السلطة من الحكومتين المتنافستين آنذاك بطريقة سلسة لم تعهدها ليبيا كثيراً منذ عشرة أعوام.
كما تم اختيار إلى جانب الحكومة مجلس رئاسي (أعلى سلطة تنفيذية) من ثلاثة أعضاء، كُلّف توحيد المؤسسات، وإخراج البلاد من الصراعات، والإشراف على عملية المصالحة الوطنية بين الأطراف المتصارعة.
وعانت حكومة الديبية من مشاكل كبيرة، أهمها الخلاف مع البرلمان الذي استمر منذ توليها السلطة حول اعتماد الموازنة العامة التي رُفضت مرات عدة خلال جلسات البرلمان.
وكان الخلاف الأخير حول القانون الانتخابي الذي نص في إحدى مواده على إمكانية ترشح أي عسكري أو مدني لمنصب الرئيس شرط «التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر»، وفي حال عدم انتخابه «يعود لسابق عمله».
ووقّع رئيس البرلمان الداعم لحفتر القانون من دون طرحه على التصويت، ما أثار انتقادات برلمانيين وهيئات مختلفة.
ا ف ب