الوقت للعمل… هل ينطبق القول على الفعل
الكهرباء والمحروقات والدواء والاسعار هي وحدها التي تمنحكم الثقة
اول جلسة لمجلس الوزراء الجديد كانت هادئة سادها الوئام بين الوزراء وتخللتها حفلة تعارف على بعضهم البعض. وقد تم تشكيل لجنة البيان الوزاري التي ما ان انتهى اجتماع مجلس الوزراء حتى سارع الرئيس ميقاتي واعضاء اللجنة الى السرايا الحكومية حيث عقدوا الاجتماع الاول وتم فيه وضع مسودة البيان على ان تنتهي منه اليوم في الاجتماع الثاني الذي سيعقد عند الساعة الحادية عشرة والنصف كما اعلن وزير الاعلام.
البيان وصف بانه مقتضب وليس فضفاضاً، وسيختلف عن السابق بطريقة محاكاته للمواطنين، اذ سيركز على الازمات القاتلة التي يعانون منها والتي اوصلتهم الى جهنم حقيقية. غير ان الناس لا يبالون بالوعود وقد سئموا من سماعها على مدى بيانات وزارية عدة، وبقيت حبراً على ورق. ان ما يريدونه ما يتحقق لانتشالهم من هذا الانحدار الذي لم يكن اللبناني يتصور يوماً انه سيصل اليه. واياً تكن الوعود فالمواطنون لا يصدقون شيئاً منها، وهم على حق، اذ لم يسبق ان تقيدت حكومة من الحكومات بما يتضمنه بيانها الوزاري الذي ليس بالنسبة الى الناس سوى موضوع انشاء حسن الديباجة فارغ المضمون، فهل تختلف الامور مع هذه الحكومة التي يمكن القول انها استثنائية، جاءت في ظروف استثنائية وبعد مخاض عسير جداً وطويل جداً، ام انها ستكون كغيرها تنشر الوعود وتعجز عن تنفيذها؟
اننا نترقب بفارغ الصبر ما سيصدر عن هذه الحكومة لمعالجة الازمات الحياتية وفي طليعتها الكهرباء ثم الكهرباء ثم الكهرباء. هذا القطاع الذي هدر اموال الخزينة وافرغها دون ان تتحقق خطوة واحدة للاصلاح، بل على العكس تراجعت الى الوراء حتى وصلنا الى العتمة الشاملة، التي لم يشهدها لبنان في تاريخه، ولا حتى الدول الاكثر فقراً، وبتنا نعتقد اننا نعيش في العصور الجاهلية. كل ذلك ولم نسمع يوماً ان احداً حاسب احداً من المسؤولين الذين تولوا قطاع الكهرباء، ولم نر احداً وراء القضبان ليشعر الناس ان في بلدهم مسؤولين يحاسبون المرتكبين. طبعاً ولن ننتظر المحاسبة من الحكومة الحالية لانها من صنع المنظومة السياسية التي اوصلت البلد الى الانهيار، وبالتالي فهي لن تحاسب نفسها.
اذا اصطلحت الكهرباء وعاد النور يضيء ليالي اللبنانيين السوداء المظلمة، واذا تحسن قطاع المحروقات واختفت طوابير الذل من امام المحطات، وتأمن الدواء للمريض وانتظم قطاع الاستشفاء بحي لا يعود حكراً على السياسيين والاغنياء فقط واذا اعتدلت الاسعار التي فاقت قدرة المواطن على تأمين لقمة العيش له ولعياله. اذا تحقق كل ذلك ولو بالحد الادنى، في فترة قصيرة، يمكن عندها منح الحكومة الثقة ولو انها من اختيار المنظومة. اما اذا بقي كلامها انشائياً بعيداً عن التحقيق فعلى لبنان السلام.
وبالمناسبة ننصح بعض الوزراء الذين يحاولون في تصريحاتهم غير المدروسة اعطاء الاوامر والدروس ان يكفوا عن هذا الاسلوب لانه لا يمشي في لبنان، بل في دول توتاليتارية، الحرية فيها مقيدة والاوامر نافذة.
كما نرجو ان يستمر العمل بالوتيرة السريعة لان الوقت ضاغط والازمات قاتلة وكلما اسرعت الحكومة في التنفيذ كلما زادت ثقة الشعب بها. كما نرجو من مجلس النواب ان تكون جلسات الثقة مقتضبة وقصيرة لتنصرف الحكومة الى العمل. فلا يترك المجال للنواب وكأنهم يخوضون معركة انتخابية. فلتكن كلماتهم قصيرة ومختصرة. الوقت للعمل فنرجو ان ينطبق القول على الفعل.
اخيراً هناك كلمة لا بد من قولها وتحذير الحكومة: بعد ايام يحصل لبنان على مليار و135 مليون دولار من صندوق النقد الدولي. هذا المبلغ يحمل الحكومة مسؤولية كبيرة اذ عليها ان تحرص على الا يتم تناتش هذا المبلغ كما عودنا البعض، وتسهر على ان ينفق كل دولار في خدمة الشعب والبلد لا في خدمة بعض المنظومة. الشعب هذه المرة سيراقب وبدقة. فهل تنجح الحكومة في حماية هذا المبلغ ولبنان الدولة والشعب بامس الحاجة اليه؟