سياسة لبنانيةلبنانيات

يوميات الحرب تتجدد وخسائر لبنان فادحة والضرائب الخيالية حرب من نوع اخر لقتل المواطنين

الحديث عن الجبهات المتنقلة من غزة الى الجنوب اللبناني اصبح تكراراً. فالمشهد يتجدد يومياً بشكل لا يختلف كثيراً بين يوم واخر. غارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي وتدمير منازل وسقوط ضحايا في عدد من القرى والبلدات الجنوبية، ورد من حزب الله على تجمعات الجيش الاسرائيلي. الا ان اللافت امس ما كتبته صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية انه تم خفض عدد الجنود المرابطين على الجبهة الشمالية مع لبنان وترافق ذلك مع هدوء نسبي على الجبهة. الا ان الخسائر التي تكبدها لبنان من وراء هذه الحرب باهظة جداً. وقد بدأت النتائج تتظهر. فبالنسبة الى زراعة التبغ التي تدر حوالي الثلاثين مليون دولار مهددة هذه السنة، اذ ان الزراعة يجب ان تبدأ في اذار اي بعد حوالي الشهر. فاذا لم تسمح ظروف الحرب بالزراعة، يضيع الموسم باكمله. وكذلك موسم الزيتون وما ينتجه من زيت، وقد تعرضت بساتين الزيتون للقصف المتواصل فضاع الانتاج وتفيد انباء اعلامية ان المناطق التي قصفت بالقنابل الفوسفورية اصبحت غير صالحة للزراعة لسنوات، لانها باتت تحتوي على الفوسفور. فعلى امل ان تتوقف الحرب عند هذا الحد.
على الصعيد الداخلي عقد المجلس الدستوري جلسة، لم يتم خلالها التوصل الى قرار بالطعن المقدم من التيار الوطني الحر بتمديد السن القانونية لقادة الاجهزة الامنية برتبة لواء وعماد لمدة سنة واحدة، فتم تنظيم محضر بالوقائع وتالياً بقي كل شيء على ما هو. وقال رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب ان المجتمعين لم يتوصلوا الى اصدار قرار بقبول الطعن او رده، لعدم تأمين الاكثرية المطلوبة اي سبعة اصوات في اي من الاتجاهين، فاقتضى تنظيم المحضر. وهكذا اصبح القانون ساري المفعول ونافذاً.
التطور الاخر امس ما كنا قد اشرنا اليه بان موازنة العام 2024 ستترك اثاراً سيئة جداً يصعب على الكثيرين من اللبنانيين تحملها. وان اثارها ستبدأ بالظهور. وبالفعل كان اول الغيث بوادر ازمة محروقات، وعادت بعض المحطات تشهد ازدحاماً وذلك وعندما قررت الشركات التوقف عن الاستيراد بسبب الزامها دفع غرامات عن سنين مضت منذ اوقات دعم المحروقات من قبل مصرف لبنان، والذي كان يفرض على الشركات المستوردة ان تبيع حسب الدعم وحسب جدول تركيب الاسعار الصادر عن وزارة الطاقة. وطالبت الشركات بالعودة عن هذا القرار.
كذلك اعلنت نقابة مستوردي الادوية واصحاب المستودعات في لبنان في بيان، انه عطفاً على التداول باقرار قانون ضمن موازنة 2024 الذي قضى، وعبر نص غير واضح، بفرض غرامة استثنائية على الشركات التي استفادت من الدعم، اعلنت النقابة ان سياسة الدعم صائبة كانت ام خاطئة هي سياسة رسمية اعتمدتها الدولة اللبنانية، التي قررت ان تدعم سلعاً حيوية عديدة، من بينها الدواء. ان الشركات عملت على تسهيل وصول الدواء المدعوم الى المستهلك، وتطبيق سياسة الدولة حسب التسعيرة القانونية التي تحددها وزارة الصحة وبالتالي فان الشركات لم تستفد بتاتاً من الدعم.
الهيئات الاقتصادية هي الاخرى احتجت على الغرامات والضرائب التي فرضتها الحكومة من خلال موازنة لا قطع حساب لها، وهي عشوائية تصيب المواطنين في الصميم. فبعدما نهبت اموالهم في المصارف وعطلوا القضاء ومنعوه من اعادة الحقوق الى اصحابها، لم يجدوا اسهل من تضمين الموازنة ارقاماً خيالية لا تكفي الاموال القليلة الباقية في جيوب المواطنين بسدادها وقد غفلوا عنها في حينه فجاءوا اليوم ليسحبوها حتى اخر قرش، ويقبضوا على حياة السواد الاعظم من اللبنانيين. فان كانت الشركات والنقابات والمؤسسات الكبرى تعلن انها غير قادرة على حمل هذا العبء الثقيل، فكيف بالمواطن العادي. هذه الحكومة لن تترك امام المواطن ولو باباً صغيراً ليكمل حياته. ومن يتحمل المسؤولية اكثر فاكثر هم النواب الذين انتخبهم الشعب ليدافعوا عن حقوقه، فاهتموا بمصالحهم ولم يلتفتوا اليه. لقد كان الحري بهم الا يصوتوا على هذه الموازنة المدمرة وغير المتوازنة، بمعنى انها لم تقارن بين قدرة المواطن الشرائية في ظل البطالة المستشرية، والاحمال الفائقة الوزن التي القوها على كاهله. انها البداية وستشهد البلاد تحركات واسعة كلما ظهر الظلم المفروض على الناس، وقد بدأت طلائع ذلك فاعلن المساعدون القضائيون الاضراب عن العمل، واطلق الاساتذة صرخة مدوية، مطالبين باجور عادلة تكفي لحياة كريمة، وقد سبقهم موظفو القطاع العام، وتوقفوا عن العمل. كل ذلك ما كان ليحصل لو كانت هناك حكومة من ذوي الاختصاص، تتمتع بصلاحيات كاملة وتوازن بين حجم الضرائب والقوة الشرائية. الا ان سياسة هذه الحكومة عشوائية بامتياز، بعيدة عن الواقع وعن المواطن وتنقص وزراءها الخبرة اللازمة. لذلك كله المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية بسرعة قصوى قبل سقوط كل القطاعات، قد اصبحت على حافة الهاوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق