رئيسيلبنان

لبنان يضبط «ساعته» السياسية على توقيت «الضربة المؤجّلة»

ستقع الضربة، لن تقع الضربة، ربما تقع وربما لا… انه الانتظار الثقيل لاحتمالين يجعلان الجميع في الشرق الاوسط وفي العالم قاطبة «على أعصابهم» وهم يترقبون اتجاهات التصويت في الكونغرس الاميركي في التاسع من الشهر الجاري، بعدما رمى الرئيس باراك اوباما كرة الضربة العسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الاسد في ملعب «المزاج الاميركي»، سعياً الى تفويض لا يحتاجه، لكنه يريحه في الضربة او في العدول عنها.

 السيناريوهات جاهزة وبنك الاهداف كذلك، الخرائط اللوجستية منجزة و«الاسباب الموجبة» معلنة، البوارج تصول وتجول ومزيد من المدمرات تصل تباعاً… كأن الرئيس اوباما يحمل العصا بيد والجزرة بيد اخرى في طريقه للقاء نظيره «الدولي» فلاديمير بوتين، لعل بالامكان الافراج عن تسوية سياسية تخرج الاسد، من دون الحاجة الى الـ «توماهوك».
ولبنان، الذي «يحبس انفاسه» مع تطاير الرسائل من فوق رأسه، وربما تطاير الصواريخ، ادرك انه الساحة الاكثر إلتصاقاً بـ «الخيارات الساخنة» في سوريا والمنطقة، وهو يهرع الى «غرفة الانتظار» وكأنه يُقتاد الى قدر لم يختره و«لا حول ولا قوة» له في منعه او استعجاله او في ضبط ايقاعه والتحكم بتداعياته والحد من اضراره الاكيدة، حصلت الضربة ام لم تحصل.
وتحت وطأة تأثير «الضربة المؤجلة» إنهمكت بيروت في القراءة في كف هذا التحول المفصلي في الواقع الاقليمي والدولي، وسط ترجيحات متناقضة لكفة على كفة… ثمة من يعتقد بأن الرئيس الاميركي الذي تردد طويلاً لم يعد في وسعه التراجع عن «الضربة التأديبية» لنظام الاسد رداً على استخدامه الكيماوي، وثمة من يرى ان اوباما إستشعر خطورة تورطه ويسعى الى مخرج قد توفره له «ممانعة» الكونغرس لاستخدام الخيار العسكري.
و«هلع» بيروت تجاوز المناقشات الدائرة في الصالونات السياسية، والتحوط الخجول لما بقي من مؤسسات في الدولة، ليرتبط بخيارات «حزب الله»، الذي ربط وفي وقت مبكر مصيره بمصير نظام الاسد وإنخرط في القتال في سوريا دفاعاً عن بقائه، وتالياً فإن «صمته المدروس» حيال التوجه الغربي للاقتصاص من نظام الاسد، لم يحل دون وضعه تحت المجهر في محاولة لمعرفة حدود رد فعله والمدى الذي قد يبلغه في المواجهة المقبلة.

اللهجة التهويلية
وكان لافتاً للوهلة الاولى ان «حزب الله» ومعه المحور الحليف للاسد، الذي يضم ايران وروسيا، بدا وكأنه يمكن ان يحني رأسه امام ضربة محدودة و«مدوزنة» وموضعية للنظام في سوريا، لأن لا مصلحة في توسيع دائرة المواجهة وجر اسرائيل اليها، نتيجة الاكلاف الكارثية للحرب المفتوحة، وهو الموقف المضمر الذي اخذ في الانحسار مع تزايد اللهجة «التهويلية» التي قرأت في تردد اوباما فرصة لتكبير حجم «الشر المستطير» الذي ينتظر الادارة الاميركية والدول المشاركة في الضربة المؤجلة.
ورغم ان هذا التهويل بلغ حد التهديد بتحويل اي ضربة للأسد الى حرب اقليمية، فإن الخطط الغربية في البحر والجو استمرت على حالها في انتظار ما بدا انه «الفرصة الاخيرة» التي ارادها للتوصل الى تفاهم في مجلس الامن او مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الحاجة الى ازاحة الاسد بعد استخدامه الكيماوي، قبل ان يصبح الرئيس الاميركي مضطراً الى «الكبس على زر» عمل عسكري عقابي.
ووسط هذا المستوى المأزوم من «إلتقاط الانفاس» اكتشف لبنان الحاجة الى تشكيل حكومة جديدة مضى على مخاض ولادتها المتعثر اكثر من خمسة اشهر، فجرت محاولات علنية وبعيدة عن الاضواء للافراج عن الحكومة الموعودة ولكن من دون جدوى، وبدا الجميع وكأنهم ينتظرون ما ستؤول اليه «اللحظة المصيرية» التي تدهم المنطقة على وقع «قرقعة» البوارج وضجيجها قبالة سوريا.
فرغم وطأة الضغط الهائل الناجم عن اقتراب المنطقة من حافة الهاوية، فإن الوقائع السياسية اللبنانية استمرت «راوح مكانك» وكأن «شيئاً لم يكن»، فلا الاتصالات لكسر مأزق تشكيل الحكومة حققت إختراقاً مهماً، ولا إطلالة رئيس البرلمان نبيه بري بـ «أفكار حوار» ارتقت الى مستوى مبادرة يمكن البناء عليها، ولا نداءات رئيس الجمهورية ميشال سليمان لوقف التورط في سوريا والعودة الى اعلان بعبدا وجدت آذاناً صاغية.
الاختراق «اليتيم» الذي اراح الوضع الداخلي، شكله اكتشاف شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي خيوطاً مهمة في التفجير المزدوج الذي تسبب بمجزرة في مدينة طرابلس، وهي الخيوط التي دلت على وقوف المخابرات السورية وراء حركة السيارات الملغومة، الامر الذي سكب مياهاً باردة على الانفعالات المذهبية بعد الاجواء المشحونة نتيجة استهداف مناطق شيعية وسنية بتفجيرات دموية.
وفي الوقت الضائع بين الاعلان عن الضربة والتريث في توجيهها، بدا لبنان «مسمّراً» الى هذا التطور كونه الساحة الأقرب لـ «شظايا» هذا التحوّل الذي كان يراوح بين الحرب بـ «ديبلوماسية البوارج» والحرب «البحر – جوية» وتداعياتها في حال حصول الضربة او تجنّبها.

الخروج عن الاجماع
وفي الوقت الفاصل عن «لحظة الفصل» في مسار الأزمة السورية، احتواءً سياسياً او انفلاشاً عسكرياً، بقيت الاهتمامات في بيروت التي خرجت مجدداً عن الإجماع العربي وتحفّظت بالكامل عن قرار مجلس جامعة الدول العربية الذي أمّن غطاءً ضمنياً للضربة العسكرية للنظام السوري، شاخصة على محاولة «اجتراح» حلول تُخرِج البلاد من عنق الزجاجة الذي دخلته في ظل شلل مؤسساتي يضرب السلطة التشريعية منذ التمديد للبرلمان ثم تعطيل انعقاده وربط الافراج عن جلساته بعقدة «حرب الصلاحيات» التي طرأت بين رئاستي مجلس النواب والحكومة، فيما الحكومة الجديدة عالقة بين الشروط والشروط المضادة من طرفي الصراع اي قوى 8 و14 آذار اللتين لم تظهرا في وارد تقديم اي «هدايا مجانيّة» في مرحلة اعتبر احدهما انها مرحلة «تحسُّس الرؤوس» في سوريا واختصرتها الأخرى بشعار «اوباما فوق الشجرة» باحثاً عن «سلّم للنزول».
وفي موازاة ذلك، عادت «أحجية» ايهما اولاً «الحوار او الحكومة» الى التداول بعد المبادرة السياسية التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري ودعا فيها الى حوار متعدد البنود يتصدره ملف تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري وينتهي بالاستراتيجية الوطنية للدفاع (سلاح «حزب الله»)، وهو ما قابلته قوى 14 آذار باعتراض كبير عليه واصفة هذا الطرح بانه «مفخخ» ويضرب صلاحيات المؤسسات وينسف هدف هيئة الحوار المتمحور اساساً حول سلاح «حزب الله» ويغرقه في ملفات هي من مهمات السلطتين التنفيذية والتشريعية ورئاسة الجمهورية.
واستوقف الدوائر المراقبة الموقف «المدوْزن» الذي صاغه النائب وليد جنبلاط من عنواني الحوار والحكومة ومبادرة بري معلناً: «اننا نحفظ للرئيس برّي حرصه الدائم على الحوار والتواصل بين اللبنانيين»، معتبراً «اننا نرى في إنعقاد هيئة الحوار مجدداً مناسبة لمحاولة إعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس وتجديد الدعوة لكل الأطراف للخروج من المستنقع السوري وفي مقدمهم المقاومة التي تحوّلت بندقيتها بعيداً عن إسرائيل» ومؤكداً «ان معاودة الحوار فيها مصلحة وطنيّة بصرف النظر عن وجود أو غياب حكومة جديدة، وبقدر ما هو مطلوب توفير الظروف الملائمة لاستئناف الحوار، بقدر ما هو مطلوب أيضاً عدم القفز فوق المؤسسات الدستوريّة».
وجاء موقف جنبلاط فيما كان وزيره وائل أبو فاعور يعود من المملكة العربية السعودية حيث التقى عدداً من المسؤولين السعوديين بينهم الأمير عبد العزيز بن عبدالله بن عبد العزيز نائب وزير الخا
رجية، وسط معلومات نقلت عن ابو فاعور «ألا جديد في ملف الحكومة ولا صيغ حكومية جاهزة وان فكرة حكومة الوحدة الوطنية غير محسومة بعد».

 «فرملة» الحكومة
لم يكد ان يجف حبر ما نُقل عن ابو فاعور حتى راحت الدوائر السياسية تتحرى عن تأثير هذا الكلام لجهة «فرملة» المناخ الذي كان تم تداوله عن اختراق في الملف الحكومي انطلاقاً من المعطيات الآتية:
–  ان قوى 14 آذار رفعت «الفيتو» عن مشاركة «حزب الله» في الحكومة وانها لا تمانع بتشكيل حكومة جامعة ومتوزانة وفق معادلة الثلاث ثمانيات (8 لقوى 14 آذار) و(8 لقوى 8 آذار) و(8 لكل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس تمام سلام وجنبلاط)، ومع «فيتو» حاسم على معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» والتمسك بجعل «إعلان بعبدا» اساس البيان الوزاري.
– ان ملامح تفاهم برزت على أن يبادر رئيس الجمهورية الى توقيع مرسوم تأليف الحكومة الجديدة وفق توازنات ثلاث ثمانيات وتركيبة اسماء يحددها سلام على أن يترك لمجلس النواب أمر منحها الثقة أو حجبها عنها وفق ما سيتضمنه بيانها الوزاري. علماً بأن الرئيس سليمان كان عكس في تصريح صحافي هذا المنحى معلناً «ان من حق الرئيس المكلّف تأليف حكومته، وعليه، أي على الرئيس المكلّف، تأليف الحكومة ورفعها إلى رئيس الجمهورية لتوقيع مراسيمها».
الا ان اوساط فريق 8 آذار ورغم اعترافها بايجابية تراجُع 14 آذار عن الحكومة الحيادية وإقرارها باستحالة تشكيل حكومة من دون «حزب الله»، فهي اكدت تمسكها بمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة» ورفض اي مشاركة لا تقوم على الحصول على «الثلث المعطّل» ولو اقتضى ذلك ان تحصل عليه قوى 8 آذار و14 آذار معاً وفق توزيع 11 وزيراً لكل منهما و8 للوسطيين.
وتبعاً لذلك، برز سؤال: هل سيبادر الرئيس سلام الى فرض امر واقع برفع تشكيلة حكومية تضم «حزب الله» وفق توزيع الثلاث ثمانيات فيوقّع مرسوم ولادتها رئيس الجمهورية فاذا نالت الثقة تصبح «عاملة» وإلا تتولى هي تصريف الاعمال عوض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟ وهل سيسلّم «حزب الله» وحلفاؤه بمثل هذه الخطوة ام سيفعل «ما يلزم» لمنع عدم منحه «سلطة القرار» في حكومة ستصبح «رئاسية» مع توقُّع عدم حصول الانتخابات الرئاسية في ايار (مايو) المقبل؟ وهل ما اعلنه ابو فاعور العائد من السعودية عن عدم وجود رغبة سعودية في تشكيل الحكومة في هذه اللحظة السورية المفصلية وتحبيذ استمرار سياسة الانتظار؟

كلمة جعجع
انها اسئلة دهمت بيروت عشية  الاضراب «النادر» الذي نفذته الهيئات الاقتصادية، وهي التي تعارض عادة كل تحرك احتجاجي يتوسل الاضراب طريقاً، وذلك احتجاجاً على الواقع الكارثي والمأسوي وللضغط نحو تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة، وغداة  تدشين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع معركة رئاسة الجمهورية في كلمته في ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية» والتي تمت قراءتها على انها بمثابة اعلان ترشح كحدّ اقصى او الامساك بزمام المعركة بمرشح «قوي» يمثل المسيحيين وقوى «ثورة الأرز» كحد ادنى.
والى جانب البُعد «الرئاسي» في كلمة جعجع، فقد ضمّنها مواقف شديدة الحدة والوضوح، خصوصاً لجهة الصراع السياسي مع «حزب الله» الذي وجّه اليه اتهامات عنيفة متنوّعة راوحت بين التسبب للبنان بعداوات دولية وتغيير وجهه وإسقاط صيغته وتهديد توازناته ووضع توافقه الوطني «في مهب الريح» عبر تورّطه في الحرب على الشعب السوري الى جانب نظام الاسد. حتى ان رئيس «القوات» ذهب الى اتهام الحزب بانه يتعامل مع رئاسة الجمهورية التي يتم تهميشها من خلال تجاوز اعلان بعبدا والتي جرى تخطيها في مناسبات عدة على طريقة التعامل مع اسرائيل.
ووسط هذا الارتباك الداخلي، كان على لبنان ان يعدّ «اوراقه» لملاقاة المؤتمر الدولي لدعمه في نيويورك الذي يُعقد في 25 الجاري خلال أعمال الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة والذي باشر الرئيس سليمان التحضيرات له باجتماعه مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثل الامين العام للأمم المتحدة وممثلين للاتحاد الاوروبي ومندوب الجامعة العربية في بيروت. علماً بأن هذا المؤتمر سينظر في كيفية دعم لبنان بصورة عملية وصون استقراره ودعم اقتصاده ومؤسساته وتعزيز قواه المسلحة، وفي طليعتها الجيش اللبناني، وكذلك مساعدته في مواجهة العبء المتزايد الناجم عن ازدياد عدد النازحين من سوريا.
ومع وضع لبنان على «الأجندة» الدولية من هذه الزاوية، برزت مضاعَفة الحاجة لدى المسؤولين اللبنانيين الى تأمين ارضية مؤسساتية مؤاتية ولا سيما لجهة تشكيل الحكومة الجديدة بما يقطع الطريق على حال الاهتراء التي «تنخر» المؤسسات تباعاً ويمنع ظهور لبنان في اهم محفل دولي وكأنه بلا أدوات حكم وعلى طريق التحول… دولة فاشلة.

«توعّك» ديبلوماسي
في موازاة ذلك، انهمكت بيروت بتداعيات ديبلوماسية كاد «الامن الذاتي» ان يرتّبها على علاقات لبنان بدولتي السعودية والكويت بعد الاحتجاج الشديد الذي أبلغته السفارة السعودية الى الخارجية اللبنانية على تفتيش عناصر من «حزب الله» سيارة ديبلوماسية سعودية على احد مداخل الضاحية الجنوبية واحتجاز مواطنيْن سعودييْن لساعات في ظروف اعتبرتها «مهينة»، ثم كشْف السفير الكويتي في لبنان عن تعرّض ديبلوماسي من بلاده للتوقيف والتحقيق معه على احد الحواجز الامنية الحزبية غير الرسمية (في اشارة ضمنية الى «حزب الله») وهو التطور الذي شكّل الى جانب الاوضاع في المنطقة «الأسباب الموجبة» لإجلاء نحو 300 كويتي من بيروت ودعوة مَن بقي منهم الى «ضرورة المغادرة السريعة حفاظاً على أمنهم وسلامتهم».
وشكّل طلب الرئيس ميشال سليمان من القضاء ملاحقة «المتعرضين لحرية الديبلوماسيين» اشارة بالغة الدلالات الى رغبة بيروت في الاحتواء الكامل للإحراج الذي أصابها بعد التعرّض للديبلوماسية السعودية والكويتية. علماً ان رئيس الجمهورية دعا الى وجوب «الإبتعاد عن الأمن الذاتي الذي يخلق أضراراً داخليّة وخارجيّة اضعاف ما يمكن ان يفيدنا لجهة الامن في حيّ أو شارع بالذات» في اشارة ضمنية الى الاجراءات الامنية التي يتخذها «حزب الله» في مناطق نفوذه منذ تفجير الرويس الذي وقع في 15 آب (اغسطس) الماضي.

مملوك – 2
ومن خلف غبار العناوين السياسية، برز تطور قضائي – أمني بالغ الدلالات مع سؤال فرض نفسه بقوة في بيروت ومفاده: هل هو «مخطط اللواء علي مملوك – 2»؟
فقد استعاد لبنان مع الادعاء على النقيب في المخابرات السورية (في طرطوس) محمد علي ورئيس «حركة التوحيد الاسلامي» (القريبة من النظام السوري) الشيخ هاشم منقارة والشيخ احمد الغريب والمخبر مصطفى حوري وعلي خضر العربان (سوري) في قضية التفجير المزدوج الذي ضرب طرابلس في 23 آب (اغسطس) الماضي «المخطط التفجيري الفتنوي» الذي كانت شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي نجحت في إحباطه في آب (اغسطس) 2012 قبل ان ينطلق.
وشكّل كشف خيوط «مجزرة المسجديْن» في طرابلس ثاني اختراق من نوعه لشعبة المعلومات ضد خلية مرتبطة بالاستخبارات السورية واول إماطة للثام عن اثنين من الانفجارات الاربعة التي ضربت لبنان بسيارات مفخخة منذ تفجير بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت في 9 تموز (يوليو) الماضي ثم انفجار الرويس (الضاحية) في 15 آب (اغسطس) وبعده بثمانية أيام تفجيري طرابلس.
ويُعتبر ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر في ملف تفجير طرابلس التطور الثاني من نوعه في تاريخ العلاقات بين لبنان وسوريا اذ كان القضاء اللبناني اتّهم قبل نحو ستة اشهر الوزير اللبناني السابق (الموقوف) ميشال سماحة ومدير مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومعاونه العقيد «عدنان» بجرم «التخطيط للقيام بأعمال ارهابية عبر التفجير وتجهيز عبوات ناسفة ومتفجرات ونقلها من سوريا الى لبنان لوضعها في اماكن عامة واحتفالات في مناسبات رمضانية بهدف اغتيال نواب ورجال دين وسياسيين» في عكار (شمال لبنان) وذلك سنداً الى مواد تنص عقوبتها على الاعدام.
وفي حين كان يسود «حبس انفاس» في بيروت لمعرفة ما اذا كان كشف «خلية طرابلس – طرطوس» سيتيح وقف مسلسل التفجيرات الذي كان يشي بالمزيد من حلقات الدم والدمار»، برز إصدار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا مذكرتي توقيف وجاهيتين بحق الغريب وحوري مقابل ترْك الشيخ منقارة بسند اقامة في أعقاب استجوابه، الامر الذي ردّ عليه صقر بتمييز قرار ابو غيدا.

ادلة واعترافات
وسبق الادعاء، ختم التحقيق الأولي مع منقارة وسط معلومات عن ان الادلة والاعترافات افضت الى الآتي:
- ان التحضير لتفجيري طرابلس بدأ قبل نحو سبعة اشهر حيث حصلت اجتماعات عدة في دمشق وطرطوس مع احد مسؤولي الاستخبارات في الاخيرة اي المدعى عليه النقيب محمد علي.
– اعتراف الشيخ الغريب بان الاجتماعات تخللتها مناقشة المسافة التي سيتم وضع السيارة المفخخة فيها امام مسجد «التقوى» في طرابلس.
– ان الغريب قال انه بعد مراجعته الشيخ هاشم منقارة استمهله الاخير للعودة الى اللواء علي مملوك، وهو ما نفاه منقارة وقابله الغريب بالتمسك بروايته قائلاً: «عندما يسقط المرء يتخلى عنه الجميع».
– ان السيارتين اللتين تم تفجيرهما في طرابلس أدخلتا الى سوريا قبل اسبوعين من التفجير المزدوج حيث جرى تفخيخهما.
– ان السيارة التي انفجرت امام مسجد «السلام» تم شراؤها من احد المطلوبين في البقاع على اساس انها مسروقة الا انه تبين انها ليست كذلك (عُرف مالكها الاساسي) مع ترجيح ان يكون السوري خضر العربان هو الذي اشترى هذه السيارة وقادها الى مسجد «السلام».

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق