السيسي يبلغ بينيت تأكيد مصر على حل الدولتين واعمار غزة
في محاولة لإحياء مباحثات السلام، وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ عشر سنوات، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإثنين في شرم الشيخ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. وتباحثا حول سبل وجهود إعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى «مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية».
في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عشر سنوات، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإثنين في شرم الشيخ على البحر الأحمر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في محاولة لإحياء مباحثات السلام، وفق ما أعلنت الرئاسة المصرية.
وكتب المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي على صفحته الرسمية على فايسبوك أن «اللقاء المقرر عقده بمدينة شرم الشيخ من المنتظر أن يتناول التباحث حول عدد من الموضوعات الثنائية بين الجانبين في مختلف المجالات، وكذلك سبل وجهود إعادة إحياء عملية السلام، فضلا عن مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية».
وأكد السيسي، وفق المتحدث باسمه، «دعم مصر لجميع جهود تحقيق السلام الشامل بالشرق الأوسط، استناداً إلى حل الدولتين وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية».
وأشار الرئيس المصري إلى ضرورة «دعم المجتمع الدولي جهود مصر لإعادة الإعمار بالمناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا سيما مع تحركات مصر المتواصلة لتخفيف حدة التوتر بين الجانبين بالضفة الغربية وقطاع غزة».
وأوضح راضي أن الاجتماع ضم إلى السيسي وبينيت، وزير الخارجية ورئيس المخابرات المصريين سامح شكري وعباس كامل. كذلك شارك فيه من الجانب الإسرائيلي «آيال هولاتا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والفريق أول آلي جيل السكرتير العسكري لرئيس الوزراء والسيدة شيمريت مائير كبيرة المستشارين».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في طريق العودة إلى إسرائيل إنه تمت مناقشة «القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والسبل لتعميق العلاقات وتعزيز مصالح بلدينا»، إضافة إلى «الاستقرار الأمني في قطاع غزة وإيجاد حل للأسرى والمفقودين (الإسرائيليين)» بحسب بيان صادر عن مكتبه.
أهمية الدور المصري
وأدت القاهرة دوراً حيوياً في أيار (مايو) عندما نجحت في التوسط لوقف إطلاق النار العنيف الذي استمر لمدة 11 يوماً بين إسرائيل وحماس ونتجت عنه أضرار بالغة بقطاع غزة المحاصر.
وللتذكير، تأتي محادثات السيسي وبينت فيما ذكّر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الأحد بأهمية الدور المصري في معرض طرحه خطة لتنمية غزة تستهدف تحسين حياة المواطنين في القطاع مقابل أمن إسرائيل.
وقال لابيد: «لن يحدث ذلك بدون دعم وانخراط شركائنا المصريين، وبدون قدرتهم على التحدث مع جميع الأطراف المعنيين».
ومنذ عام 1979، ترتبط مصر باتفاق سلام مع إسرائيل وغالباً ما تقوم بوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعلى الرغم من دعم القاهرة للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إلا أنها تعمل دائماً على التقريب بين الفصائل الفلسطينية باستضافتها جولات حوار بين حركتي حماس وفتح.
وقبل عشرة أيام، استقبل السيسي نظيريه الفلسطيني والأردني لبحث تطور الأوضاع في القدس.
وصرح نائل شامة المحلل السياسي المقيم في القاهرة بأن زيارة بينيت تعد «خطوة هامة في ظل تنامي العلاقات الأمنية والاقتصادية بين البلدين وقلقهما المتبادل بشأن الأوضاع في غزة».
وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية أن الزيارة تأتي أيضاً في إطار «خطط مصر لإحياء المحادثات السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
تعاون في الأمن والطاقة
تتعاون مصر مع إسرائيل في المجال الأمني وفي مجال الطاقة.
ففي 2019، قال السيسي خلال مقابلة في برنامج «60 دقيقة» الأميركي، إن الجيش المصري يعمل بالتنسيق مع إسرائيل ضد «الإرهابيين» في سيناء شمال شرق البلاد، واصفاً هذا التعاون بأنه «الأقرب» على الإطلاق بين البلدين.
استعادت مصر سيادتها على شبه جزيرة سيناء بعد إبرامها اتفاق سلام مع إسرائيل التي كانت تحتلها منذ عام 1967، بشرط أن تكون منطقة منزوعة السلاح بين البلدين.
إلا أنه منذ عام 2013، تواجه مصر تصعيداً في أنشطة الجهاديين الذين يطلق عليهم الجيش المصري اسم «تكفيريين» ومن بينهم الفرع المصري لتنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال ووسط سيناء، خصوصاً بعد إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي في أعقاب احتجاجات شعبية حاشدة ضد حكمه.
وتقوم القوات المصرية منذ شباط (فبراير) 2018 بحملة واسعة ضد مجموعات مسلحة ومتطرفة في المنطقة، وفي مناطق أخرى من البلاد.
ووصل حد التطور في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى قيام مصر العام الماضي باستيراد الغاز الطبيعي، لأول مرة، من إسرائيل لإعادة تسييله وتصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق لمدة 15عاماً بقيمة 15 مليار دولار.
وللإشارة، سبق أن اشترت إسرائيل الغاز من مصر لكن الأنابيب البرية استُهدفت مراراً بهجمات نفذتها جماعات إسلامية متطرفة في سيناء في 2011 و2012.
ويرجع الاجتماع الأخير بين رئيس مصري ورئيس وزراء إسرائيلي إلى عام 2011، عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو بالرئيس المصري الراحل حسني مبارك في مدينة شرم الشيخ، قبل شهر تقريباً من اطاحته.
«رسالة» إلى الإدارة الأميركية
ومن جانبه، يرى شامة أن زيارة بينيت، الذي تولى منصبه في حزيران (يونيو) هي جزء من «علاقة العمل الطويلة» التي أبقى عليها السيسي مع نتانياهو.
وتعتزم القاهرة بموجب هذه الزيارة، بحسب ما يرى شامة، «أن تبعث برسالة مرة أخرى لإدارة (الرئيس الأميركي) جو بايدن عن دورها الذي لا غنى عنه في استقرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي».
وتعتبر مصر وجارتها إسرائيل من الحلفاء الرئيسيين لواشنطن في المنطقة ومن المستفيدين الكبار من المساعدات العسكرية الأميركية.
ويرجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل أن أهمية الزيارة تتركز في محاولة مصر التوسط لدفع الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، «خصوصاً في ظل تشدد رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي فهو لا يؤمن بأي مسار سياسي مع الفلسطينيين ولا يؤيد حل الدولتين».
وعلى المستوى الشعبي، فإن عداء المصريين لإسرائيل القائم منذ الخمسينيات ورفض تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، ربما يكون قد تغير بعض الشيء منذ صيف عام 2020 بعد أن قامت أربع دول عربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
كانت الإمارات العام الماضي أول دولة خليجية توقع اتفاقا لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، قبل أن تحذو حذوها البحرين ثم المغرب والسودان.
فرانس24/ أ ف ب